الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

كل عام ونحن كما نستحق


مع قليل من النبيذ وكثير من المحبة نحاول تجاوز آلام عام جديد من الخيبة ونعد أنفسنا للعبور إلى عام آخر لا ينذر بما هو أفضل، لكنا مع ذلك نأمل، ونستمر. كل عام ونحن كما نستحقّ ونكسب.


الأحد، 1 ديسمبر 2013

عناوين


إن كنتم ثائرين لا محالة، وكنتم مصرّين على مواجهة المستحيل رغبة في مستقبل أفضل قد لا ترونه لكنكم تسعون لتمهيد الطريق له بتضحياتكم، فكونوا عنوانين ساطعة للحقيقة والمحبة في هذه الغابات الممتلئة بالأكاذيب والأحقاد، وليكن همّكم الوحيد فيها تحرير الفكر من أية سلطة للأوهام، وكونوا أنتم أحد هذه الأوهام لكي لا يتعلّق الناس بكم فتكن لكم عليهم سلطة لا تنبغي إلا لضمائرهم. كونوا رسل تحرير حقيقي لا أنبياء عبودية جديدة. كونوا هكذا ليبقى الأمل، ولتبقى أياديكم بيضاء، وتكتسب الحياة معناً جديداً من خلال العطاء، فالثائر لا يأخذ.


السبت، 23 نوفمبر 2013

أين أنتم؟

يؤكد الإسلاميون أنهم سيحترمون حقوق الجميع، بمن فيهم الأقليات والتيارات العلمانية، في دولتهم المنشودة، لكن ممارساتهم على الأرض حتى اللحظة لا تبشّر بالخير. فداعش ليست وحدها المسؤولة عن ممارسات الهمجية في المناطق المحررة باسم تطبيق شرع الله. ولعل إقدام الجماعات الإسلامية على طرح برامج واضحة فيما يتعلّق بالطريقة التي ينوون من خلالها التعامل مع "الآخرين" يساهم في إطلاق حوار جدي ما حول طبيعة الترتيبات المستقبلية، الأمر الذي قد يساهم بدوره في التوصّل إلى توافقات أكثر براجماتية يمكن لها أن تلقى قبولاً أكبر من الشرائح الأوسع للناس.






  
رسالة من ناشط علماني إلى المجموعات الإسلامية 

عندما يدعو العلمانيون إلى فصل الدين عن الدولة ينبري الإسلاميون للإعتراض وبحدة على هذا الطرح مؤكّدين على أن الإسلام دين ودولة وعلى وجود دور كبير للإسلام في السياسة، فأين هم الإسلاميون من العمل السياسي اليوم؟ الكلام هنا بالتحديد عن التيارات الإسلامية في سوريا، فباستثناء نشاطات الإخوان المسلمين لا يوجد نشاط آخر يُذكر للإسلاميين على الساحة السياسية، إلا من خلال بعض الشخصيات المستقلّة، وهذا بالطبع لا يكفي للتعويض عن النقص في تمثيل التيارات الإسلامية الفاعلة على الأرض، عسكرياً على الأقل، وهي في معظمها سلفية الطابع ولبعضها خلافاتها العميقة مع حركة الإخوان، وقد لا يشكّل قبولها لدعم الإخوان المادي لها في هذه المرحلة أكثر من خيار تكتيكي عابر لا يبدو أن بوسعه أن يشكّل نواة لعلاقة تعاون وشراكة استراتيجية حقيقية في مستقبل الأيام.

ولا يكفي التذرّع هنا باستمرار العمليات العسكرية على الأرض لتبرير غياب هذه القوى عن الساحة السياسية، ولا يمثّل تشكيل هذه القوى لتحالفاتها الخاصة وتأكيدها على أنها تسعى إلى بناء دولة إسلامية تلتزم بتطبيق الشريعة برنامجاً سياسياً فعلياً، فمثل هذه التحرّكات لا تزيد عن كونها إعلاناً عابراً عن النوايا. أما العمل السياسي فيتطلّب وضع برامج تفصيلية وطرحها من خلال شخصيات سياسية تتناسب رؤيتها مع رؤية هذه القوى والمجموعات. 

ويشكّل إصرار هذه المجموعات على مقاطعة العملية السياسية بتفاصيلها أمراً إشكالياً خاصة مع رفضها الاعتراف بالإئتلاف كممثل شرعي لها ولبرامجها، علاوة على رفضها القاطع المشاركة في مؤتمر جنيف ٢، رابطين كل ما يجري على الساحة السياسية بموافقة وتأييد من هم على الأرض، لأنهم من منظور هذه المجموعات، الممثل الشرعي الوحيد الممكن والمقبول للثورة. لكنّ الشرعية هذه الأيام لا تكتسب فقط من خلال التحصّل على تأييد شرائح معينة في الداخل وفرض سلطة الأمر الواقع على شرائح أخرى فيه، بل تتطلّب أيضاً موافقة دولية تسمح بإقامة علاقات تعاون ما مع المجتمع الدولي قد يكون لها طابع إنساني وعسكري في هذه المرحلة، وطابع دبلوماسي وتجاري في مرحلة تالية. فهناك دائماً بعد خارجي لشرعية الدول والمجموعات لا يمكن التعامل معه واحتوائه إلا من خلال النشاط السياسي خارج أطر الهيئات والمحاكم الشرعية التي تمّ تشكيلها من قبل المجموعات المختلفة، وخارج نطاق تقديم الخدمات للمجتمعات المحلية. 

ولا يعني كون هذه المجموعات إسلامية التوجّه أن المجتمع الدولي سيرفضها بالضرورة، كما يظنّ أصحابها أو يدّعوا، فهذا المجتمع يقيم علاقات دبلوماسية وتجارية يمكن وصفها بالطبيعية في معظم الأحوال مع كل الدول التي تعرّف عن نفسها دستورياً بأنها دول إسلامية، ومنها إيران والسعودية والسودان وماليزيا، وغيرها. فلا تنحصر إذاً مشكلة المجتمع الدولي مع هذه القوى في إيديولوجياتها وعقائدها السياسية بقدر ما تنبع من نأيها المستمر عن العمل السياسي، بل واحتقاره أيضاً. لكنّ المجموعات المسلّحة التي تنأى بنفسها عن السياسة تبدو غالباً وكأنّها تعلن الحرب على المجتمع الدولي بأعرافه، وهو أمر قد يناسب مجموعات كتنظيم القاعدة مثلاً، لكن هل يناسب هذه التشكيلات الإسلامية أيضاً التي غالباً ما تدّعي أنها تعارض القاعدة؟ فإن كان الأمر كذلك، فلم تتوقّع هذه المجموعات أن يهتمّ المجتمع الدولي بمعاناتها ومطالبها؟ من ناحية أخرى، يخطئ كل من يعتقد أن بوسعه تحصيل كل ما يريد ووفقاً للجدول الزمني الذي يناسبه من خلال العمل السياسي وحده خاصّة في زمن الثورات والصراعات. لكن، حتى في حال حسمت الأمور عسكرياً ضد النظام تبقى السياسة بتنازلاتها ومساوماتها ضرورة في سوريا، نظراً للتنوّع الإثني والمناطقي فيها وتعدّد الجهات الإقليمية والدولية  المساهمة في تشكيل الأوضاع الراهنة. ولا تعني طبيعة العمل السياسي أن لا تضع الأطراف شروطاً وحدوداً وضوابط لمشاركتها، لكن عليها في خاتم المطاف أن تشارك، وأن تتنازل، وربما كان هذا الأمر الأخير هو الإشكال الحقيقي الذي يواجه الجماعات الإسلامية، لأن التنازلات عندها غالباً ما تأخذ بعداً عقائدياً ممّا يعقّد التداولات بشأنها ويصل حدّ التكافر، لكن الأطراف التي لا تعرف كيف ومتى تتنازل لا يمكنها أن تشارك في إدارة الدول، وبالتالي لا يمكن للمجتمع الدولي أن يراهن عليها ويعترف بها. 

لذا، وإذا كانت القوى الإسلامية الفاعلة على الساحة السورية الداخلية تسعى ليكون لها دور حقيقي في تشكيل مستقبل سوريا فهي بحاجة للانخراط في العملية السياسية وبشكل جدّي وفعّال، الآن وليس غداً. بل من الأفضل لها أن تطالب بإرسال ممثّلين لها إلى مؤتمرات مثل جنيف ٢ عوضاً عن مقاطعته، فأي طريقة أنجع لمحاربة المؤامرات المزعومة من المشاركة في تلك العمليات السياسية التي نتخوّف من استخدامها كمنصّة لتفعيل هذه المؤمرات؟ 


وفي الواقع، لقد بات من الضرورة بمكان للقوى الإسلامية الفاعلة في الداخل السوري، خاصة بعد تشكيلها لتحالفاتها العسكرية الخاصّة، أن تشكّل لها جسداً سياسياً أيضاً يمثلها على الساحة الداخلية والدولية، وسيتطلّب منها هذا الأمر إجراء بعض التقاربات والتسويات مع القوى الثورية الأخرى، إن عاجلاً أو آجلاً. فإن كان ابتعادها عن العمل السياسي في هذه المرحلة خيار مدروس تحاول من خلاله تجنّب التعامل مع القوى الأخرى على الساحة الداخلية رغبة في انهاكها والامتناع عن تقديم أية تنازلات لها في هذه المرحلة، فربما آن الأوان لمراجعة الحسابات هنا، لأن هذه القوى قد لا تكون غافلة عما يجري وقد يدفعها هذا التعنّت إلى الانخراط في عمليات سياسية تهدف إلى مقاومة وعزل هذه المجموعات الإسلامية، مهما بدا هذا الأمر صعب المنال في هذه المرحلة، وبالتالي ستتحوّل مخاوف هذ المجموعات من المؤامرات إلى نبوءة ذاتية التحقيق، فمن يخاف من الشيء غالباً ما يلقاه. 

والواقع أن مشاركة جميع التيارات والمجموعات الفاعلة على الساحة العسكرية والسياسية الثورية في مؤتمرات مثل جنيف ٢ سيقوّي موقف الثوار في العملية التفاوضية، إذ لن يكون بوسع ممثّلي النظام والجهات الإقليمية والدولية الداعمة له في هذه الحال أن يدّعوا أن الطرف الآخر غير قادر على الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات على الأرض، وسيكون بوسع المعارضة في هذه الحالة أن تصرّ على تحقيق مطالبها بحدودها القصوى. 

وقد يتساؤل البعض هنا: لماذا تدعو شخصية علمانية لمشاركة التجمّعات الإسلامية الأكثر تشدّدا في العمل السياسي وتقدّم النصح لها؟ هناك سببان رئيسيان لذلك: 

أولاً، إن عودة الاستقرار إلى سوريا، وهو التحدّي الذي لابد له أن يكون من أولوياتنا في هذه المرحلة نظراً للظروف الإنسانية الصعبة التي تمرّ بها شرائح واسعة من شعبنا، تتطلّب قدراً هائلاً من التنظيم وتستلزم مشاركة معظم القوى الفاعلة على الساحة، بصرف النظر عن انتماءاتها الإيديولوجية، لكي لا نتورّط في صراعات داخلية جديدة علاوة على صراعنا الحالي مع النظام والقاعدة. 

ثانياً، قد تؤدّي المشاركة في العمل السياسي مع الزمن إلى التقليل من تشنّج وتشدّد هذه التيارات الإسلامية وتفتح مجالاً ما للمناورة يمكن من خلاله للقوى العلمانية، في حال نجحت في تنظيم صفوفها والاتفاق على بعض المبادئ والأولويات الأساسية لها، أن تتحصّل على بعض الضمانات الاجتماعية والسياسية للمرحلة القادمة تمكّنها من الحفاظ على وجودها وعلى الاستمرار في المشاركة في العمل الثوري والسياسي في الوقت الراهن، وعلى المشاركة مستقبلياً في عملية إعادة البناء في كل المناطق السورية. 


وفي الواقع لا يوجد الكثير من الخيارات أمام القوى العلمانية في هذه المرحلة، نظراً لتخاذل المجتمع الدولي في دعمها، وتنحصر خياراتها في هذه المرحلة في واحد من ثلاث:

١) التوصّل إلى صيغة مقبولة للتعامل والتعايش مع القوى الإسلامية، ٢) العودة إلى كنف النظام، أو ٣) الهجرة. 

ومن الواضح في هذه المرحلة أن التيارات العلمانية التي اختارت الانضمام إلى الإئتلاف أو التنسيق معه إنما تسعى إلى التوصّل إلى تسوية ما مع التيارات الإسلامية تسمح لها بالحفاظ على وجودها وبالاستمرار في العمل الثوري في آن، ويمكن تسميتها هنا بالقوى العلمانية الثورية. أما هيئة التنسيق، وغيرها من تجمّعات المعارضة العلمانية التقليدية، فمن الواضح منذ البداية أن أصحابها يفضّلون العمل في ظلّ النظام بصرف النظر عن جرائمه، قانعين بالفتات الذي بوسعهم التحصّل عليه بين الحين والآخر. وفي هذه الأثناء تستمرّ عملية الاستنزاف للقوى العلمانية من خلال الهجرة، وقد تكون الهجرة هي الحلّ الذي تريده معظم القوى الإسلامية والنظام ذاته للقوى العلمانية الثورية لإصرارها على المشاركة في صنع القرار وعدم اكتفائها بدور هامشي وتجميلي. لكن المشكلة في ترحيل هذه القوى عن الساحة أنها قد تأخذ معها إمكانية التحصّل على الشرعية الدولية أيضاً، على الأقل لسنين طويلة. ولقد لاحظنا كيف أثّر تغييب الشخصيات الليبرالية بالذات من العمل المعارض سلباً على قدرة المعارضة السورية في التواصل مع المجتمع الدولي وخصوصاً الدول الغربية منذ بداية الثورة وحتى اللحظة. 

إن التغييب والتسويف لا يخدم قوى المعارضة، لا الإسلامية منها ولا العلمانية، خاصّة في ظلّ ذبذبة المجتمع الدولي فيما يتعلّق بالرهان عليها. والأهمّ من ذلك أن الغرب بالذات كان يبحث ومنذ بداية الثورة عن شخصيات قيادية يمكنه التواصل معها بشكل مباشر ويمكن للمعارضة أن تتمحور حولها، لكنه لم يجد مبتغاه في أي من الشخصيات التي فرضت نفسها على الساحة. أين المشكلة هنا؟ هل هي في الأشخاص؟ في الثقافة العامة؟ في سياسة تفريغ المعارضة التي اتبعها النظام عبر العقود الماضية؟ أم هل يمكن إلقاء معظم اللوم على سياسات الشحن الطائفي الذي دأب النظام على الارتكاس إليها والتي ما زالت تجد لها أصدائها العميقة في صفوف الموالاة والمعارضة على حدّ سواء؟  الإجابات غير واضحة في هذه المرحلة. لكن مفتاح الحلّ في سوريا يكمن إلى حد بعيد في إيجاد هذه الإجابات، علاوة على تمكّن المعارضة من تنظيم صفوفها والعمل بالتوازي على جميع الأصعدة: العسكرية، السياسية، الإدارية والإعلامية، وهو ما يقوم به النظام منذ اللحظة الأولى، في حين تصرّ المعارضة بجميع تياراتها وقواها على التسويف. أما آن أوان انتهاء فترة المراهقة السياسية هذه؟ متى ستنضج المعارضة وتفرز قادة حقيقيين وفاعلين؟


الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

العدالة والموت


المر في الحياة أن لا عقاب لمعظم ما يُرتكب من جرائم، ولا ثواب لمعظم الفِعال النابعة عن المحبة والهادفة للخير. لذا يتخيل الكثير منا أن للحياة امتداد ما بعد الموت تتحقق فيه العدالة، لكنا، وليكون لحياتنا ووجودنا معنى وقيمة، بحاجة لتحقيق العدالة هاهنا والآن. إذ لا يمكن لسلام أن يتجلى في أنفسنا ومجتمعاتنا طالما بقيت العدالة مؤجلة. وفي الواقع، يمثل تحقيق العدالة في الهنا والآن الحلم/الأمل/الهدف/المشروع الذي يستحق أن تتضافر كل الجهود من أجله. ولاينبغي على من يناضل صادقاً ومخلصاً من أجل تحقيق العدالة والسلام أن يشغل نفسه كثيراً بمسألة "ما بعد الموت" لأن نضاله يطهره، وهو في آن جنته وجحيمه، نقمته ونعيمه، ويكفيه أن يجد في الموت راحته المفقودة منذ الولادة.


السبت، 16 نوفمبر 2013

البوح


لا دواء لعجز الكلمات، فما كل شيء في حياتنا قابل للاختزال في كلمة. لكن البوح لا يعوّل على الكلام وحده، وقد يكون كل ما نفعل في حياتنا بوح في بوح، بل قد تكون حياتنا نفسها بوح متواصل نستودعه غياهب الكون. لا دواء لعجز الكلمات، لكن، لا دواء للبوح أيضاً، نحن محكومون بالبوح.


الخميس، 14 نوفمبر 2013

السرب

تصوير عمار عبد الحميد

* لست أدري إن كنت قد ولدت خارج السرب أو نفيت إلى هناك لاحقاً، لكني مازلت أرفض التحليق بعيداً عنه في هذه المرحلة، مع مافي ذلك من أسر بالنسبة لي، لأنه ماتزال عندي رغبة في التأثير فيه، في تفاعلاته، في صيروراته. أهي بقايا الانتماء التي تدفعني لذلك، أم هي الرغبة في الانتماء ذاتها لأني لم أنتمِ إلى السرب يوماً؟ لست أدري.

* لافرق بين مسايرة القدر ومعاندته أحياناً، فالفعل المطلوب في كلتا الحالتين هو ذاته: الاستمرار.

* أخلع الحقد عني وأمضي، لا تليق بي الأسمال، ولا أخجل من عري روحي مهما شاخت وترهّلت.


الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

النخبة


عندما تعيش في مجتمع لا يَصْدِقُ فيه الفنّانون فنّهم ولا المفكّرون فكرهم، إعلم إذاً أنّك تعيش في مجتمع يحكمه الخوف والحقد، مجتمع راسخ في الماضي ويخشى المستقبل حدّ القتل. لن يصلح هذا المجتمع إلا خرابه، ولن يتآمر على هذا المجتمع إلا أصحابه.


الاثنين، 11 نوفمبر 2013

النصر


* صراعي الدائم مع نفسي يضنيني ويحرّرني في آن، أخشى إن انتصر أحدنا على الآخر أن ينتفي بذلك معنى وجودنا وغايته. اللهم، كائناً من كنت، جنّبني هذا النصر المزعوم، أو قِنِي ويلاته، فنصر كهذا يضع حدّاً للتساؤلات يجلب موتاً لا سلاماً. السلام الحقيقي لا ينهي الصراعات بل يأطّرها فقط.

* لا تأتي راحة البال من غياب الشكّ بل من تقبّله.


الأحد، 10 نوفمبر 2013

الواقع


* الواثق لا يحقد، والعارف لا يتردّد، والمؤمن لا يبرّر.

* اليقين كفن، والخوف تابوت، والوهم قبر عميق لا قرار له.

* أقبل بالواقع لكني لا أرضخ له، ولا يشكّل بالنسبة لي إلّا نقطة انطلاق نحو العمل: لتغييره إن كان مرّاً، ولتكريسه إن كان يتناسب مع آمالي وطموحاتي وإنسانيتي.


السبت، 9 نوفمبر 2013

الخوف


* لا، لايخشى البشر الظلام بقدر ما يخشون النور، لأنهم نشأوا في رحم الظلام ومن ثمّ أخرجوا إلى النور مكرهين.

* يجبر الخوف البعض على حصر خياراتهم في تحديد هوية المستعبِد المقبول لهم، وما أن ينصاعوا له حتى يجبرهم على تقديس هذا المستعبِد والقتل باسمه. تُرى، أيّ صحوة ستأتي بعد سكرة هذا الخوف؟

* هاهي البشرية تقتات على نفسها من جديد، وهاهم الواهمون والخائفون في كل مكان يتراقصون على ألحان الموت القادم مسعوراً، لا مبالياً، أحمق كمثلهم حتى الصميم.

* من الفطنة أن يحذر المرء كلّ من حاول إقناعه بالشيء عن طريق التلاعب بمخاوفه، فالترويع أداة استعباد.


الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

السكارى


* الخائف عبد طيّع ليّن كالصلصال، بوسع كلّ متلاعب أن يصنع منه ما يشاء: قاتل، سارق، جلّاد، كلّ شيء تقريباً ما خلا إنسان. فالإنسان في الخائف يموت مع أول انصياع لأمر، ولن يُبعث من جديد إلّا مع صحوة ضمير. لكن، هل تصحو ضمائر الخائفين؟ ألا ينبغي أن ينتفي الخوف أولاً؟

* متى يحدث الأمر؟ عندما تصحو ضمائر الخائفين... تعبير يراد به الإشارة إلى استحالة الشيء.

* ترى البعض تائهين كالسكارى في غياب الشعارات، فهذه الأمور بالنسبة لهم ليست مجرّد معالم على الطريق بل غالباً ما تكون هي الوجهة والمحجّ. هذا هو التجلّي الحقيقي لثقافة الاستهلاك في مجتمعاتنا: التجلّي الذي يسمح للمرء باستهلاك نفسه وهو يتنقّل من شعار لآخر ظانّاً أنه يبحث عن الحقيقة، وعن نفسه، لكنه في الواقع مجرّد دمية يتلاعب بها واضعي الشعارات ويستخدموها لتنفيذ أغراضهم. إذا كان لابد من الشعارات في الحياة، فصُغ شعارك بنفسك ثم كُن هذا الشعار لتكن حرّاً.


السبت، 2 نوفمبر 2013

الموت


مابوسعنا تصوّر الموت أو إدراك كنهه، لذا ترانا نصرّ على النظر إليه كمجرّد معبر أو نفق يمضي بنا إلى حياة جديدة لا نلبث أن نسقط عليها مخاوفنا وأمانينا، ومن ثم نتشبثّ بها ونحوّلها إلى يقين نمحور حوله حياتنا الحقيقية. لكن، وبعد كل هذه الآلاف من السنين من الخبرات الإنسانية المتراكمة، ربّما أصبح لزاماً علينا تقبّل فكرة كون الموت مجرّد تجربة علينا أن نمرّ بها فرادى، وأنها، لمن لم يخضها بعد، لا تشكّل أكثر من حدث عابر يستوجب القبول وربما بعض الخشوع، لا أكثر: فلان من الناس مات، فلنتذكّر حسناته، ولندارِ سيئاته، ولنتعلّم كل ما بوسعنا تعلّمه من تجربته في العيش، ولنمضِ نحسّن هذه الحياة ونعتني بها، فهي الحقيقة الوحيدة الموجودة بين أيدينا لا شكّ فيها، وكل ما سواها لا يزيد عن كونه افتراضات وأوهام.


الخميس، 31 أكتوبر 2013

الفوضى


* بعد عصر التفاؤل والصلف والفرص الضائعة، يأتي عصر الفوضى، هذه الفوضى التي يريدها البعض خلّاقة لتحقيق بعض المصالح، في حين لا فرق عند البعض الآخر أي نوع من الفوضى تكون طالما لم يكن لهم منها نصيب. لكن، وعلى الرغم من كل آلامه، يجلب عصر الفوضى معه أيضاً فرصاً حقيقية للزرع والبِذار، إنه عصر الكادحين بحقّ، وإن تكاثر الانتهازيون فيه كالجراد.

* يثبت التاريخ أن البشر اقتدوا بيهوذا وبلاطيوس وقابيل أكثر مما اقتدوا بالأنبياء والمخلّصين المزعومين، وذلك لأن المواقف المسندة لهؤلاء هي أقرب لما يمكن أن ينبع من إنسانيتنا المشتركة من تلك المسندة إلى الأنبياء والقديسين. إذ لا يمكننا كبشر الاقتداء فعلياً بمن هم منزّهين عن الخطأ ومعصومين عنه. لذا، على من أراد الاقتداء بأي من الأنبياء أو الشخصيات أن يحدّد أولاً زلّاته وعثراته ويتقبّل أنه كان خطّاءاً، عندها فقط سيكون بوسعه أن يتعلّم من صوابه، ويقتدي به.


الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

القدر


لا يمكن للقدر أن يهزم امرءاً عرف قدر نفسه وحقيقتها، وما جاء إصراره على تحدّي حدودها إلّا إخلاصاً لها ولإنسانيته المتوقّدة فيه والتي ترفض أن توأد تحت هياكل الخوف والوهم. يحمل هذا المرء نصره في داخله ويمضي حتى الموت، ذلك اللقاء الذي سيمثل أمامه يوماً كتتويج لا كهزيمة.


السبت، 26 أكتوبر 2013

السلام


* السلام الداخلي، كما الحكمة، بحث وصيرورة أكثر منه غاية أو وسيلة.

* لتجد سلامك الداخلي كن ضالته ولا تجعله ضالتك. واجه خوفك، انبذ وهمك، وصاحب شكّك، هكذا تجد نفسك وتفتح روحك للسلام.

* من جعل سلامه الداخلي ضالته فلن يجده، فضالة المرء نفسه، فإن وجدها، أدركه السلام.



الجمعة، 25 أكتوبر 2013

عقل وجسد


* لا تكاد هذه الأجساد البالية تفقه من نحن ومع ذلك فهي تقف لنا بالمرصاد: تشيخ وتهرم قبل أوانها فتحرمنا من الاستفادة من الخبرة الحياتية التي تراكمت فينا ومن سبر أغوار قدراتنا الكامنة التي يتطلّب اكتشافها أعماراً وليس عمراً واحداً فقط. نحن دائماً بحاجة إلى المزيد من الوقت للتواصل مع ذواتنا الحقيقية التي لا ندرك وجودها ومعناه إلّا متأخّرين، بحيث تصبح حياتنا ضياعاً في ضياع، لا نكاد ندرك ثراها حتى تفلت من بين أصابعنا. ومع ذلك كله، مازالت مسيرتنا التاريخية مسيرة تصاعدية، ربما لحكمة ما كامنة في لاوعينا المشترك.

* يقرّر العقل للوهلة الأولى أن ما من شيء يحدث قبل أوانه، لكنه سرعان ما يتدارك نفسه ويقرّ أن كلّ شيء تقريباً يحدث قبل أوانه، وإلّا ما معنى لاجهوزيتنا الدائمة للتعامل مع المتغيّرات فينا ومن حولنا؟ نعم، كلّ شيء يحدث قبل أوانه ما خلا إدراكنا العميق لجسامة المسؤوليات المناطة بنا في هذه الحياة، فهذا الإدراك لا يأتي إلا متأخّراً وغالباً بعد فوات الأوان. ولذا، تجدنا مقصّرين دائماً بحقّ أنفسنا وبحقّ العالم من حولنا: هذا هو الانعكاس الحقيقي للنقصان فينا.


الخميس، 24 أكتوبر 2013

الظروف


* الحلول الأمنية لا تعالج أية من المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمعات، ولا تحصّنها من تلاعب القوى الخارجية، ولا تحافظ على الاستقرار إلى ما لا نهاية، ولا تعيد فرضه بعدانهياره، ولا تمهّد الطريق إلى الحرية، بل إلى الكارثة وحسب، ولا تحقّق التنمية، ولا تزيد الوعي. ولا يراهن على الحلول الأمنية إلّا كلّ مفلس ومجرم وجبان.

* ما يجري اليوم في سوريا هو نتاج ظروف موضوعية وعضوية، وإن كان ثمّة تدّخلات ومؤامرات خارجية فما كان يمكن لها أن تحدث لولا هذه الظروف. ولا يمكن التوصّل إلى حلّ لمأزقنا إلّا بمواجهة هذه الظروف.

* المجتمعات غير الواعية هي بالذات المجتمعات التي تثور لأن الثورة فيها تشكّل الطريق الوحيد لتحريك الأوضاع وكسر حاجز الجمود، أما المجتمعات الواعية فلاحاجة لها للثورة لأنها تعلّمت من عصور الثورات التي مرّت بها كيف تحلّ مشاكلها وتواجه تحدّياتها من خلال العملية السياسية والحراك الشعبي السلمي.


الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

المحبة


* أنبل الغايات لا تدرك إلا بالمحبة.

* المعرفة أداة، والمحبة طريق.

* تفقد المعرفة قيمتها الحقيقية عندما لا تصحبها المحبة، وتصبح أداة للجفاء وللموت.


الفتنة


ما يعتصر الروح في زمن الفتنة هذا اصرار كل طرف على التآمر على نفسه ظاناً أنّه يكيد للطرف للآخر، فيقع ضحية لأكاذيبه ذاتها ولحقده وسوء تدبيره. وأسوأ ما في الأمر انسياق الجموع في كل طرف وراء ذات النخب والشخصيات المفلسة التي مهّدت الطريق للفتنة والتي لا تتوقّف لحظة عن استغلالها وتجييرها لخدمة مصالحها الخاصة التي لا تنسجم بأية حال مع المصلحة العامة للطرف الذي تدّعي تمثيله. لحظة واحدة من الصدق مع النفس قد تقلب المعادلة، لكن الصدق مع النفس كان ويبقى عملة نادرة في صفوفنا. المخاوف والأحقاد تبقى أقوى وأعمق من أي لحظة عابرة من الصدق. لكن الحلّ لأزمتنا يبقى مرتهناً بقدرة كلّ طرف على قلب الموائد ضد المؤجّجين الحقيقيين لهذه الأحقاد والمسعّرين الحقيقيين لهذه النيران، فهم من يجب أن يدفع الثمن، فما لم يتكفّل كل طرف بالتصدّي لشياطينه لن يتحقّق السلام وستبقى الشياطين جاثمة على صدورنا تقتات على دمائنا وتتندّر وتقهقه.


الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

أمل


* نعم، كل شيء من حولنا اليوم يوحي باليأس، ولهذا بالذات تروني مصرّاً على التفاؤل والعمل، فالاصرار في ظروف كهذه هو جوهر الإيمان الحقيقي بالنسبة لي، إنّه إيمان بإرادة الحياة الكامنة فينا وقدرتها على تحقيق المعجزات.

* إذا كان ما يزال للإيمان دور في حياتنا فهو ليعطينا العزيمة والأمل في الوقت الذي لا تلهمنا فيه الظروف الموضوعية إلّا اليأس والإحباط. ما لم يحقّق إيمانك لك ذلك لا إيمان لك ولا قضية.

* من السهل نسبياً تحمّل تبعات الهزيمة لأنّها في جوهرها استسلام للمحتوم، لكنّ التعامل مع النصر أعقد بكثير،لأنّ العمل الحقيقي لا يبدأ إلّا بعده، فتحديات ما بعد النصر تمثّل الأهداف الحقيقية للحرب أو الثورة. حقاً، لا راحة لمنتصر فعلى عاتقه تقع كلّ المسؤوليات. لذا نرى البعض يتصرّفون وكأنّهم يفضّلون الهزيمة على النصر، لأنهم ببساطة لا يحسنون إلا الاستسلام للقدر وركوب أمواجه. أما الأخذ بزمام المبادرة والعمل الخلّاق فهي نشاطات تتجاوز إمكانياتهم النفسية والفكرية.


الجمعة، 18 أكتوبر 2013

الوعي


ما بوسع المرء أن يختار أن يكون أوعى، لكن بوسعه أن يختار تحرير نفسه من سطوة الأوهام والمخاوف، وأن يواجه الحياة كما هي، وكما هو، فمن أحداث هذه المواجهة وتفاصيلها ينبثق الوعي: الوعي خبرة، وليس خياراً. ولأنه خبرة، لا يمكن استعجاله.


الاثنين، 14 أكتوبر 2013

أبناء المستقبل


* بات بعضنا أحراراً إلى درجة لم يعد بوسعهم معها التأثير بشكل مباشر في محيطهم، مهما قالوا أو فعلوا، إذ لم يعد يربطهم به شيء ما خلا بعض الاحتياجات والرغبات العابرة. لا الموروث بات يعنيهم، ولا الأعراف، ولا التقاليد. لقد أصبح الماضي بالنسبة لهم ماضياً بالفعل، ولم تعد أحقاده وتحزّباته تعنيهم بشيء، ولم يعد له أية سلطة عليهم، ولم يعد انتمائهم إلى أي شيء غير إنسانيتهم مقبولاً أو ممكناً بالنسبة لهم. لقد كسروا كل القيود، وحرّروا أنفسهم حتى من أنفسهم، ولم يعد بوسعهم العودة إلى الوراء أو حتى إلقاء نظرة عابرة على العالم الذي نبذوه وراء ظهورهم، فنبذهم. وكيف لا ينبذوه بعدما عرفوا حقيقته وخبِروا زيفه؟ وكيف لا ينبذهم وهم يتراؤن له كأشباح: مخلوقات من هيبة وألق خرجوا من نسيجه دون أن يصيبهم هلع أو برد، في وقت مايزال غيرهم فيه غرقى في مستنقعات الخوف والفاقة؟ أما هم، فحتى الحاضر بالنسبة لهم أصبح عبثاً لأن قيود الماضي فيه ما تزال ظاهرة وقوية. ولا يأتي إصرارهم على العمل في هذه المرحلة إلا من باب البِذار والتحضير لمستقبل قد لا يرونه بأعينهم لكنهم أصبحوا يعيشونه بتفاصيله اليوم. إنهم بيننا، لكنّهم لم يعودوا منّا، وإن كانوا ما يزالون بشراً فهم بالتأكيد لم يعودوا بشراً مثلنا، لأنهم أحرار بالفعل والقول والروح. إنهم في آن أبناء المستقبل وآبائه المؤسّسون. ومابوسع أحدنا أن يختار الانضمام إليهم، فالانخراط في صفوفهم ليس خياراً، بل صيرورة، وليس تفضيلاً وتشريفاً، بل تكليفاً مرهقاً، ومحنة، وعزلة. نحن نزرع ونجني، والأقدار تغربل وتجتبي. 

* لابد أن تبقى الأسئلة المتعلّقة بوجودنا مفتوحة لكي لا تتحوّل إلى قضبان لسجن جديد.

* لا أسعى من خلال كتاباتي إلى تأسيس يقين جديد بل هدم يقين قديم مازالت سطوته تخنقنا. 

* كل كلماتي أسئلة، لا أجوبة لدي. 


الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

العبثية


* تنجم عبثية الحياة أساساً عن عدم قدرتنا على تمثّل المبادئ التي ندّعي الإيمان بها عندما تتعارض مع مصالحنا ورغباتنا، وهي لذلك تمثّل القدر الذي نصنعه لأنفسنا جرّاء فشلنا المستمر في تنمية إحساس حقيقي بوحدتنا وبكوننا روح وجسد واحد في مواجهة الكون، بمجهوله ومعلومه. ويبدو واضحاً أنّا لا زلنا لا نحسن بعد كيفية التعامل مع الخوف والمجهول بشكل ينمّي فينا جميعاً الرغبة في البناء والحياة، ومازلنا نرتكس لذلك إلى غريزة البقاء التي تقف في وجههما عاجزة إلا عن العنف. هذا، فيما يبدو، سرّ إحساسنا المستمرّ بالقهر ومصدر نزيفنا الروحي الذي لا يكاد يتوقّف.

* لست أدري من أنا، أو من كنتُ، أو من سأكون، لست أنا من ينبغي عليه الإجابة على هذا السؤال، لأني أنا السؤال، أما الإجابة فتصوغها الأقدار ويتلقفها الكون.

* غريزة البقاء تحثّ بطبيعتها على تجنّب المخاطر وتفضيل الاستقرار والقبول بالواقع القائم كما هو، أما إرادة الحياة فتدفع المرء إلى المغامرة بمواجهة المخاطر رغبة فيما هو أفضل، أو حتى لمجرّد الفضول.

* البعض منا يختزل الحياة كلّها، بمعلومها ومجهولها، ببضع كلمات مقدّسة، ومن ثم يتلهّى بالموت.


الأحد، 6 أكتوبر 2013

أنا الإنسان


* أنا الإنسان، أنا السؤال الذي طرحه الكون، سهواً، على نفسه.

* لا أحبّ زراعة الشكّ، فالشكّ مرّ، لكني لم أعهد سمّاً أخطر على الإنسان وأحلى مذاقاً من اليقين. ففي مرارة الشكّ حياة، وفي حلاوة اليقين موت، فكيف لا أزرع الشكّ وأكابد مرارته؟

* أريد ذاكرة تحميني من الحقد ولا تسعّره فيَّ، ويقيناً يستقوي بيَّ لا عليَّ.

* الفرق شاسع ما بين غريزة البقاء وإرادة الحياة، فالأولى تنمّ عن الخوف وتفرز العنف والكراهية، أم الثانية فتنبع من المحبة ومن الرغبة في المعرفة وعدم الاكتفاء بالعيش في أمان الجحور، مع كل ما يمكن أن يجلبه هذا التوجّه من مخاطر. إذ تمثّل إرادة الحياة محاولة مستمرّة لتحقيق ما هو أفضل انطلاقاً من الإيمان العميق بضرورته وبإمكانية تحقيقه. ولقد أثبت التاريخ أن إرادة الحياة هي الأقوى وإلا لما تركنا العيش في الأدغال والكهوف.

* من يسعى إلى تحقيق الاستقرار وإن على حساب الحرية يخسرهما معاً، لإن الاستقرار في البيئة الظالمة صراع مؤجّل وعبودية مقنّعة.

* الشكَ أسّ الفكر، إذ لا ينبع فكر عن يقين، وكل ما كتب في اليقين وعنه ما كان إلا محاولة ملغومة بالشكّ للتهرّب من الشكّ.



الأحد، 15 سبتمبر 2013

الضياع


الإسلامي "مرسي" يسمح لسفن إيرانية أن تمر عبر قناة السويس حاملة معها أسلحة لنظام الأسد ليقمع بها ثورة شعبية يمثلها في الخارج ذات الحراك الإسلامي الذي ينتمي إليه مرسي.

علمانيو حركة تمرّد وجيش مصر بقيادة السيسي يعارضون أي ضربة أمريكية ضد نظام الأسد. الكثير من علمانيي تونس يؤمنون بأن الثورة السورية مؤامرة ضد نظام المانعة، ولا يبدون أي تعاطف مع الثوار ومطالبهم المشروعة ويتهمون من يطالب بالتدخل الدولي بالخيانة، وكأن ثورتهم نجحت دون تدخل. في حين يقوم الجهاديون الوافدون في احتفار إمارات لأنفسهم على أرضنا على حساب آمال الثوار وتطلّعاتهم الحقيقية. قيادات في حركة حماس مع الثورة، وقيادات أخرى ضد.

اليسار العالمي يقف ضد الثورة السورية وضد الضربات المحتملة ويتبنّى وجهة ظر الأسد فيما يتعلّق بالثورة، متناسياً حقوق الإنسان وتطلّعات الشعوب الشرعية لما هو أفضل...

في كل دولة، في كل مكان، في سوريا نفسها، هناك شرخ، هناك انقسام، هناك معضلة عابرة لحدود سوريا بأرضها وسمائها. أين هي الهوية المشتركة؟ أين العروبة؟ أين الإسلام؟ أين البعد الإنساني المزعوم للإشتراكية والشيوعية؟ أين الفكر الحر؟ أين النخب؟ الكل يزاود على الكل في مسألة الوطنية، والكل يخوّن الكل. لا وجود لرؤى مشتركة، لا وجود لاستراتيجيات، لا وجود لخطط إلا لبقاء البعض في السلطة أو لتصدّر المشهد الإعلامي.

نحن شعوب لا وجود لها على ساحة الحياة والحضارة لأنها حتى اللحظة لا زالت لا تفقه من هي، وليس لها بالتالي أولويات مناسبة فيما يتعلّق بما تواجهه من تحديات. من نحن؟ هل مايزال هناك أي معنى لهذا السؤال؟ يسار، يمين، شمال، جنوب، شرق، غرب، أين نحن من الإعراب؟ ما معنى كل المسمّيات التي نشأنا عليها: إسلام؟ اشتراكية؟ شيوعية؟ عروبة؟ مقاومة؟ وحدة؟ وطن؟ لماذا لا يجلب لنا الناطقون بهذه المسميات إلا الدمار ولماذا نستمر بالإصغاء إليهم والانصياع لهم؟ أين المشكلة: فيهم؟ فينا؟ في المسمّيات نفسها؟ فينا جميعاً؟ كيف نحدّد المشكلة، هل سنتمكّن يوماً من تحديد ماهية المشكلة لنعرف كيف نحدّد الحل؟ هل من خلاص؟

وهاهو الغرب بقادته يثبت لنا اليوم أن الأزمة أعمق مما نتصوّر؟ فالغرب نفسه بات لايعرف ما موقعه من الإعراب. تعب الغرب من التصدّر والقيادة بعد أن سعى إليهما بشقّ الأنفس، أنفسنا خاصّة.

إلى أين نمضي هكذا كالعميان؟ وإلى متى هذا التخبّط؟ 


الخميس، 12 سبتمبر 2013

المعارض عمار عبد الحميد لـ"النهار": الخطة الروسية لن تنجح دون وضع حد للصراع


رأى المعارض السوري والناشط الحقوقي المقيم في واشنطن عمار عبد الحميد أنه "ونظراً لوجود عشرات من المواقع المكرسة لتصنيع وتخزين الأسلحة الكيميائية المنتشرة في جميع أنحاء سوريا ولتعقيد عملية تفكيك هذه الأسلحة، سيتطلب تنفيذ الخطة الروسية سنوات طويلة من العمل، وهو عمل لا يمكن أن يجري ما لم يتوفر حد أدنى من الأمان والإستقرار".

وقال عبد الحميد لـ"النهار" أن "أي نجاح للخطة الروسية يتطلّب وضع حد للصراع أولاً، وهذا يعيدنا إلى نقطة البداية بسؤالها الأساسي وهو: كيف يمكن إنهاء الصراع، وهنا لا يسعنا إلا العودة إلى خطة أوباما التي تقتضي القيام بضربات محدودة ضد نظام الأسد مع دعم محدود لبعض الكتائب المسلحة لتجهيز الأرضية لعملية سياسية جدية في جنيف، وهي خطة يبدو أن أوباما قد تخلّى عنها".

ورداً على سؤال حول دور المعارضة الضعيف في التطورات المتلاحقة، إعتبر عبد الحميد: "لا يبدو أن هناك أي دواء لحالة الشرذمة وضيق الأفق التي تعاني منها المعارضة، وستبقى مجموعاتها المختلفة مرتهنة لقوى مختلفة، وبالتالي ستبقى غير قادرة على تحقيق الحد الأدنى من الاتفاق، ولن يكون لها رأي يعتد به في أي من هذه التطورات".

وأضاف : "ما بين رعونة بوتين وتخاذل أوباما وتشرذم المعارضة نجد أنفسنا أمام دوامة هائلة من التخبط والموت... نحن نشهد بالفعل نهاية وطن، ما لم تحدث معجزة".


الاثنين، 22 يوليو 2013

الصراع في سوريا: نظرة على الموالاة وما وراء المواقف المعلنة


يتكلّم الكثير من الموالين لنظام الأسد منذ انطلاقة الثورة السورية عن مؤامرة "الفوضى الخلاقة" التي يرون أنها المحرّك الأساسي لظاهرة الربيع العربي، الظاهرة التي تهدف، في رأيهم، إلى فرض تقسيمات جديدة على المنطقة كما حدث جراء معاهدة "سايكس-بيكو" في القرن الماضي. لكن، وبعد سنتين من القمع الممنهج وما نجم عنه من قتل وتدمير للبنى التحتية في البلاد وتهجير للسكان وتغيير للطابع الديمغرافي لنواحي ومدن بأسرها، بات واضحاً أن الأسد ومواليه يخدمون قضية الفوضى الخلاقة أكثر من أية قوة أخرى على الأرض، بما في ذلك القاعدة نفسها. إذ تساهم طريقة نظام الأسد وحلفائه بالتعامل مع المؤامرة المتوهمة في مساعدتها على تحقيق أهدافها المزعومة، فأي فوضى أكثر من تلك التي أفرزها قمعهم؟ ففي حال سلّمنا بوجود المؤامرة، من الواضح أن مهندسيها كانوا يتوقّعون تماماً، بل يعوّلون، على طريقة الأسد في التعامل مع الثورة والثوار، وعلى حالة المترسة الطائفية والإثنية التي نراها في البلاد اليوم، خاصة في صفوف الموالاة. تماماً كما كانوا يعوّلون على ضعف وتخبّط المعارضة.

لكن الحديث عن مؤامرات هنا إنما يشير إلى استمرار حالة انعدام الرؤية الموجود على الساحة السياسية والفكرية للمعارضة السورية، لأن ما يجري في سوريا والمنطقة اليوم جاء في الحقيقة نتيجة عوامل موضوعية داخلية واضحة، منها الانفجار السكاني، اللاعدالة في توزيع الموارد على المناطق والفئات المختلفة، البطالة، ضعف التنمية، عدم أهلية المؤسّسات الحاكمة على التعامل مع هذه التحديات بسبب اعتمادها سياسة الولاءات لا الكفاءات في التعيين، استخدام الأنظمة الحاكمة لسياسات تفتيتية لتكريس سيطرتها على شعوبها، تزايد حدة الصراع الإقليمي بين الدول الفاعلة في المنطقة، خاصة السعودية وإيران، إلى آخره من عوامل. لم يكن من الصعب على مجموعة من المحلّلين الموضوعيين أن يخلصوا بناءاً على ذلك كله إلى أن عصر الثورات والفوضى في المنطقة قادم لا محالة، وليس من المستغرب في هذه الحال أن يقوم المحلّلون الغربيون منهم على وجه التحديد بطرح فكرة "الفوضى الخلاقة" كوسيلة للتعامل مع هذه الثورات ومع الأزمات الناجمة عنها لتحقيق مصالح دولهم المعتادة والمتعلّقة بتأمين منابع الطاقة ومكافحة الإرهاب. لكن الدلائل المتراكمة على الأرض اليوم تشير إلى أن طريقة الحكومات الغربية الحالية في التعامل مع التطورات لا تنسجم، على المدى المتوسط والطويل على الأقل، مع تحقيق هذه المصالح، خاصة فيما يتعلّق بمكافحة الإرهاب، فوضع السيناريوهات شيء وتنفيذها شي آخر تماماً، خاصة في ظل التغير المستمر للقيادات السياسية وللظروف الاجتماعية والاقتصادية في الدول الغربية.

القصة ليست قصة مؤامرات إذاً. ففي الواقع، يدرك الكثير من مثقفي الموالاة تماماً حماقة الإدعاءات المتعلّقة بالمؤامرة الكونية التي ما انفكّت وسائل إعلام  النظام تتحدّث عنها، ومع ذلك لن يتوقف هؤلاء المثقفين عن ترديدها الببغائي لأن المشكلة معهم تتلخّص في أن رؤيتهم الإيديولوجية للأمور، هذه الرؤية التي كانت لخلفياتهم الطائفية والمناطقية والعشائرية والاجتماعية دور كبير إن لم نقل الدور الأكبر في صياغتها، علاوة على مصالح بعضهم المادية، جعلتهم غير مستعدين على الإطلاق لقبول فكرة التغيير السياسي في البلاد، إن في هذه المرحلة أو في المستقبل المنظور، لذا نراهم وقد اختاروا أن يكونوا مشاركين طوعيين في الترويج للنظام وأكاذيبه.

فبالنسبة لهؤلاء المثقفين المسألة مسألة وجود أولاً، وما يزال هذا الوجود في رأيهم مرتبط ببقاء نظام الأسد كما هو. وإذا كان لابد من التغيير، فهم يرون أن التغيير الممكن الوحيد الذي بوسعه ضمان سلامتهم ومصالحهم لايمكن أن يأتي إلا من القمة، وهم من خلال دفاعهم عن النظام ربما يأملون في المساهمة في إدارة هذا التغيير في المستقبل. لكن، وفي هذه المرحلة بالذات، لايهمهم على الإطلاق حجم الجرائم التي يرتكبها الأسد وزلمه، ولا فرق عندهم إذا ما كانوا يتلاعبون بهم أم لا، ولم تعد السيادة الوطنية بالضرورة تعنيهم، لأن أزمة الثقة التي تفصلهم عن الشرائح الشعبية الأوسع، بما فيها ممثلي هذه الشرائح في المعارضة، هي الأزمة الحقيقية بالنسبة لهم وهي لبّ المشكلة، وهي مشكلة طائفية في الصميم بالنسبة لأغلبيتهم. إن التغيير الديمقراطي المنشود لابد وأن يؤدي بسبب الطبيعة الديمغرافية للبلد إلى سيطرة سنية قوية على الساحة السياسية والاقتصادية وبالتالي إلى تهميش بل اضطهاد الأقليات. والسنيّ، من المنظور الطائفي لهؤلاء المثقفين، وبصرف النظر عن معتقداته السياسية، إن كان علمانياً أو إسلامياً، سيبقى محكوماً بانتمائه الطائفي وبالآراء والمفاهيم السائدة في محيطه الاجتماعي فيما يتعلّق بالأقليات، وبتاريخ الصراع ما بين المكونات السورية على الأقل منذ مجيء نظام البعث والأسد، إن لم نقل منذ الاستقلال أو منذ عصر الفتنة الكبرى وولادة النزعات الطائفية والمذهبية في الإسلام، وبالتالي لن يكون بوسع النخب السياسية السنية التي ستفرزها العملية الانتخابية الديمقراطية في سوريا في حال سقط النظام أن تصون حقوق المكونات الأخرى في الدولة والمجتمع، على الأقل في منظور مثقفي الموالاة هؤلاء.  

ولايغير وجود شرائح واسعة من السنّة في صفوف الموالاة في هذا التحليل من شيء، لأن علاقة هذه الشرائح مع أبناء طائفتهم كانت دائماً إشكالية، وهو الأمر الذي دفعهم إلى صفوف الموالاة أساساً، فهم إما من التجار الذين باتت تربطهم مع النظام مصالح اقتصادية قوية، وبالتالي لا مصلحة لهم في التغيير، أو من عشائر كانت مغمورة قبل مجيء نظام الأسد وما سطع نجمها إلا من خلال بيع ولائها له مقابل مكاسب مختلفة، أو من الطبقات الفقيرة التي ارتبطت مصالحها الحياتية بالعمل مع المؤسسات الأمنية أو العسكرية، أو من النخب الفكرية والتكنوقراطية التي تقف مع النظام مدفوعة بعقائدها الإيديولوجية الخاصة علاوة على مصالحها الشخصية.

وفي الحقيقة، يمثل بقاء النظام بأجهزته الأمنية وتغلغلها في مفاصل الدولة ومؤسّساتها المختلفة الضامن الحقيقي بالنسبة للموالاة بكل شرائحها. في حين يمثل فكّ ارتباط وتغلغل الأجهزة الأمنية والعسكرية في بنية الدولة مطلباً أساسياً للثوار. والمشكلة هنا أنه لا الثوار أو المعارضة بوسعهم تقديم أية ضمانات مقنعة للموالاة بأن عملية إسقاط النظام وفكّ إرتباط الأجهزة الأمنية بمؤسسات الدولة الأخرى لن تؤدي إلى تهميش واضطهاد الفئات الموالية، في وقت تنتشر فيه التيارات المتشددة في صفوفهم، ولا الموالاة بوسعها تقديم أية ضمانات بأن عملية الدمقرطة من القمة ممكنة وبأنهم على استعداد للتقيّد بها، في وقت نرى فيه أن صانعي القرار في النظام وجميع القوى المساندة لهم في الداخل والخارج ترفض التغيير أساساً.

ولا توجد في الواقع أرضية مشتركة لتحقيق ما يريده الطرفان، لذا، بات تفكيك وتقسيم الدولة هو الحل المنطقي الوحيد، وهذا بالفعل ما يحدث اليوم، في ظل تدخل لقوى إقليمية ودولية مختلفة باتت ترى احتمالات أكثر إيجابية في هذا السيناريو بالمقارنة مع السيناريوهات الأخرى التي يمكن أن تحرمها من الاحتفاظ بموطئ قدم هام لها في المنطقة من خلال سيطرة عناصر متطرّفة على الدولة أو انهيارها بشكل كارثي قد لاتتعافي بعده لعقود. إن بقاء مناطق في سوريا تحت سيطرة فئات مختلفة واضحة الولاءات وقادرة على تحقيق حد أدنى من الاستقرار والأمان ضمن حدودها يبقى أفضل في حسابات البعض من التغيير الشامل للنظام ومن انهيار الدولة.


كان يمكن من الناحية النظرية لطرح مبكر لفكرة الفدرالية من بين أفكار أخرى متعلّقة بحقوق الأقليات والمناطق، وإن كطرح انتقالي يسمح بإدارة حوار شعبي حول شكل الدولة ريثما يتم التوافق على صيغة مناسبة، كان يمكن لطرح مبكر من هذا النوع أن ينجح في منع حدوث حمام الدماء الذي نراه اليوم ووقوع كل هذا الدمار، لكن احتمالات نجاح هذا الطرح من الناحية العملية كانت دائماً ضئيلة، فعلاوة على أن المعارضة كانت أهزل وأقل وعياً من تبنّيه أساساً، كانت مخاوف الموالاة تجاه مسألة التغيير أعمق وأكبر من أن تسمح بأية محاكمة عقلية للأمور.

لقد أصبح واقع التقسيم وعقليته قائمين اليوم والحدود باتت ترسم بالدم وهذا لا يبشّر بالخير فيما يتعلّق بقدرة الكانتونات المختلفة على التعايش مع بعضها بسلام لفترة طويلة. لكن المشكلة الأكبر هنا والتي يبدو أن الكثير من المراقبين لعملية التقسيم والمشاركين بها لا يدركونها تماماً، هو أن عملية تفكيك الدولة قد لا تتوقف عند الحدود التي تريدها الموالاة، بل قد تطال دويلتهم المنشودة أيضاً، والتي ستكون مؤلّفة من ذات الخليط غير المتجانس إياه: سنة وشيعة وعلويين ومسيحيين وعرب وأكراد وتركمان وأرمن، أضف إليهم خليط جديد مؤلّف من اللبنانيين والعراقييين والإيرانيين، فئات لا يجمعها اليوم إلا عدائها للثورة والثوار، ومجموعة من المصالح الاقتصادية ستشهد تغييراً جذرياً في السنين القادمة. ماذا سيجمعهم غداً إذاً؟ هل سيقدر الأسد والقوى الداعمة له في الداخل والخارج على إفراز رؤية جامعة تضمن حقوق ومصالح الجميع وسلامتهم وتكفل عدم تسلّط فئة على أخرى، مع ظل انتعاش عقلية التشبيح والفساد إياها؟

في الواقع، وفي مرحلة ما، قد تسبق مرحلة التسوية السياسية مع المعارضة، سيطال الدمار دويلة الموالاة أيضاً، سواء نتيجة اقتتال مع "فلول" الثوار بأطيافهم المختلفة، أو ما بين الميليشيات الموالية المختلفة.

في هذه الأثناء، تبقى إدارة المناطق المحرّرة واستقرارها التحدي الحقيقي الذي يواجه الثوار ومؤيديهم. ويبقى من الأفضل إبقاء مساحة المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام في حدودها الدنيا، وذلك منعاً للمزيد من التهجير والعنف. إن مساعي الأسد ومؤيديه في الداخل والخارج الهادفة إلى توسيع رقعة الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم ستنعكس سلباً مع الوقت على مخطّطاتهم التقسيمية ذاتها وعلى إمكانية إعادة الاستقرار إلى المنطقة، وستزيد في أمد الصراع وستسمح بانتشاره خارج بقعة الأراضي السورية. لكن توسّع رقعة الصراع واستمراريته ليس في مصلحة الموالاة، كما يخال لبعضهم، فهناك وقائع ديمغرافية في المنطقة لن يتمكّنوا من تغييرها مهما فعلوا، وكلّما توسّعت رقعة الصراع كلّما أصبحت الكلمة الفصل لهذه الوقائع.