الأربعاء، 11 مارس 2009

نشطاء عرب يوجهون رسالة إلى الرئيس أوباما

كان بين الموقعين، السيد عمار عبد الحميد، الناشط في مجال حقوق الإنسان والمدير التنفيذي لمؤسسة "ثروة" في العاصمة الأميركية.

11 آذار، 2009 / الناخب السوري

وجه عدد من الناشطين العرب والمدافعين عن حقوق الإنسان، اليوم 10 آذار 2008 رسالة إلى الرئيس الأميركي، مباركين له انتخابه، الذي يؤكد أن "الولايات المتحدة هي أرض الفرص والمساواة"، منوهين بخطواته التي أقدم عليها فور تبوئه سدة الرئاسة، والمتمثلة بإغلاق سجن غوانتنامو، وما أعقب ذلك من مواقف وتصريحات صدرت عن إدارته، تزرع الأمل في نفوس شعوب المنطقة العربية والإسلامية.

وأكدت الرسالة على أن انفتاح الإدارة الأميركية على الأنظمة العربية، ينبغي أن يكون مقرونا بتغيير سلوك هذه الأنظمة وسياساتها جذريا تجاه قضايا حقوق الإنسان وخرقها المستمر لها، والسماح لشعوبها بالمشاركة الفعلية بتقرير مصائرها، مذكّرة بمواقف الولايات المتحدة غير العادلة، التي ساندت أنظمة القمع في المنطقة لأكثر من نصف قرن، هذه السياسات التي أثرت سلبا على مصداقية أميركا، واضعة المدافعين عن قضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان في موقع لا يُحسدون عليه.

كما دعا الموقعون الإدارة الأميركية إلى عدم المبالغة في توجسها من الحركات الإسلامية، والتي وإن كان بعضها مبررا، فإن بعضها الآخر يفتقد إلى الدليل، مستشهدين بالحالتين الأندونيسية والتركية.

واعتبر الموقعون، أن الولايات المتحدة أمام فرصة نادرة للإثبات لشعوب العالمين العربي والإسلامي أنها تساند مطالبهم في الحرية والديمواقرطية وحقوق الإنسان، والتي سيكون لها بالغ الأثر على مدى التزام الولايات المتحدة لهذه القيم نفسها وتطبيقها على شعوب المنطقة.

كان بين الموقعين، السيد عمار عبد الحميد، الناشط في مجال حقوق الإنسان والمدير التنفيذي لمؤسسة "ثروة" في العاصمة الأميركية.  وهذه، ليست المرة الأولى التي يكون لـ "ثروة" ومديرها دور في ملاحقة قضايا حقوق الإنسان والعمل على نشر ثقافة الحرية والديموقراطية.

فقد نظمت "ثروة" بالتعاون مع بعض الجهات، في الخامس والعشرين من نيسان المنصرم مؤتمرا بعنوان: "سوريا في طور التحول"، وذلك في مبنى "رايبورن" التابع للكونغرس الأميركي، نوقشت فيه أوضاع حقوق الإنسان في سوريا، ودور السياسة الأميركية بين الحوار والمواجهة. وكان عبد الحميد أحد الأشخاص المكرّمين من قبل "وكالة التنمية الأميركية" في الرابع والعشرين من تموز المنصرم، الذي حضره الرئيس السابق جورج بوش، وذلك تقديرا لجهوده في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان. إضافة إلى إدلائه في الرابع والعشرين من أيلول الفائت بشهادته بدعوى من "لجنة حقوق الإنسان التابعة للكونغرس" حول انتهاك النظام السوري لحقوق الإنسان في كل من سوريا ولبنان.

وفيما يلي النص الكامل للرسالة:

السيد الرئيس
تحية طيبة  و بعد،

أولاً و قبل كل شيء، أطيب التهاني بالفوز في انتخابات نوفمبر الماضية. مثل الكثيرين في جميع أنحاء العالم،  فإننا نجد أنفسنا متفائلين و ملهمين، لأنّ انتخابكم رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية يؤكد أن أمريكا هي أرض الفرص والمساواة.  كما أنّ فترة رئاستكم تمثل فرصة تاريخية من أجل مسار جديد في السياسية الخارجية.  فكم أسعدنا وعدكم بأن تتفهموا  آمال العرب والمسلمين وتنصتوا إلى طموحاتهم.

من ناحية أخرى يُعدّ إغلاق سجون جوانتانمو و عدم السماح بالتعذيب خطوة هامة لتحسين الثقة بين الولايات المتحدة و العالم الإسلامي. وفى المقابلة الهامة في  الشهر الماضي على واحدة من أكثر القنوات العربية مشاهدة استمع إليكم الملايين من  العرب وأنتم تعلنون أن مسألة  حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني تُعدّ من الأولويات الملحة على أجندتكم٬  وخير دليل على ذلك تعيين السناتور جورج ميتشل مبعوثاً للمنطقة.

إن التواصل مع المنطقة في بداية فترة رئاستكم يعدّ خطوة هامة في حد ذاتها و لكن يلزم متابعتها  بتغيرات سياسية ملموسة. إذ أنّ تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة و دول الشرق الأوسط ليست فقط مسألة تغيير بعض السياسات هنا أو هناك . لقد ظلّت سياسات الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط لفترة طويلة مضللة.كما ظلّت الحكومة الأمريكية، لمدّة نصف قرن، تساند الأنظمة العربية السلطوية التي تنتهك حقوق الإنسان و تستمر في تعذيب المعارضين وسجنهم. وتمنع المواطنين لا من المشاركة في الأنشطة السياسية والمدنية فحسب بل حتى من المشاركة في الأنشطة السياسية السلمية.

إن دعم الولايات المتحدة للأنظمة العربية المستبدة و التي كان الهدف منها خدمة المصالح الأمريكية و تحقيق الاستقرار في المنطقة قد أسفر عن منطقة يسودها الفساد و التطرف وعدم الاستقرار.

لقد وعد الرئيس السابق جورج بوش في خطاب تنصيبه لفترة رئاسة ثانية  بأن تتوقف الولايات المتحدة عن دعم الأنظمة العربية المستبدة و أن تعمل على مساندة الناشطين الذين يعملون من أجل التغيير الديمقراطي . و لكن سرعان ما تغيرت سياسات إدارة بوش تجاه مطلب الديمقراطية في الشرق الأوسط بعد النصر الذي حققته بعض  الأحزاب الإسلامية في الانتخابات الديمقراطية التي جرت في بعض دول المنطقة. هذا التغيير قد أثّر سلبياً على مصداقية الولايات المتحدة و أصبح المدافعون عن الديمقراطية في موقف ضعف و أصبح  المتطرفون في مركز قوة. و اطمأنّت  السلطات المستبدة و وتمكنت من تدعيم السلطة وسحقت المعارضة.

ولذلك لا يمكن بناء علاقة يسودها الاحترام المتبادل بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي إلاّ إذا استعادت الولايات المتحدة دورها التاريخي و ساندت الشعوب العربية في تحقيق مطلب الديمقراطية والحقوق الإنسانية و السياسية و المدنية. لاشك أن الشعوب العربية في اشتياق إلي الحرية و الديمقراطية و قد اثبتوا رغبتهم في الدفاع عنهما. و كل ما يرجونه من إدارتكم هو الالتزام بتشجيع الإصلاح السياسي٬  لا عن طريق الحروب والتهديدات والقهر طبعا ولكن عن طريق سياسات سلمية تهدف إلي مكافأة الحكومات التي تخطو خطوات جادة تجاه إصلاح ديمقراطي حقيقي. يضاف إلي ذلك ضرورة آلا تتخاذل الولايات المتحدة عن التنديد بانتهاك حقوق المعارضين أو سجنهم في مصر و الأردن و السعودية وتونس وغيرهم من الدول العربية.  وعندما تقتضي الضرورة  لابد  من أن تستخدم الولايات المتحدة قوتها الاقتصادية و الدبلوماسية للضغط على حلفائها في المنطقة عندما يتم انتهاك حقوق الإنسان.

و نحن على دراية بمدى الصعوبات والمعضلات التي تمثلها هذه السياسات. ولكننا الآن، أكثر من أي وقت مضى،  في حاجة إلي سياسات جريئة. إذ ظلت السياسات الأمريكية لمدّة طويلة مكبلة بالخوف من اغتصاب الأحزاب الإسلامية للسلطة . صحيح أنّ بعض هذه المخاوف مشروعة. فبعض الأحزاب و الجماعات الإسلامية تمارس سياسات متعصبة  وغير ليبرالية ولا تظهر التزامها باحترام  حقوق المرأة والأقليات الدينية والمعارضة.   ومع ذلك٬  فإن غالبية الجماعات الإسلامية لا تتبع سياسات عنيفة أو متعصبة كما أنها تحترم العملية الديمقراطية.

ففي العديد من الدول الإسلامية مثل تركيا و إندونيسيا و المغرب أدّي الاشتراك في انتخابات حرة إلي تعميق الالتزام بالقيم الديمقراطية لدي الأحزاب الإسلامية. قد تختلف معهم في الرأي و لكن من أجل ديمقراطية حقيقة لا يمكن استبعاد أكبر جماعات المعارضة في المنطقة. و مع ذلك٬ فإنه  من الخطأ  الحديث عن مستقبل الديمقراطية في المنطقة  فقط من منظور التنافس بين الأحزاب و الجماعات الإسلامية والحكومات السلطوية. إن تشجيع التحول الديمقراطي في المنطقة سوف يعزز من فرص الأحزاب الليبرالية والعلمانية في التواصل مع الشعوب و عرض أفكارهم التي ظلت مهمشة بسبب سياسة  القمع التي سادت عقودا عديدة في المنطقة.

فالتنافس بين أحزاب سياسية ذات خلفيات أيديولوجية مختلفة و متعددة   يعد من أهم خطوات تنمية الديمقراطية في المنطقة. 

وباختصار، نحن، الآن، بإزاء فرصة غير مسبوقة لإرسال رسالة واضحة للعالم العربي والإسلامي مفادها أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تساند مطلب الحرية والديمقراطية و حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وأنتم يا سيادة الرئيس قد عبرتم عن هذه الرسالة في خطاب التنصيب عندما قلتم: "لأولئك الذين يتمسكون بالسلطة عن طريق الفساد والخديعة  وإسكات الرأي المخالف أقول اعلموا أنكم  في الجانب الخاطئ من التاريخ ولكننا سنمدّ أيدينا إليكم إذا كنتم مستعدين لأن ترخوا قبضتكم."
نحن علي دراية كاملة بأنه في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية و تحديات الوضع في العراق و إيران و باكستان و أفغانستان يتنافس مطلب الديمقراطية مع أولويات  كثيرة علي أجندة إدارتكم. و لكن  ليست السياسة إلا مجموعة من الخيارات الصعبة. و بالرغم من ذلك فإننا نحث سيادتكم علي أن تعتبروا مطلب الديمقراطية  من الاعتبارات الهامة عند التعامل مع الأنظمة والشعوب العربية.

 وختاما٬  فإنّنا نكتب إليكم هذا الخطاب لكي نعبر عن إيماننا  العميق بأن دعم  الديمقراطية ومساندة الديمقراطيين في الشرق الأوسط ليس فقط في مصلحة المنطقة ولكن أيضا في مصلحة الولايات  المتحدة.

موقف سيادتكم من هذه القضية الحيوية سيظهر مدى قوة  القيم والمثل الديمقراطية الأمريكية وإلى أي مدى تلتزم الولايات المتحدة باحترام وتطبيق هذه المثل في الشرق الأوسط.

التوقيع
Signatures: 144 - 97 from the US, 47 from overseas