ما
يعتصر الروح في زمن الفتنة هذا اصرار كل طرف على التآمر على نفسه ظاناً أنّه يكيد للطرف
للآخر، فيقع ضحية لأكاذيبه ذاتها ولحقده وسوء تدبيره. وأسوأ ما في الأمر انسياق الجموع
في كل طرف وراء ذات النخب والشخصيات المفلسة التي مهّدت الطريق للفتنة والتي لا تتوقّف
لحظة عن استغلالها وتجييرها لخدمة مصالحها الخاصة التي لا تنسجم بأية حال مع المصلحة
العامة للطرف الذي تدّعي تمثيله. لحظة واحدة من الصدق مع النفس قد تقلب المعادلة، لكن
الصدق مع النفس كان ويبقى عملة نادرة في صفوفنا. المخاوف والأحقاد تبقى أقوى وأعمق
من أي لحظة عابرة من الصدق. لكن الحلّ لأزمتنا يبقى مرتهناً بقدرة كلّ طرف على قلب
الموائد ضد المؤجّجين الحقيقيين لهذه الأحقاد والمسعّرين الحقيقيين لهذه النيران، فهم
من يجب أن يدفع الثمن، فما لم يتكفّل كل طرف بالتصدّي لشياطينه لن يتحقّق السلام وستبقى
الشياطين جاثمة على صدورنا تقتات على دمائنا وتتندّر وتقهقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.