الأحد، 21 ديسمبر 2008

ملاحظات حول الملف النووي الإيراني



21 كانون الأول، 2008 / مداخلة على موقع (العرب اليوم)

لا شك أن هناك الكثير من المبالغة في الكيفية التي تتعاطى معها وسائل الإعلام الغربية وصناع القرار الغربيون بمسألة طموحات إيران النووية، فالقراءة المتأنية للمعطيات المتوفرة حالياً تدل على أن البرنامج الإيراني النووي ما يزال على بعد سنين طويلة من تطوير القدرة على صنع رأس نووي واحد ناهيك عن صنع عدد منها أو عن القدرة على تحميلها على صواريخ متوسطة أوبعيدة المدى، لتصبح جاهزة للاستخدامات العسكرية.

من ناحية أخرى، تتسم محاولات التخفيف من خطورة الموقف، من خلال التذكير بالقدرة النووية الإسرائيلية أو موقف أمريكا الداعم للهند في تطويرها لقدرتها النووية، العسكرية منها والسلمية، بنوع من السذاجة وقصور النظر، لأن الأمر الأساسي الذي علينا أن نتنبّه له في المنطقة، هو عدم الانجرار إلى سباق نووي تشترك فيه أنظمتنا وتهدر من خلاله ما تبقى لنا من ثروات وطنية عوضاً عن استخدامها لمواجهة قضايانا التنموية المختلفة. لأن نجاح إيران في تطوير برنامحها النووي، حتى السلمي منه في هذه المرحلة، لا يمكن له في ظل الإجواء المشحونة باطراد لمنطقتنا، الوسطية جغرافياً فقط والمتطرّفة في كل شيء آخر، إلا وأن يؤدي إلى دفع الدول الأخرى في المنطقة، من السعودية، إلى مصر، إلى الجزائر والمغرب، بل حتى سورية على شِحّة مواردها، والسودان بالرغم من القلاقل الدائمة التي يعاني منها، إلى محاولة تطوير برامجها الخاصة في هذا الصدد، ولن يغيب البعد العسكري طويلاً عن أيّ من هذه المحاولات.

والأنكى هنا أن سباقاً من هذا النوع سيزيد من حدة التوترات الإقليمية المختلفة وسيضاعف من حجم التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول المختلفة، وذلك بصرف النظر عن مدى نجاح أو فشل هذه الدول في تطوير برامجها وقدراتها في هذا الصدد. إن مجرد السعي في هذا الاتجاه من قبل دولة واحدة يكفي، وهذا بالفعل ما نشهده اليوم، وهذا بالفعل ما نحن لسنا بحاجة إليه. إن طريقنا نحو كسب مهابة واحترام المجتمع الدولي لن يمر عبر البرامج النووية، بل عبر التنمية الاجتماعية والاقتصادية، التي تمثل أيضاً الطريقة المثلى للتعبير عن الفخر القومي ولبناء نفوذ إقليمي وعالمي مشروع.


الجمعة، 19 ديسمبر 2008

الرأسمالية بداية النهاية أم خلل اقتصادي عابر؟


19 كانون الأول، 2008 / مداخلة على موقع (العرب اليوم)

تبدو الأزمة الاقتصادية العالمية للبعض وكأنها تنذربانهيار النظام الرأسمالي العالمي، لكن الواقع أن هذا النظام لم يخل أبداً من الأزمات بل الكوارث الاقتصادية والتي غالباً ما يرتبط تفجّرها بطبيعة النظم السياسية القائمة. فالمشكلة التي نواجهها اليوم ما هي في الحقيقة إلّا تعبير عن غياب الإرادة السياسية والقوى السياسية المناسبة لبناء ذلك النظام العالمي الجديد الذي تحدث عنه جورج بوش الأب بُعيد انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة، ولم يعرف لا هو ولا خلفيته، الرئيس كلينتون، كيف يبنياه، في وقت ما يزال فيه العالم يتطلّع إلى الولايات المتحدة في كل ما يتعلّق بموضوع القيادة على المستوى العالمي، بمن فيهم الخصمان التقليديان للولايات المتحدة: روسيا والصين.

على أية حال، وبصرف النظر عن الطريقة التي يتعامل بها معظم المحلّلين العالميين مع هذه الأزمة، والتي لا تخلو من نوع من الشماتة البلهاء، تنظر نخبة شابة من القيادات الأمريكية الجديدة إلى التطورات الاقتصادية الأخيرة بصفتها فرصة أكثر منها أزمة قد تسمح للولايات المتحدة أن تتمكّن بالفعل من رسم معالم ذلك النظام الجديد، سياسياً واقتصادياً، مستفيدة من التغيير المرتقب في القيادة، مما قد يسمح للقادة الجدد بالإخذ بزمام المبادرة مرة أخرى، متجاهلين كلّية تركة بوش الإبن. ولم يعرف التاريخ من هو أسرع من القادة الأمريكيين من تناسي الماضي، مهما قرب عهده، بأخطائه وخاصة وهم على أهبة لطرح مقاربة جديدة فيما يتعلٌق بمغامرة القيادة العالمية.

الخميس، 18 ديسمبر 2008

ما هو الإرهاب؟

جانب من الهجوم الإرهابي في مومباي، الهند

18 كانون الأول، 2008 / مداخلة على موقع (العرب اليوم)

أي عمل عنفي يستهدف المدنيين أو يبدي استهتاراً أو لامبالاة تجاه احتمال تعرّض المدنيين للخطر يعد في اعتباري عملاً إرهابياً. والأمر عندي ينطبق على الدول، صغيرها وكبيرها، كما ينطبق على حركات التحرير الوطنية المختلفة والمتكاثرة من حولنا.

لكن المشكلة هنا تكمن في أن طريقة إدارة المعارك هذه الأيام أدت إلى خلط الأوراق المدنية بالعسكرية، ذلك لأن استهداف المدنيين بات موضة في أيام باتت أغلب معارك التحرير فيها تجري بين قوى غير متكافئة عسكرياً، مما شجّع الأطراف الأضعف على تبني أساليب عدمية الطابع، تهدف إلى التعويض عن ضعفها من خلال إيجاد "ميزان رعب" قوامه سياسة تشجع على استهداف المدنيين بل والاحتماء بهم في آن. ومع الوقت، لم يعد يفرّق الطرف الأضعف كثيراً ما بين مدنييه ومدنيي الطرف الأقوى. بل بات استدراج الطرف الأقوى إلى ضرب أهداف مدنية للطرف الأضعف استراتيجية أساسية للطرف الأضعف تسمح له بتحقيق مكاسب في الجانب الإعلامي للمعركة.

لذا نجد أنه حتى تلك الأطراف التي مازلنا نرغب في أن نراها تتبع سياسات فيها توازن أكثر ما بين تبشيرها بالمبادئ الإنسانية والتزامها الحقيقي والعملي بها، خاصة فيما يخصّ تعاملها مع الآخر، ما تزال تجد نفسها متورّطة بين الحين والآخر في انتهاك حرمة المدنيين، وبالتالي منخرطة هي الأخرى، كخصومها الأضعف، في أعمال ونشاطات لا يسعنا إلا وأن نعتبرها إرهابية الطابع، هذا إذا ما أردنا أن نلتزم بتعريفنا أعلاه.

لكن يبقى علينا أن نفرق هنا ما بين التورّط اللحظي الناتج عن ردات الأفعال والسياسات غير الحكيمة والقرارات غير المدروسة بعمق، والعمليات الناتجة عن منهج مدروس وعقيدة باتت راسخة. والفرق الآخر الهام هنا هو وجود أطراف تتبنّى نظاماً ديموقراطياً للمحاسبة الداخلية، تسمح بتصحيح الأخطاء، وأطراف يغيب فيها هذا البعد كلّية عن الساحة، مما يجعل عملية تصحيح المسار أمراً في غاية الصعوبة.


الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

"طالما بقيت الديموقراطية مشروعاً أمريكياً فلن تنجح"

"لا يمكننا أن نتوقع من العالم أن يتعامل معنا أفضل مما نتعامل نحن مع أنفسنا"






حوار مع مدير"مؤسسة ثروة" الأستاذ عمار عبد الحميد (العرب اليوم) / 17 كانون الأول، 2008

من خلال باب الحوار الالكتروني المباشر بين المسؤول والمواطن والمثقف والقارئ، ومن خلال ضيف تحت المجهر عبر موقع "العرب اليوم" الإلكتروني، تستمر مسيرة الرأي الآخر. ضيفنا: مديرمؤسسة ثروة، واشنطن، عمار عبد الحميد. (عادل محمود).

 بطاقة ضيفنا

عمار عبد الحميد، كاتب وناشط سوري. ولد عبد الحميد في 30 أيار 1966 في دمشق، للممثلة السورية المعروفة منى واصف، والمخرج السينمائي السوري الراحل محمد شاهين.

أسّس "مشروع ثروة" في عام 2001 في دمشق، سورية، كمبادرة مستقلة للتعامل مع قضايا التنوع الديني والطائفي والقومي في المنطقة ولتحسين العلاقات ما بين الأطياف المختلفة المشكّلة للمجتمعات في المنطقة كخطوة ضرورية نحو تسهيل وتفعيل عمليات التغيير والتنمية والدمقرطة فيها.

في أيلول عام 2005، استقر عبد الحميد في العاصمة الأمريكية واشنطن حيث قام بتأسيس"مؤسسة ثروة" لمتابعة أعمال "مشروع ثروة" الذي ما زال يواصل نشاطاته بهدوء في سورية وعدد من الدول في المنطقة، مثل مصر ولبنان والمغرب واليمن.

شغل عبد الحميد منصب زميل في مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط في واشنطن أكثر من مرة في الفترة ما بين 2004-2007. وله تأثير وعلاقات واسعة في دوائر صنع القرار الأمريكية، المحافظ منها والليبرالي، علاوة على نشاطاته مع الكونجرس الأمريكي.

في تموز 2004، وصفت صحيفة نيويورك تايمز عبد الحميد كـ "واحد من أهم الشخصيات التي تعبر عن شعور الأجيال الجديدة بالخيبة" إزاء الأوضاع الساخنة في المنطقة، وفي نيسان، 2005، سمّت النسخة العربية لمجلة نيوزويك عبد الحميد كواحد من 45 شخصية الأكثر تأثيراً في العالم العربي. وفي 24 من تموز 2008، قامت وكالة التنمية الأمريكية بالتعاون مع البيت الأبيض بتكريم عبد الحميد كواحد من الناشطين المؤثرين العاملين في مجال دعم تقدم الحريات في العالم.

لـ عبدالحميد عدد من الأعمال الأدبية بالإنكليزية منها رواية بعنوان "الحيض"، وديوان شعر بعنوان "الرجل العدم."



الدكتور عزو محمد عبد القادر ناجي: هلا أستاذ عمار، وكل عام وانت والاسرة الكريمة بخير، أولا أتوقع ألا تحصل أي ديمقراطية في العالم العربي طالما أن الطبقية فيه قد بذرت بذورها وسادت شريعة الغاب في اعتلاء المناصب، دون أدنى مؤهلات، وحتى ولو وجدت هذه المؤهلات فهي من صنع الطبقية التي سادت، وما بني على باطل فهو باطل، أعتقد أن ما أثمرته   الدكتاتوريات العسكرية من طائفية وعرقية وطبقية وإقليمية، وعشائرية، لن تنجو من هوله كل فئات المجتمعات العربية، وأعتقد أن الحل الوحيد هو فيدرالية على  الطريقة اللبنانية، أو المشروع السويسري، فمارأيك؟

عمار عبد الحميد: لا يمكن تحقيق معادلات فيدرالية في مجتمع غير ديموقراطي. ولعل شكل الدولة النهائي في سورية الغد، التي نأمل ونرجو ونعمل لتكون دولة ديموقراطية، أمر لا يمكن البت فيه بمعزل عن الأوضاع الإقليمية، وخاصة مدى تجاوب دول الجوار مع الطروح المتعلقة بشكل الدولة، لأن هذا الأمر سيكون له انعاكاسات عليها أيضاً. شخصياً لا اعتراض مبدأي لي على موضوع الفيدرالية، المهم  بالنسبة لي هو مدى جاهزية دول الجوار لقبول هذا الطرح، فنحن لا نريد أن نخرج من صراع لندخل في آخر.

زكريا الحجري / صحفي مغربي: الأستاذ عمار عبد الحميد المحترم تحية خاصة لك وتهاني للجميع بعيد الاضحى المبارك. سيدي لقد كان النصف الثاني من القرن العشرين قرناً شبه أميركي، لكن أمارات الدعث والتداعي بدت عليه مع نهايته. فما أن لاحت تباشير القرن الواحد والعشرين إلا وتلاشت بشارة أنه القرن الموعود. هو قرن الإنسانية جمعاء، كلّ حسب إسهامه وقدرته وطموحه... أما دعاوى «الاستثنائية» و«الحلم» فكلها فقاعات هواء تغيب كحلم ليلة صيف. ماهو تعليقكم على هذه الفكرة؟

عمار عبد الحميد: "كل حسب إسهامه وقدرته وطموحه" بالفعل، لكن صراع المصالح ما بيننا، وغياب الوسائل المناسبة لإدارة هذا الصراع بشكل سلمي ومنهجي، مع تفاوت مستوى التنمية ما بين الدول، ومستوى الحريات العامة، تعقّد الأمور كثيراً، وتجعل تحقيق هذه المعادلة أمراً صعباً، لكن يبقى هذه هو التحدي الذي يواجهنا.


عبد الملك الماوري/ صحافي يمني: الديمقراطيه والممارسه الحقيقيه لها في التداول السلمي للسلطه هل يمكن تحقيقها في العالم النامي بوجه عام لانه من الواضح ان الوعي الشعبي من العوامل الهامه في نجاحها وتدني نسبة الوعي سبب اساسي في اجهاض الممارسه الديمقراطيه اضافه الى غياب الاراده الحقيقيه للتغيير وكذالك الاحتكام الى قواعد المنافسه الشريفه وعدم وجود   الاحزاب المستقله كصمام امان لنزاهة وشفافية الممارسه لانه حتى اليوم اغلب الدول تنتظر دعما باسم الديمقراطيه وفي الواقع تكرس التضليل ولعل الوجه القبيح الحقيقي يختفي تحت المكياج ومساحيق التجميل والتي تظهر نتائج مزيفه لنتائج غير حقيقيه وخصوصا وللاسف الشديد ان الاحزاب المعارضه نفسها واضدادها ايضا تحتاج الى التاهيل في معرفة الديمقراطيه. اشكركم على الاهتمام /اعلامي يمني مستقل.

عمار عبد الحميد: معك حق، أمامنا مشوار طويل وتحديات كبيرة علينا أن نعرف كيف نواجهها بحذق وذكاء وصبر قبل أن نصل إلى هدفنا. مشكلتنا بالفعل أن علينا أن نتشرب ذات المبادئ التي نبشر بها، فنحن بالنهاية أبناء المجتمعات التي ترعرعنا فيها، والطبع يغلب التطبّع في الكثير من الأحيان، لذا، لا شك لدي أن جزءاً كبيراً من التحدي أمامنا هو بالأساس تحدي ذاتي نفسي، قبل أن يكون تحدياً اجتماعياً. من هذا المنطلق، تجدني دائماً ما أشكّك بالمقاربات النخبوية للتغيير، فكل محاولات التغيير التي جرت في مجتمعاتنا قادتها نخب مثقفة ومتثقفة، انتهى بها المطاف إلى التصرف وفق نفس العقليات وباستخدام الكثير من الآليات التي هاجموها في خطابهم وسعوا إلى تغييرها. نعم، هناك مشكلة معرفية كبيرة تعاني منها شعوبنا، لكن الديموقراطية في الواقع خبرة حياتية، أكثر منها معرفة نظرية، لذا فهي متاحة للجميع، وفي حال أصرّت النخب على التبشير بها عن طريق الممارسة العملية، وليس التبشير والخطابة، ففرص تحقيقها على المستوى الشعبي وفرص التقارب ما بين الشعب والنخب، بغض النظر عن الفجوة المعرفية، ستصبح أكبر بكثير.

جان كورد - مقيم في ألمانيا: هناك في العالم نظامان سياسيان (حر ديموقراطي) و (دكتاتوري) وليس بينهما أي نظام آخر، فإما نكون مع النظام الحر الديموقراطي أو مع النظام الدكتاتوري... وقد قال البروفيسور دكتور محمد صالح كابوري (العلامة الاسلامي الكوردي) قولا جميلا عندما كتب: "بعض الإسلاميين الذين يقول (لا) للديموقراطية انما يعنون (نعم) للدكتاتورية، وهذا مؤسف..." مع فائق الاحترام والتقدير، جان كورد – ألمانيا

عمار عبد الحميد: أعتقد أن هناك أيضاً أنظمة ودول تعيش اليوم مرحلة انتقالية ما نحو الديموقراطية أو بالعكس. لا يوجد أسود وأبيض بالمطلق في عالمنا البشري، كما تعرف، وهذا ما يجعل الأمور دائماً معقدة.

أيمن محي الدين: ديقراطية الشعوب بعدما اضحت بين مطرقة السلطة وسندان الظرف المعيشي والهم اليومي. .بتصوري ان التغيير لم يعد من اولوياتها انما بات رغيف الخبز لديها هو اغلى ورقة انتخابية تمتلكها. الاستاذ عمار بتشاؤمية وخوف مشروعين . . وفي افق قريب . . برأيك هل من نوافذ؟ ام ان قدر التاريخ كتب باننا ( محكومون بالأمل ) المؤبد؟

عمار عبد الحميد: إن مشروعية التشاؤمية والخوف في حالتنا يجب ألا تمنعنا عن العمل، لأنا في الواقع محكومون بالعمل، فهو مصدر الأمل، والكلام هنا ليس عن العمل العشوائي أو الفردي، بل العمل الجماعي المؤسّساتي الممنهج وفق أسس مدروسة  ومراجعات نقدية دورية، طالما عملنا وفق هذه الأسس، لا يمكن لجهودنا أن تضيع سدى.

دانا جلال - رئيس الاتحاد الكوردستاني للاعلام الالكتروني: هل يمكن للمواطن الذي يعيش في قارات الفقر أن يتقبل المشروع الأميركي والذي ظاهره دمقرطة تلك القارات المحكومة بالقمع وجوهره العمل على البقاء في قمة الهرم الرأسمالي على الصعيد العالمي؟ ألا تجدون أن أميركا بحاجة إلى تغيير صورتها ومنها ازدواجية تعاملها مع قضايا الشعوب. إن الازدواجية الأميركية تظهر بوضوح في الشأن الكوردي وبالأخص بتناقض الموقف من كورد العراق وكورد تركيا. وهل يمكن للسيد اوباما ان يغير ولو بشكل هامشي تلك الصورة؟

عمار عبد الحميد: طالما بقيت الديموقراطية مشروعاً أمريكياً وحسب فلن تنجح، نجاح مشروع ديموقراطية في مجتماعاتنا يقتضي النظر إلى هذه القضية ككل وفقاً لمعطيات مجتمعاتنا الخاصة ووفقاً لاحتياجاتنا الحقيقية كشعوب، ومن الواضح بالنسبة لي أن هذه العملية بدأت قبل ظهور المشروع الأمريكي على الساحة ليعقد الأمور، هناك  شرائح كبيرة في مجتماعاتنا تنظر إلى الديموقراطية كحاجة داخلية ملحة لمواجهة مجموعة كبيرة من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لكن، نعم، ما زلنا بحاجة إلى الكثير من العمل قبل أن تصبح الديموقراطية مطلباً شعبياً حقيقياً. بالنسبة لازدواجية السياسية الأمريكية حيال المنطقة، فهذا أمر نعرفه جميعاً، ولن يكون من السهل على الرئيس المنتخب أن يغير الانطباعات والقناعات التي تشكّلت حول أمريكا عبر السنين الماضية، لكن مجرد فوزه بالانتخابات، خلق مناخاً من الترقب الإيجابي، إذا جاز التعبير. من ناحية أخرى، وفيما يتعلق بموضوع الازدواجية في سياسات الدول الخارجية، ففي اعتقادي أن كل الدول مذنبة في هذا الصدد، لأن الموضوع في خاتم المطاف موضوع مصالح، سواء كانت مصالح وطنية حقيقية، أو مصالح الزمر المتحكّمة في دول منطقتنا. مواجهة الازدواجية فيما يتعلق بالعلاقات الدولية يتطلب بناء نظاماً دولياً جديداً قائماً على ندّية العلاقات، وهذا لن يحدث وفقاً لمنطلقات نظرية بحتة، ولكن فقط عند وجود واقع عملي يستدعي ذلك. ونحن ما زلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق هذا الأمر.

فادي حداد: سيد عمار برايك لماذا نجد احيانا بعض الحكومات العربية ديمقراطية على الشعوب في مجالات مختلفة. برايك هل الشعوب جادة في الانخراط في العملية الديمقراطية؟

عمار عبد الحميد: الديموقراطية الانتقائية التي تتبعها بعض الحكومات في المنطقة لا يمكن لها أن تؤدي إلى النتائج المرجوة إلا إذا كانت جزءاً من برنامج ممنهج وعلني له جدول زمني واضح العالم يهدف إلى الدمقرطة في المجالات الأخرى انتهاءاً بإجراء انتخابات شفافة وديموقراطية. لكن غياب هذا البعد وهذا الوضوح في الرؤية المطروحة يدفعني إلى الاعتقاد بأن الهدف هنا لا يزيد عن ذرّ للرماد في العيون. الشعوب لا يمكن لها أن تنخرط عملياً في أي عملية تغييرية واسعة النطاق وتتطلّب منها تضحيات كثيرة إلا في حال وجود رؤية جذّابة وواعدة للمستقبل تستطيع أن تلهب مخيلة الناس نتيجة توافقها مع تطلّعاتهم الأساسية ونتيجة احترامها لعقولهم، وهذا يتطلّب أيضاً وجود شخصيات قيادية مناسبة على الساحة، والحراك، وليس الكلام هو الذي سيفرز هذه القيادات.

اسحق قومي / شاعر واديب سوري مقيم في ألمانيا: أهلا بك أخي عمار عبد الحميد يكفي أنك تتفقد تجارب العالم وتجربتنا الخجولة في الحرية والديمقراطية. ويلزمنا الكثير حتى أن نصل إلى بدء الطريق. الإنسان لدينا مهمش أو معتقل أو مضطهد شارعياً ووظيفيا وحتى حين يتنفس يلزمه رخص من الذين يقومون مقام  الآلهة . أنا لا أُنادي بحرية مطلقة فهذا أيضاً هراء. بل بحرية منظمة تصون حق الفرد والجماعة كما يجب أو لنقل أعطوني العروبة التي قرأنا عنها وعشناها في وقت من الأوقات. وكفى بالله سبيلا. أعتقد أنهم ...حتى شعوبنا العربية وأدت العروبة وعلقتها على مفارق الدروب. والحرية المطلقة لا توجد إلا في دار المعتوهين. أما الديمقراطية.. الله أكبر فنحن من صاغ بنودها لأننا كنا فيما مضى نتعامل مع بعضنا ونحن فوق الشبهات. في الختام مودتي لك ولدمشق الحبيبة التي قلتُ عنها ذات يوم (منذ بداية السبعينات من القرن العشرين..محطة لكل عشاق الوطن مودتي لك ولها رمزاً ومعتقدا. أحييك وأحي الأخ المتألق دوما عادل محمود أخوكم اسحق قومي يُحييكم جميعا.

عمار  عبد الحميد: أخي العزيزي إسحق شكراً لك من مجامع القلب.

صباح زيارة الموسوي - صحيفة المبادرة العراقية: هل يشاركنا السيد عمار الرأي بأن صعود اوباما الى دست الرئاسة يمثل لحظة الضرورة التأريخية التي تلزم المؤسسة العسكرية الصناعية الامريكية على تقديم التنازلات  التأريخية بعد فشل مشروعها الاستعماري الراهن؟ صباح زيارة الموسوي - صحيفة المبادرة العراقية.

عمار عبد الحميد: حسب علمي، الرئيس المنتخب باراك أوباما أعلن على دعمه للاتفاقية الأمنية مع العراق، مما يعني أن القوات الأمريكية ستنسحب من العراق خلال المدة المتفق عليها، لكن سيبقى لأمريكا قواعدها العسكرية في العراق، وستوجد دائماً قوى على الأرض تطالب بزوال هذه القواعد، مع العلم، أن هناك قواعد عسكرية أمريكية في اليابان مثلاً، لم تؤد إلى التقليل من السيادة الوطنية لليابان، ولم تعرقل جهودها لبناء اقتصادها، بل وقدراتها العسكرية أيضاً. المسألة هنا مسألة أولويات إذاً، الاتفاقية الأمنية في رأيي أعادت السيادة في العراق إلى الأيدي العراقية، وربما كان الأفضل في المرحلة القادمة أن يتم التركيز على موضوع إعادة ترتيب البيت العراقي بشكل يتناسب أكثر مع تطلعات فئاته المختلفة، ويسمح بالتركيز على إعادة بناء العراق وعلى عودته إلى الساحة الإقليمية بشكل يتناسب مع حجمه الحقيقي من الإعراب.

يوسف الصيداوي/ غزة: استاذ/عمار..نرحب  بكم وكلنا أمل أن يمتد نشاطكم الى فلسطين حيث الوفرة والارضية لنشاطاتكم في مجال الحرية والعدالة والديموقراطية... انتم استاذ عمار ومن خلال مؤسستكم "ثروة"، تقفون على أوضاع المواطن العربي، ولكم في مجال حقوق الانسان        الدور السبق، فهل استاذ عمار، التعديات على حقوق الانسان في الوطن العربي وأخص سوريا، هي نتاج للهجمة الامبرياية وعلى رأسها امريكا، لأن النظام السوري يسكت ويقمع حرية الرأي والانتقاد بسبب ما يشيعه النظام ان سوريا البعث مهددة ويراد لها السير في ركب الغرب؟؟... وهل أن الديموقراطية بمفهومها العام رهن بالتصدير من الغرب المتطور الى العالم، ام هي رهن بالتطورات الداخلية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية لكل بلد؟؟

عمار عبد الحميد: قمع الحريات في سوريا وغيرها من الدول في المنطقة مرتبط بتسلّط مجموعات فاسدة على صنع القرار ومحاولتها تكريس سيطرتها وإحكام قبضتها في وجه المطالبات الشعبية المتكررة بالإصلاح والتغيير. موضوع مواجهة المخطّطات الإمبريالية والخطاب الرسمي الذي يصر على ألا يعلو صوت فوق صوت المعركة، وأن الإصلاح سيأتي بعد النصر، إلى غير ذلك من مسوغات للوضع الراهن، كل هذه الأمور لا تزيد عن كونها أساليب و"تكتيكات" لتمويه الواقع ولذرّ الغبار في العيون. وأعتقد أن شعوبنا باتت تعي ذلك جيداً. وإن كانت ما تزال تصرّ على الصمت، فصمتها ليس علامة رضى أو خنوع، كما يعتقد البعض، لكنه دليل على أن البدائل الأخرى التي تحاول طرح نفسها على الساحة اليوم لا تبدو مقنعة بما فيه الكفاية لتلهم الشعوب وتدفعها نحو التحرك. أما فيما يتعلّق بسؤالك عن الديموقراطية، فهي لا يمكن لها أن تنشأ في أي مجتمع إلا نتيجة تراكم للخبرات العملية للشعوب في محاولتها، من ناحية، إيجاد وسائل تسمح بمحاسبة وتغيير الحكومات عند تقصيرها وفشلها دون الحاجة إلى اللجوء إلى العنف، وتسمح أيضاً بمكافأة الحكومات عند نجاح سياساتها من خلال التمديد لها في الحكم دون أن يؤدي ذلك إلى التخلي عن سيادة القانون وإلى شحصنة الأمور. ومن ناحية أخرى، الديموقراطية هي أيضاً طريقة لصياغة معادلات جديدة للعيش المشترك ما بين الأطياف المختلفة المشكلة لمجتماعاتنا لا تهدف إلى إزالة الاختلاف، بل إلى إدارته بأسلوب يسمح لكل مجموعة وفئة بأن تحتفر لنفسها مكانة في المجتمع تتلائم مع حجمها ونشاطها وقدراتها التنظيمية. فالمسألة إذاً، ليست مسألة استيراد وتصدير، بل مسألة احتياجات: نحن بحاجة إلى إيجاد طرق سلمية لمحاسبة حكامنا، وللتأقلم مع متغيرات الحياة وتحدياتها وللتفاعل ما بيننا، والمنظومة الفكرية والسياسية التي ستنشأ عن نضالنا من أجل تلبية هذه   الاحتياجات هي الديموقراطية. ومن الطبيعي أن يكون لهذه المنظومة أشكال مختلفات في دولنا عما هو قائم في الدول الأوروبية مثلاً.

محمد سمير عبد السلام - كاتب و ناقد من مصر: تحية للكاتب المحترم المبدع الأستاذ عمار عبد الحميد أعتقد أننا الآن بحاجة لتنمية الوعي الإبداعي بقضايا الوجود و الثقافة، فالأسلوب الإبداعي الذي تداخل الآن مع العلم، و الفلسفة، و الدراسات الاجتماعية، و النفسية يؤسس لفكرة التسامح في التعامل مع الآخر، فضلا عن إعادة تشكيل الهوية الذاتية باستمرار.

عمار عبد الحميد: شكراً لك على تحيتك الجميلة، وليس بوسعي إلا أن أضم صوتي إلى صوتك فيما يتعلق بدعوتك لتنمية الوعي الإبداعي. فما أحوجنا إليه اليوم.

نيللى المصري / صحافية فلسطينية: سيدي .. ما هو رايك في مؤتمر الاديان الذي انعقد مؤخرا والذي في عمقه سياسي في امتياز؟ برايك لماذا استخدم الساسة نافذة حوار الاديان الان بالتحديد؟

عمار عبد الحميد: يمثل مؤتمر حوار الأديان خطوة هامة وضرورية على درب التواصل ما بين شعوبنا، لأن الدين ما يزال عماد الحياة عند الكثير من الأفراد والشعوب في كل العالم، لذا تمثل كل محاولة للتفاعل البنّاء بين أتباع الأديان المختلفة خطوة هامة على طريق حلّ الكثير من الصراعات في هذا العالم مع الوقت. لماذا الآن؟ ربما لأن الدين استخدم عبر السنين الأخيرة لتبرير الكثير من أعمال العنف والعنف المضاد من قبل مجموعات ودول كثيرة من جميع أنحاء العالم بنتائج كارثية باتت تهدد استقرار الكثير من الدول، بل استقرار أقاليم ومناطق بكاملها. علينا أن ندعم خطوات من هذا النوع، لكن علينا أن لا نكتفي بها. مآزقنا التي يلعب الدين عاملاً   هاماً وسلبياً فيها أكثر وأعمق من تتأثر بنشاطات من هذا النوع فقط. وإذا أردنا أن يكون للدين دوره الإيجابي في حل هذه الأزمات، فعلينا أن نكثف جهودنا فيما يتعلق بموضوع التعليم وتعاون المنظمات المدنية عبر السنين القادمة.

سعد العميدي/ رئيس تحرير موقع عراقنا: تحية طيبة- محاولات تصدير الثورة أو الديمقراطية كانت لها نتائج كارثية على مجتمعاتنا العربية والإسلامية و أثبتت محاولات زرع الديمقراطية في أرض غير صالحة عمق ازدواجية الطروحات الغربية و نظرتها الى طبيعة التغيير و أدواته في مجتمعاتنا. الغرب يلتزم الصمت أمام كل انتهاكات حقوق الانسان و قمع للحريات السياسية و تضييق الخناق على المبدعين والمفكرين ومطاردة أصحاب الكفاءات و المتميزين. هذا الغرب بقي صامتا أما ما كان يحدث في العراق على سبيل المثال كما هو حاله في فلسطين المحتلة وعندما يتعلق الأمر بالعرب فإن الثروة هي التي تقلق الغرب كما يقلقه تدفق النفط من عدمه، أما أن يسحق الانسان العربي سحقا و يمحق محقا و يحول الى مسخ، فهذا ليس من إهتمامات الغرب ومؤسساته الانسانية جدا. و حتى عندما يتعلق الأمر بكيفية التعامل نرى أن الغرب و امريكا لا تحرك ساكنا تجاه إيران بالرغم من تجاوزها الخطوط الحمراء التي وضعها الغرب للدول الغربية و إمكانية حصولها على القدرات النووية، لكن هذا الغرب المجرم بالمقابل حول العراق الى بياب و سلط قطاع الطرق و ذوي الأصول المعطوبة على أبناءه لمجرد أنه شك في أن العراق يريد و ينوي الحصول على أسلحة نووية. و كان من نتائج الكارثة البشرية و البيئية التي لحقت بنا نتيجة النظرة المزدوجة التي يمارسها الغرب أن تحول العراق إلى منبر مشع للديمقراطية في عالمنا العربي حيث القتل على الهوية و إثارة النعرات الطائفية و تسليط تااقوى الدينية الفاشية و إباحة الذبح العمجي و الهدر اللاانساني لثرواتنا و الحاق العراق بمنظومة النهب و السلب و التخلف وتحققت نبوءات النبي     بوش الذي أوحي اليه بأن يعيد العراق إلى القرون الوسطى و قد عدنا الى القرون الوسطى. www.irakna.com

عمار عبد الحميد: تحدثت عن "محاولات زرع الديمقراطية في أرض غير صالحة..." وربما كنت على حق، لكن مهمتنا في الحال هذه هي أن نحاول استصلاح هذه الأراضي كي تصبح جاهزة لاستقبال الديموقراطية، لأننا نستحق أن يكون لدينا حكومات مسؤولة أمام شعوبها وقوانين تصون حقوق كل مواطن وكل فئة، لكن، في هذه الأثناء، علينا أن نجد طرقاً للتعامل مع عالم لن يكف عن التدخل في ما نعتبره شؤؤننا الخاصة، لأن هذه هي طبيعة الدول منذ بدء التاريخ. وعلينا أيضاً أن ندرك أن "الغرب" ليس جسماً متجانساً، بل كيان متنوّع ودائم التحول، وقابل للتأثر بنشاط كل من له قدرة تنظيمية حقيقية وفهم عميق لما يجعل هذا الكيان حياً. علينا أن نحذر من الوقوع في فخ الاختزال الذي وقع به الكثير من السياسيين في "الغرب" عند التعامل معنا. لأنا، وبالرغم من كل المشاكل والتحديات التي نعاني منها، نمثل كياناً له تنوعه الخاص وتفاعلاته الخاصة وهو أيضاً دائم التحول، لكنا بحاجة إلى إدارة أفضل للتفاعلات التغييرية الجارية في المنطقة حالياً لكي نصير في الاتجاه الصحيح ونلحق بركب الحضارة المعاصرة، ولانجد أنفسنا ضحايا دائمين لها. مشكلة التاريخ أنه لا يكافؤ الناس بناءاً على النوايا والأخلاق، بل بناءاً على الأفعال. ومشكلتنا أننا نريد للآخرين أن يتعاملوا معنا بناءاً على مجموعة من الأخلاق والمبادئ ما زلنا نرفض تطبيقها على أنفسنا، ولا نتبعها نحن عند التعامل مع الآخرين. لا يمكن لنا أن نتوقع من العالم أن يتعامل معنا بأفضل مما نتعامل نحن مع أنفسنا، أو بأفضل مما نتعامل نحن معه. نريد للغرب أن يتخلى عن النفاق في الوقت الذي نرفض نحن فيه التخلي عن النفاق. 

إن ثورتنا ضد الغرب في أغلب الأحيان تنمّ عن حسد لقوته أكثر مما تنمّ عن رفض حقيقي لمنطق القوة.  نحن لا نثور ضد ظلم الغرب لنا، بل لأننا نريد أن نكون نحن من يمارس هذا الظلم ضده، وضد الآخرين. نريد أن نتبادل الأدوار معه فقط. إن صراعنا مع الغرب هو صراع قوة ومصالح، وليس صراعاً أخلاقياً وحضارياً. الحضارة العالمية الكائنة حالياً ناتجة     أن تفاعل وتلاقح الشرق والغرب عبر آلاف السنين التي مضت، وإذا كان للغرب النصيب الأكبر من التجديد والإبداع في القرون الأخيرة، فهذا لا يعني شيئاً كثيراً على المستوى الإنساني أو الأخلاقي، لأن ما هو كائن اليوم ما كان له أن يكون دون تجربة الشرق، الأقصى منه والأدنى. لذا، بات لزاماً علينا في هذه المرحلة أن ندرك أن الغرب، بمدلوله الثقافي والحضاري، لم يعد غريباً ولم يعد خارجاً، بل أصبح جزءاً داخلياً من تكوين كل فرد فينا، أو يكاد. نحن نأكل ونشرب ونسمع ونرتدي غرباً، فحتى موسيقانا الشرقية بتنا نعزفها بآلات وإيقاعات غربية، وأكلنا وملبسنا الشرقي يصنع باستخدام تقنيات تفتقت عنها أذهان غربية. والعمران من حولنا وتخطيط  المدن، والعمليات الاقتصادية التي تؤثر على حياتنا، كلّها، كلّها جائتنا من ذلك الغرب وتغلغلت فينا، حتى بتنا نخالها جزءاً من تراثنا. اختلافنا مع الغرب اختلاف     كمّي أكثر منه نوعي. نحن بحاجة إلى المزيد من التراكم في خبراتنا، وبحاجة إلى تسريع بعض التفاعلات الجارية حالياً، وإدارتها بشكل أفضل، كي نلحق بركب الحضارة المعاصرة. طبعاً هذا الكلام ليس موجه ضدك كشخص، أستاذي الفاضل، لكنها سلسلة خواطر نتجت عن تفكيري في بعض القضايا التي أثرت في مداخلتك، وربما تتفق في بعض هذه الخواطر عل الأقل.


وداد فاخر/ كاتب وشاعر عراقي ورئيس تحرير جريدة السيمرالاخبارية: تحية وتهاني للجميع بعيد اضحى مبارك راجيا ان يسود الامن والامان عالمنا العربي المتصارع . حقيقة ان هناك عدة متناقضات تجول في عالم غير مستقر ولا زال يجري للحاق بالعالم المتقدم الا وهو العالم العربي. والتناقضات التي تطفو على السطح  السياسي الاجتماعي تحتاج لزخم قوي كي يجري حلها وفق فكر ليبرالي تقدمي بعيد عن ما يجري من محاولة البعض خلط الدين والتعصب القومي في عالم جديد يجري بعيدا عما نراه نحن في عالمنا العربي المتصارع هو الصحيح بينما يسير العالم سنوات للامام  دون تعصب ديني او مذهبي او قومي. رايي الشخصي اننا كعالم لا زال يسير بجدية نحو اللحاق بالحضارة الحقيقية الجديدة ان نعقد الاتفاقات السياسية والثقافية والتجارية والعلمية مع العالم المتحضر اي كانت نظرته بعيدا عن المقولات الثورجية القديمة التي اخرت مجتماعتنا وارجعتها للوراء ولكن بشرط ان نكون كانداد لمن نتفاوض ونتفق معهم ولمصلحة بلداننا وهو ما يصبو اليه كل الليبراليين العرب في الوقت الحاضر والسؤال للاستاذ عمار عبد الحميد هو : مارايكم استاذنا العزيز بهذا الطرح وهل يقع اتفاق سحب القوات من العراق الذي اقر باجماع وطني عراقي ضمن هذا المفهوم الليبرالي الجديد ؟؟! . www.alsaymar.org

عمار عبد الحميد: أؤيد طرحك بقوة، والندية شرط ضروري للتعاون ما بين الدول الحرة، الانسحاب الأمريكي من العراق الممنهج مطلب لكل الأحرار، وأرجو أن يبدأ العمل باتفاقية الانسحاب بلا تأخير لكي يبدأ الشعب العراقي المرحلة الثانية من العمل على تطوير دولته ومجتمعه والمضي قدماً نحو تحقيق الديموقراطية الحقيقية في العراق.

شاكر الخالدي: استاذ عمار اهلا في بيتك الاردني العربي .. سؤالي المباشر لك .. ما هي اهداف مؤسستكم السياسية ومن هي الجهات الغربية التي تدعم مشروعكم.

عمار عبد الحميد: سياسياً نسعى إلى بث ثقافة ديموقراطية حقيقية على المستوى الشعبي في المنطقة وذلك من خلال الدورات التدريبية والتعليمية والنشاطات الثقافية المختلفة على الأصعدة المحلية والوطنية والإقليمية، ونحن نعمل دائماً من خلال سياسة "إجمع تسد"، ليس "فرق تسد"، لأن السيادة التي نريد هي سيادة شعب على مقاليد الحكم، وليس سيادة فئة بعيها دون أخرى، فنسعى دائماً إلى دعم النشاطات التي تسعى بناء جسور ثقة واحترام ما بين الأطياف المختلفة المشكلة لمجتمعاتنا. بدأت نشاطاتنا في سورية في عام 2001، لكنا، ومنذ البداية كنا نسعى إلى العمل على أساس إقليمي، وسرعان ما تمكّنا من خلق فرق صغيرة ولكن نشطة في أكثر من دولة، ولقد تلقينا دعماً في البداية من عدد من المنظمات المانحة الأوروبية، ولكن، وبعد اضطراري إلى الرحيل خارج سورية، بسبب المضايقات الأمنية المستمرة، أنشأنا فرعاً لعملنا هنا في واشنطن، بإشراف مجلس إدارة فيه عناصر من الحزبين الجمهوري والديموقراطي. وبما أنّا منظمة غير ربحية، ومسؤولة أمام دافع الضرائب الأمريكي، يحقّ لنا جمع التبرعات من مختلف شرائح الشعب الأمريكي، ويمكن لنا أن  نتلقى مُنحاً بشكل مباشر من الحكومة الأمريكية ذاتها عن طريق وزارة الخارجية أو أحد مؤسساتها الأخرى. طبعاً الأزمة الاقتصادية الحالية خلقت لنا مشكلة كبيرة فيما يتعلق بتمويل نشاطاتنا، مثلنا مثل غيرنا من المنظمات اللاحكومية، لكني واثق من قدرتنا على تجاوزها قريباً، فهي ليست أول، ولن تكون آخر أزمة تواجهنا في هذا الصدد.

فدى المصري/ باحثة اجتماع لبنانية: تحية لك، ولقدراتك التي استطعت أن تحققها عبر هذه المسيرة الجميلة. وعيد أضحى مبارك على الأمة الإسلامية جمعاء. من خلال موقعك ، كيف تستطيع هذه الجمعية أن تؤثر بالموقف الأمريكي تجاه آلية وطريقة تعاملها مع البلدان العربية من جهة، ومع السياسة العربية الخارجية من جهة أخرى؟؟ وأي حرية أو ديمقراطية تعززها. كيف تنظر للمثقف السوري؟؟؟؟؟ أين نجد وجوده وحضوره؟ وتأثير هذا المثقف على مجتمعه، وكيف يؤثر بالتغير الاجتماعية السوري الداخلي إذا كان موجود هذا التأثير. كيف تنظر شخصيا إزاء العلاقات الدبلوماسية اللبنانية والسورية التي أقرت مؤخراً؟ إلى أين تتجه هذه العلاقات، خاصة في ظل تشابك هذه العلاقات والمصالح وفي ظل الامتداد الوصاية السورية طيلة ربع قرن من التاريخ اللبناني المعاصر. كيف ترى مستقبل الدور الأمريكي في العراق؟؟؟؟؟؟ وهل استطاعت أن تحقق الديمقراطية في النظام العراقي، لماذا؟؟؟؟

عمار عبد الحميد: قدرتنا على التأثير على المواقف الأمريكية المتعلقة بمنطقتنا وقضاياها تتعلق إلى حد كبير على إجادتنا للتعامل مع قواعد اللعبة السياسية الأمريكية، مما يفرض علينا أن نكون منظمة إقليمية وأمريكية في آن، أي علينا أن نأخذ مصالح أميركا بعين الاعتبار ونحن ندافع عن قضايانا وأن نبحث بالتالي عن نقاط لتلاقي مصالحنا كشعوب مع المصالح الأمريكية. وفي الحقيقة علينا أن نصبح سفراءاً لشعوب المنطقة في أميركا، لأن السفارت الموجودة فيها حالياً تمثل الأنظمة الحاكمة ومصالحها، وشتان ما بين مصالحنا كشعوب ومصالح الأنظمة الحاكمة. من ناحية أخرى، علينا أن نصبح سفراء للشعب الأمريكي في منطقتنا أيضاً، لإن لجوء الإدارات الأمريكية المتعاقبة، كراهية وطوعاً، للتعامل مع الأنظمة الحاكمة، ودور جماعات الضغط في ذلك، يجعلها غير قادرة على تمثيل الرغبات والتوجهات الحقيقية للشعب الأمريكي بكافة شرائحه في كل وقت. وهذا يعني أن هناك دور كبير للمجتمع المدني ومنظماته المختلفة هنا، ولقد تأخرت شعوب المنطقة كثيراً حتى أدركت ذلك.

بالنسبة للمثقف السوري، سواء كان ليبرالي التوجهات أو كان منتمياً إلى التيارات اليسارية أو الإسلامية، فهو، مثله مثل نظيره في معظم بلدان المنطقة، يعاني في الغالب من مرض النخبوية، وهو المرض الذي يجعل المثقف يعتقد أنه وصي على الشعب، فيقع بالتالي في فخ المشاركة في بناء أو تبرير وجود الأنظمة الشمولية. في حين أن الإشكالية الحقيقية التي يتوجب على المثقف أن يجد طريقة ناجعة للتعامل معها تتلخّص بالسؤال التالي: كيف يمكن للمثقف أن يكون مسؤولاً أمام شعب قد يخالفه في الكثير من المعتقدات والتوجهات، ويعاني من أمراض الجهل والتجهيل، لكنه يبقى هو الحكم النهائي لكل القضايا الخلافية المتعلقة بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؟ لا توجد أجوبة سهلة هنا بالطبع، لكن الحل يبدأ عندما نكف عن الاستخفاف بشعوبنا.

أما فيما يتعلق بالعلاقات اللبنانية - السورية، فهي ستبقى إشكالية ما بقي النظام السوري الحاكم يصرّ على النظر إلى لبنان كجزء من اقطاعيته الخاصة.

وفيما يتعلق بمستقبل الدور الأمريكي في العراق، فالكلام حالياً هو انسحاب مشروط ببقاء قواعد أمريكية في عدد من المناطق، وهو الأمر الذي سيبقى إشكالياً عند الكثير من صناع القرار في العراق والدول المجاورة. الديموقراطية لم تتحقّق طبعاً في العراق، نعم، الانتخابات التي جرت حتى الآن كانت انتخابات حرة، ولكن، وكما سبق وذكرت، لا يمكننا اختزال العملية الديموقراطية بالعملية الانتخابية فقط. وفي الواقع، سنين طويلة تفصل الشعب العراقي عن تحقيق الديموقراطية الحقيقية، والمسؤولية الحقيقية تقع على عاتق المنظمات المدنية التي تصرّ على العمل في العراق في وجه كل المخاطر والتحديات.

سعيد علم الدين / كاتب لبناني مقيم في المانيا: الاستاذ عمار جميل ان نتحدث عن الثروة. وهي اهم بكثير من الثورة التي ما جلبت للعرب في العراق وسوريا وليبيا ولبنان المنكوب وفلسطين والاردن و غيرها من الدول العربية الا المعاناة الرهيبة دون نتيجة والخيبات. واليوم يطل المحور الايراني السوري ليمدد المعاناة ويجدد الخيبات. متى نصحوا نحن العرب؟ متى سيستطيع النظام السوري فهم معاني الثروة الفكرية الهائلة التي يزج أهلها في السجون أو يشردهم في بقاع الارض بسبب سياساته التي لا يوافقونه عليها بالطبع؟ من يوهن مناعة الامة هم او هو؟ اليس اغتيال قادة واحرار لبنان من المعلم جنبلاط الى الرئيس رينيه معوض الى  الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى المفكر والمؤرخ سمير قصير الى الصحفي الهمام البطل جبران تويني وغيرهم الكثيرين من خيرة العقول العربية الديمقراطية اكبر هدم للثروة العربية؟ هل ستخرج الامة العربية من عنق الزجاجة؟ والسلام.

عمار عبد الحميد: أنت محق في كل كلمة كتبت، الثورات العنفية التي جرت في منطقتنا، والتي لم تزد عن كونها انقلابات عسكرية في الحقيقة (ما خلا التجربة الإيرانية)، أدت إلى هدر ثرواتنا الطبيعية والبشرية عبر العقود الماضية. نحن بحاجة إلى ثورات حقيقية في وعينا وفكرنا أولاً وعلى المستوى الشعبي، نستطيع من خلالها استعادة زمام المبادرة فيما يتعلق بتقرير مصائرنا كشعوب، أقولها بالجمع لأننا في المنطقة لسنا عرباً فقط، بل نحن كنا وسنبقى مزيجاً جميلاً من العرب والكورد والأمازيغ والفرس والترك والأرمن والأشوريين والفور والمصاليت، إلخ. تنوعنا، بمعناه القومي والديني والطائفي والقبائلي والعشائري، هو مصدر ثروتنا الحقيقية والتي تصر    أنظمتنا على هدرها.

بولس رمزي كاتب مصري: عزيزي الاستاذ عمار تحياتي لك من مصر حقا الديموقراطيه شئ جميل ننشده جميعا وعلينا ان نركز علي الديموقراطيه بشكلها الواسع ولا نحصرها في صناديق الانتخابات ونحن نري ونشاهد جميعا هنا ماذا انجبت لنا ديموقراطيه صناديق الانتخابات في فلسطين وفي العراق وفي لبنان وسوف نشاهد اكثر ماذا سوف تجلب لنا في مصر وسوريا والسودان والسعوديه الا ترون معي ان ديموقراطيه صناديق الانتخابات في دولنا العربيه سوف تجلب لنا دويلات داخل الدول كما هو الحال بالنسبه لحزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين وكتلة الصدر في العراق اخيرا هل نحن نصلح مع الديموقراطيه؟؟

عمار عبد الحميد: حصر موضوع الديموقراطية بموضوع الانتخابات هو خطأ كبير بالفعل، الدمقرطة لا تأتي عن طريق الانتخابات فقط، لابد من أن تمر مجتمعاتها بمراحل  تهييئية معينة هنا، بدءاً من الدفع باتجاه إطلاق الحريات العامة، واتباع نهجاً أكثر شفافية فيما يتعلق بصنع القرارات الوطنية والمحلّية، وإصلاح النظام القضائي والتعليمي، كلها خطوات ضرورية ومطلوبة لا يمكن في حال غيابها أن تفرز العمليات الانتخابية قوى قادرة على احترام حقوق المواطنين فعلاً وإدارة الدولة بما فيه تحقيق للمصلحة العامة ككل، وليس لمصلحة فئة على حساب أخرى.

عيسى القنصل / شاعر اردني مقيم في هيوستن: متى تصل الدول العربيه فى رايك الى مستوى العلاقات الحضاريه الجيدة مع امريكا كما هى تتعامل مع كثير من الدول الغربيه؟؟ ولماذا سوريا بالذات من بين كل الدول العربيه لبتى لها علاقات بارده جدا مع واشنطن.

عمار عبد الحميد: طالما أصرت الأنظمة العربية على نهجها الاستبدادية في الحكم، وعلى سياساتها العشائرية في إدارة الاقتصاد والمجتمع، لا يمكن لعلاقاتها مع أميركا أن  تزيد عن كونها علاقة دونية إن لم نقل تبعية. أميركا قد لا تتصرف دائماً بشكل ديموقراطي أو حتى أخلاقي في علاقاتها الدولية، وهناك الكثير من الأخطاء في بعض سياساتها الداخلية أيضاً، لكنها تبقى مع ذلك دولة حيوية، ويبقى الإنسان فيها أكثر قدرة على تحقيق نفسه وخدمة مجتمعه في آن. ولا يمكن لدول تصرّ على سحق مواطنيها أن تربطها علاقات ندية مع دول تتعامل مع مواطنيها على أنهم هم المصدر الحقيقي للثروة.


غادة العلي / طبيبة اردنية مقيمة في روما: سيدي ما رايك في ديمقراطية امريكا في الشرق وهي مفروضة على ظهر دبابة وهل برايك الديمقراطية المجانية دون ان تدفع الشعوب ضريبة تنجح؟

عمار عبد الحميد: معك حق، الديموقراطية لا يمكن لها أن تفرض بالقوة، وهي لن تأت إلى منطقتنا إلا نتيجة نضال مدني تقدم فيه الشعوب الكثير من التضحيات عبر مراحل تطورية عدة ستشهد الكثير من الأخطاء والأزمات، والنجاح في هذا المسعى غير مضمون لكن عواقب الفشل ستكون وخيمة. ولا يوجد أمامنا في هذه الحال إلا العمل والأمل.

سري القدوة / رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين: برايك لماذا العرب من غائبون عن بناء قاعدة دبلوماسية مع الادارة الجديدة بطريقة تليق بالظروف القاهرة التي تمر بها الامة؟

عمار عبد الحميد: غياب الأنظمة العربية عن ساحة العمل الدبلوماسي العلني في هذه المرحلة، لا يعني على الإطلاق أنها لا تنشط وراء الكواليس، أو على الأقل تحاول ذلك. أنظمتنا كما نعرف جميعاً أنظمة مغلقة، فرضت على نفسها عبر العقود الماضية خطاباً سياسياً معيناً تجاه العالم الخارجي غالباً ما تجد نفسها مضطرة إلى مخالفته على أرض الواقع. ولأن المنطقة تمر في هذه الظروف القاهرة، كما تفضلت، سينحصر العمل الدبلوماسي الحقيقي في الأيام والشهور المقبلة على الاتصالات الهادئة وراء الكواليس.

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

عمار عبد الحميد: السلام الداخلي أولاً

مدير مؤسسة "ثروة" يدلي بشهادة جديدة أمام لجنة حقوق الإنسان بالكونغرس


30 أيلول، 2008 /  الناخب السوري

في الرابع والعشرين من أيلول الجاري، استضافت مجموعة حقوق الإنسان بالكونغرس حدثا بعنوان:"سياسات حقوق الإنسان في سورية وتجاه اللبنانيين" تحت إشراف المديرالتنفيذي هانز موغرفي. وقد أدلى بشهادته كل من علي أبو دهن، معتقل سياسي لبناني، وكمال البطل، مدير حقوق الإنسان عن" المجلس العالمي لثورة الأرز،" وعمار عبد الحميد، المدير التنفيذي لمؤسسة "ثروة."

بدأ أبو دهن المناقشة مؤرخا لـ 13  عام من التعذيب وسوء المعاملة، حيث صارت لديه معرفة جيدة بأحوال المعتقلين السياسيين بسورية. أوضح أبودهن أنه كثيرا ما اضطر إلى الإدلاء باعترافات كانت ملفقة تماماً. فعلى سبيل المثال، ومن أجل وقف دورات الاستجواب والتعذيب الشاقة، قال أبو دهن إنه كان عميلارفيع المستوى لإسرائيل، حيث تعامل مع مجموعة من كبار المسؤولين من بينهم عدد من الوزراء والرؤساء الإسرائيليين.

وعقب تدخل أبو دهن، تقدم السيد كمال البطل عضو "المجلس العالمي لثورة الأرز"، بشهادته مشيراً إلى أنه لا يزال مقيما ببيروت ويمكن أن يتعرض للاختطاف في أي وقت جراء مشاركته في الجلسة. وصرح السيد البطل أن قرار مجلس الأمن الدولي 1559 لم يطبق بالكامل بعد، وأنه ما لم ينفذ هذا القرار بالكامل فسيبقى الشعب اللبناني عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان من طرف النظام السوري. ومما يؤسف له أن المخابرات السورية لا تزال تعمل بلبنان، مروّعة كل من يتكلم عن 33 سنة من الاحتلال الأسدي. لقد نجح النظام الأسدي في زرع الخوف في قلوب اللبنانيين تماما كما هو الشأن في جميع أنحاء سورية.

وبالرغم من كل قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة 1559 و 1680 ودعوته للاعتراف الكامل بسيادة لبنان وعلاقاته الدبلوماسية، فإن النظام السوري ينتهك بشكل منهجي استقلال وحرية هذا البلد. ويتابع السيد أحمد حسن البطل أنه تبعا لتقارير العديد من وسائل الإعلام الرئسية فإن حوالي 10000 جندي سوري يرابضون على الحدود اللبنانية الشمالية. تابع قائلا، إن اللبنانيين يتعرضون لعمليات الاختطاف والابتزاز بشكل يومي. ورجح السيدالبطل أن مرتكبي جرائم اغتيالات الشخصيات اللبنانية البارزة هم من فلول النظام السوري.

كما أوضح السيد البطل الآثار السلبية لجماعة "حزب الله" على الساحة السياسية اللبنانية. لكنه أصرّ على أن تجريد "حزب الله" من قذائفه لن يهزمه، لأن لدى الحزب نقط قوة موازية تعتمد على دعاية ناجحة وعلى أجهزة معلومات قوية وهذا مايجب مقاومته لكبح جماح نفوذ هذا الحزب المتسلط.

وكان عمار عبد الحميد مدير مؤسسة "ثروة" آخر من أدلى بشهادته في هذا اللقاء، حيث أزال الغطاء عن الانتهاكات الداخلية للنظام السوري والأوضاع الخطيرة التي تهدد حياة العديد من المنشقين. ونوّه عبد الحميد أنه بعد تولي بشار الأسد الحكم بسورية ساد البلاد جو من التفاؤل والأمل في التغيير الإيجابي، لكن، وخلال أشهر قليلة فقط، اتضح أن بشار ليس إلا نسخة مطابقة لأبيه، حيث اتبع نفس النهج القمعي وبلا هوادة.

وليس صحيحاً ما يقوله مسؤولي النظام وأعوانه أن السياسات القمعية لنظام الأسد تركّز على العناصرالإسلامية المتشددة، بل هي تضطهد على وجه الخصوص العناصر اليبرالية والإصلاحية والإسلامية المعتدلة، العربي منها والكردي على حد سواء. ولقد وجه النظام مؤخراً قدراً كبيراً من الاهتمام لأعضاء المجلس الوطني لإعلان دمشق الذي يمثّل أكبر وأهم تحالف للمعارضة المنظّمة في سورية. وتجلّى اهتمام النظام بشن حملات اعتقال لمجموعة كبيرة من قياداته بسبب اتهامات زائفة ومغرضة.

ومع صعوبة معرفة الإحصاءات بشكل دقيق، نوّه عبد الحميد إلى أن منظمات حقوق الإنسان المهتمة بالشأن السوري تقدر عدد المعتقلين في السجون السورية بالآلاف، في حين يقدر عدد المفقودين منذ أوائل الثمانينيات وحتى اليوم بـ 18000 سجين.

ولم يفت عبد الحميد أن يشير إلى التناقض الغريب والمثير للاستهجان الممثّل بدعوة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لحضور احتفالات يوم الباستيل في فرنسا، في ذات الوقت الذي كانت فيه عناصر أمنه تقوم بشن حملة وحشية ضد معتقلين سجن صيدنايا. إذ لم تلاق هذه الأحداث تغطية إعلامية كافية، بسبب تعمية النظام على الأمر. ولو لم تقم فئة من السجناء بالاتصال خفية ببعض المحطات الإعلامية مثل: الـ "ب. ب. س." و"الجزيرة"والـ "س. إن. إن.،" لبقية فضيحة قتل ما بين 25 و 100 سجين على يد حراس السجن قيد الكتمان.

ويعد ذهاب بشار الأسد ليوم الباستيل وللمشاركة في إطلاق "الاتحاد المتوسطي" تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أكبر دليل على لا مبالاة المجتمع الدولي في هذه المرحلة بقضية حقوق الإنسان وبالديمقراطية.

وأكد عبد الحميد على أن التعامل مع النظام السوري يجب أن يتضمن مجموعة من الشروط، تعد قضية حقوق الإنسان والانفتاح السياسي في صلبها، إذ دون تطبيع داخلي، أصرّ عبد الحميد، لايمكن لسورية أن تطمح حقاً إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل أو لبنان من خلال الحوارات القائمة حالياً في هذا الصدد، وهذا هو الدرس الذي ينبغي على المجتمع الدولي أن يعيه فيما يتعلق بعلاقاته مع النظام السوري.

وتعد هذه المرة الثانية التي يدلي فيها عبد الحميد بشهادة أمام الكونجرس الأميركي، إذ سبق وقدم شهادة أمام اللجنة المختصة بقضايا الشرق الأوسط في الـ 24 من نيسان الماضي.


الخميس، 24 يوليو 2008

الرئيس بوش يكرم عمار عبد الحميد وعدد من النشطاء الحقوقيين


24 تموز، 2008 / الناخب السوري

بدعوة خاصة من وكالة التنمية الأميركية وحضور حوالي الخمسمائة شخص، جرى اليوم/ الخميس 24.7.2008 حفل تكريم عند الساعة العاشرة والربع صباحا ولمدة نصف ساعة في بناء ريغن بالعاصمة واشنطن لمجموعة  من نشطاء الديموقراطية وحقوق الإنسان، حضره الرئيس جورج بوش وعدد من الوزراء الأميركيين والسفراء، إضافة إلى الجمعيات المهتمة بقضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان.

وقد ضم الوفد المكرم، والذي التقاه الرئيس بوش، كل من السيدات والسادة التالية أسمائهم:

أولغا كوزولينا/ بيلاروسيا، بلانكا كونزاليز/ كوبا، تشو جن هاي/ كوريا الشمالية، فيداليس موديمو/ زمبابوي، بريمروز ماتامباناتزو/ زمبابوي، مانوشهر محمدي/ إيران، نيمات أحمدي/ السودان، عمار عبد الحميد/ سوريا.

وألقى الرئيس بوش خطابا، ركز فيه على أهمية استمرار الدعم الأميركي لقضايا الحرية والديموقراطية في العالم،  داعيا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في العالم، سيما في الدول السبعة سابقة الذكر. كما سمى بالاسم مجموعة من المعتقلين، كان بينهم رياض سيف من سوريا.

على صعيد متصل، شاركت حركة العدالة والبناء في مؤتمر عقد الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. وشارك في المؤتمر متحدثون من مختلف دول العالم، تناولوا موضوع سجناء الرأي والضمير والاعتقال التعسفي الذي ما زالت بعض الدول تمارسه ومنها سورية. كما حضر المؤتمر مندوبو الدول دائمة العضوية لدى الأمم المتحدة، ومن بينهم مندوب سورية بشار الجعفري.

ويأتي هذا المؤتمر بعد توقيع عدد كبير من الدول على وثيقة الإعلان العالمي لمعتقلي الرأي والضمير، وتوزع المؤتمر على جلستين: الأولى، تناول فيها المتحدثون موضوع الاعتقال التعسفي وآثاره ودور المجتمع الدولي والأمم المتحدة في الحد من هذه الانتهاكات في العالم. أما الجلسة الثانية: كانت مخصصة للأسئلة والأجوبة، والتي طرحها مندوبو الدول الدائمون والصحفيون.

ومثل الحركة في هذا المؤتمر مسؤول العلاقات العامة أسامة المنجد، الذي قال: "إن حركة العدالة والبناء من خلال هذا المؤتمر ستؤكد على أن زمن الصمت في سورية قد انتهى، وأننا لن نوفر جهداً في إطلاع العالم أجمع بمختلف منظماته وبرلماناته وحكوماته مدى الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن السوري تحت مسميات عدة." وأضاف: "إن حركة العدالة والبناء تعتبر أن هذه الاعتقالات التعسفية بحق أعضاء المجلس الوطني لإعلان دمشق لم تزد المعارضة الوطنية إلا إصراراً وتصميماً على مواصلة النضال لتحقيق الحرية والعدالة في سورية".

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس تراجعها عن لقاء كان مقرّراً بين مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد ولش، ووفد أكاديمي سوري يزور الولايات المتحدة للمشاركة في منتدى بعنوان: "إشراك سوريا: مفاوضات جديدة تحديات قديمة" ينظمه معهد بروكينغز. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، غونزاليس غالوس، "إن الوفد السوري لن يلتقي ولش أو أي ممثل عن الخارجية". ولفت إلى أن السبب وراء هذا الامر هو " تغييرات في البرنامج وفي جدول أعمالنا"،  رغم أن المتحدث نفسه كان أعلن أول أمس أن الإدارة وافقت على طلب الوفد السوري للقاء المسؤول الأميركي.

وفسر بعض المراقبين هذا التراجع بسبب عدم حضور المستشار القانوني رياض الداودي رئيس الوفد السوري في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، مع الوفد وإلغائه زيارته المقررة إلى واشنطن في اللحظة الأخيرة، وحضور الدكتور سمير التقي رئيس «مركز الشرق للدراسات الدولية» بدلا عنه.