الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

"بدنا نخلص بقى"


هناك من يدعو إلى المشاركة في المجلس الوطني من من منطلق "بدنا نخلص بقى"، ولقد سبق وقبلت على مضض دعم المجلس الانتقالي بقيادة برهان غليون من المنطلق ذاته، ولقد رأينا المتاهات التي أدخلنا فيها هذا الأمر، لذلك لن أقبل من الآن فصاعداً، بأي مجلس ما لم تكن آليات ومعايير العمل واضحة ومقبولة، وهو شرط لا يتحقق حالياً في المجلس الوطني، بل قد لا يكون قابل للتحقيق فيه، لذا لن أدعم المجلس، وليكن ما يكون: الخطأ خطأ ولو صبغوه بألوان العلم وتوسلوا إلينا بدم الشهداء.

الأحد، 11 سبتمبر 2011

رهان الثوار على أنفسهم


السيناريو الأول الذي وضع للثورة السورية كان مبنياً على الدفع باتجاه تطور داخلي على شاكلة الثورة التونسية والمصرية، أي أنه كان سيناريو وسطي ما بين الانقلاب والثورة الشاملة، وكان الدافع الأساسي هنا هو الرغبة في احتواء العنف من خلال عزل الأسد وعائلته وبعض زلمه ومن ثم التفاوض والتحاور مع من تبقى لتبنّي معادلة جديدة لتغيير النظام بشكل منتظم وسلس. وتأتي المبادرة العربية اليوم تأتي كمحاولة جديدة للعب على ذات الوتر. لكن المشكلة أننا بعد خمس أشهر ونيف من الثورة وما رأيناه من عنف وقتل وكذب وتكذيب وتحريض على الفتنة الطائفية، ومن ندرة الانشقاقات العالية المستوى في صفوف النظام العسكرية الأمنية والسياسية، لم يعد بوسعنا الرهان على هذا السيناريو الوسطي، وأصبح الخيار الوحيد أمامنا هو خيار الثورة الشاملة والمستدامة، مع ما لهذا الخيار من محاذير وصعاب ومعايير وشروط.

فهذا الخيار لا يراهن على الانشقاقات، بل على التفسّخ المستمر الذي يؤدي في خاتم المطاف إلى سقوط كارثي لمؤسسات النظام الرسمية والشعبية، ولايرتبط بإرادة المعارضة التقليدية وأفعالها وأقوالها وخياراتها، بل على تشكيل معارضة جديدة نابعة من صميم العمل الثوري تعبر عن الرؤية الثورية ذاتها بل تساهم في صياغتها من خلال العمل على تفعيل وتطوير آليات الثورة وفلسفتها وليس من خلال طرح نفسها كوسيط بين الثوار والنظام أو الثوار والمجتمع الدولي. ويخطأ من يعتقد أن هذه المعارضة الجديدة لن تنبع إلا من صفوف ثوار الداخل فقط، لأن لثورة التي لاتكوّن لنفسها امتدادات في الخارج لن تنجح، بل لن تبدأ أصلاً. فالواقع أن هذه الثورة نجمت من البداية عن تعاون وثيق بين قوى ناشطة في الداخل والخارج، قوى كانت دائماً خارج إطار المعارضة التقليدية.

من ناحية أخرى، الثورة الشاملة هي مشروع طويل الأمد، وعلينا أن ندرك ذلك ونعيه تماماً، مهما بلغ بنا التعب والإحباط. إن ربط الإرادة الثورية بجدول زمني معين خطئ فادح، وكذلك ربطها بنشاطات أفراد وأحزاب وتجمعات لم تساهم في صنع الثورة أو تدفع في هذا الاتجاه أساساً. الربط يكون مع إرادة الثوار وقدراتهم ومع هدفي الثورة الأساسيين: نهاية نظام البعث/الأسد بمؤسّساته الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية من جهة، وتكامل بناء قاعدة فاعلة لبنية سوريا الجديدة من جهة أخرى. الثورة ستستمر حتى يتحقق هذان الهدفان، بغض النظر عن المدة الزمنية والكلفة المادية بل والإنسانية (طالما أن وسائلنا المختارة وسائل إنسانية، بصرف النظر عن الخيارات اللاإنسانية للطرف الآخر). ولايجب لأمور مثل مجيء رمضان وانتهاء رمضان وافتتاح المدارس ومجيء العطل الرسمية وانتهاء الصيف وقدوم الشتاء أن تؤثر على الثورة إلا فيما يتعلّق باختيار أساليب المواجهة وتوقيت التظاهرات وغيرها من الأمور اللوجستية. من الآن وحتى النصر على حياتنا اليومية أن تتمحور حول العمل الثوري: نتعب، نمرض، نعتقل، نعيش، نموت، نهجّر، نحبط، كل هذه تطورات عادية في حياة الثوار اليومية، المهم أن يصبح الاستمرار جزءاً من هذه الصيرورات الموضوعية ويتوقف عن كونه خياراً. لايمكن لمن جائت ثورته فعلاً كتعبير صادق عن رغبته في التحرر وفي الحياة بكرامة أن يعطي لنفسه خيار الاستسلام. قد يبدو هذا الكلام نظرياً للوهلة الأولى، لكن الثورات الحقيقية لاتنجح إلا من خلال تبنّي هذه العقلية/النفسية، ولقد واجهت شعوب كثيرة في العالم قمعاً أكبر بكثير من ذلك الذي نواجهه اليوم، واستمرت في ثورتها مع ذلك حتى النصر.

وباختصار، أقول: يجب أن يكون رهان الثوار الأول على أنفسهم وعلى قدراتهم القائمة وتلك التي يمكن بنائها من خلال العمل الثوري أو بالتوازي معه، والثوار لايربطوا نجاح مشروعهم الثوري بإرادة الغير وقدرات الغير ومخططات الغير، سواء كانوا من أبناء جلدتهم أو من خارج الديار. نعم لايوجد ما يعيب في طلب المعونة من الغير وبناء تحالفات استراتيجية أو تكتيكية، قصيرة أو طويلة الأمد، معهم من أجل تحقيق أهدافنا، فهذه الأمور جزء لايتجزأ من العمل الثوري والسياسي، ولقد لجأت إليها كل الشعوب من قبل، ويكذب على نفسه وعلينا كل من يقول لنا بأن هذا الأمر خيانة. المهم أن ندرك أن مفتاح النجاح يبقى في أيدينا وأن الغير لن يساعدونا، بغض النظر عن الاعتبارات الإنسانية، إلا إذا أحسّوا أن الرهان علينا له مبرّراته العملية وفوائده المستقبلية. فلايجب أن نستجدي الحماية الدولية، بل ينبغي أن نطالب بها من منطلق تفاوضي: كونوا معنا اليوم لنقدّر ذلك لكم بعد النصر غداً، اكسبوا صداقتنا غداً من خلال وقوفكم معنا اليوم، خذوا مصالحنا كشعوب بعين الاعتبار اليوم، لنتعامل معكم بالمثل غداً. وبانتظار تجاوب العالم معنا، علينا أن نستمر في ثورتنا بالاعتماد على قدراتنا الذاتية، تماماً كما بدأنا.

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

ما فائدة البيانات المنمّقة


ما فائدة البيانات المنمّقة والعقلانية في الظاهر عندما نكون على ثقة من أن الطرف الآخر سيبقى مصراً على القمع حتى آخر لحظة؟ لماذا نخاطر بخسران من لنا على الأرض وما لنا من مصداقية عندهم في محاولة يائسة لكسب رضى من لن يرضى لأنه ما يزال مقتنعاً بقدرته على فرض حل عسكري وأمني علينا، ولأنه لايريد أن يتخلّى عن السلطة أساساً؟ نحن اليوم في حالة مواجهة مفتوحة ومن الأفضل لنا أن نطوّر أساليبها وندعم الخط الأول لها من أن نضيّع الوقت والموارد في دعوات إلى حوار لن يحدث، وإن حدث فلن يفضي إلا إلى تفريغ الثورة.

الخميس، 8 سبتمبر 2011

المعارضة الجديدة


أقدر تماماً مشاعر الثوار الذين أصابهم بعض الإحباط واليأس في الفترة الأخيرة، لكن ما تم إنجازه حتى الآن هو أكثر من معجزة ولن نسمح لأحد بالتفريط بهذا. وإذا كانت المعارضة التقليدية على الرغم من صخبها ما تزال غير قادرة على استيعاب مطالب الشارع لانقطاعها المزمن عنه، فهناك معارضة جديدة تتشكّل في الداخل والخارج، سيكون لها دورها الأساسي في تشكيل أحداث الفترة القادمة. والكلام هنا ليس عن الأعمار والأجيال بالضرورة، بل عن القدرة على الانفتاح على آليات عمل وطرق تفكير جديدة في العمل السياسي. وللحديث تتمة.

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

عن المبادرة العربية


مشكلة المبادرة العربية أنها مبنية على الاعتقاد بأن بشار الأسد وشبيحته الذي يستخدمون وسائل الإعلام الرسمية لبث الفتنة الطائفية والذين يبنون مليشيات شعبية ويعدّون العدة لحرب أهلية سيتراجعوا في آخر لحظة ويوافقوا على المشاركة في عملية تغيير نظامهم وإحالة أنفسهم إلى التقاعد. ومشكلة الدعوة لقبول المبادرة من منطلق إحراج النظام أنها تفتح باباً واسعاً إمام النظام للمناورة والتسويف، وتعطيه عامين للالتفاف على الثورة الشعبية واصطياد قادتها. تريدون إحراج النظام؟ وافقوا على المبادرة بشرط أن تجري الانتخابات الرئاسية قبل نهاية العام الجاري.



السبت، 3 سبتمبر 2011

أخطأ الدكتور غليون في قراءته للأمور


أخطأ الدكتور غليون في قراءته للأمور: هو لم يُكلَف بتشكيل المجلس الانتقالي بل برئاسة مجلس شُكّل. كان من الأفضل له أن يقبل بالأمر ويدعو المجلس للانعقاد ومن ثم يقترح بعض التعديلات، أما التسويف لأسبوعين فينم عن إساءة فهم للعوامل التي أدت إلى التعجيل في الإعلان: انقسامات شديدة بين الثوار وإحباط كبير في الشارع سيتزايد بسبب هذا التسويف الذي سيفسح المجال أيضاً للإعلان عن مجالس جديدة وإلى المزيد من الإرباك. لقد أخفق برهان في أول امتحان سياسي له كشخصية قيادية، وفي الأزمنة الثورية، الفرص الثانية نادرة.