* لا تكاد هذه الأجساد البالية تفقه من نحن ومع ذلك فهي تقف لنا
بالمرصاد: تشيخ وتهرم قبل أوانها فتحرمنا من الاستفادة من الخبرة الحياتية التي
تراكمت فينا ومن سبر أغوار قدراتنا الكامنة التي يتطلّب اكتشافها أعماراً وليس
عمراً واحداً فقط. نحن دائماً بحاجة إلى المزيد من الوقت للتواصل مع ذواتنا
الحقيقية التي لا ندرك وجودها ومعناه إلّا متأخّرين، بحيث تصبح حياتنا ضياعاً في
ضياع، لا نكاد ندرك ثراها حتى تفلت من بين أصابعنا. ومع ذلك كله، مازالت مسيرتنا
التاريخية مسيرة تصاعدية، ربما لحكمة ما كامنة في لاوعينا المشترك.
* يقرّر العقل للوهلة الأولى أن ما من شيء يحدث قبل أوانه، لكنه
سرعان ما يتدارك نفسه ويقرّ أن كلّ شيء تقريباً يحدث قبل أوانه، وإلّا ما معنى
لاجهوزيتنا الدائمة للتعامل مع المتغيّرات فينا ومن حولنا؟ نعم، كلّ شيء يحدث قبل
أوانه ما خلا إدراكنا العميق لجسامة المسؤوليات المناطة بنا في هذه الحياة، فهذا
الإدراك لا يأتي إلا متأخّراً وغالباً بعد فوات الأوان. ولذا، تجدنا مقصّرين
دائماً بحقّ أنفسنا وبحقّ العالم من حولنا: هذا هو الانعكاس الحقيقي للنقصان فينا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.