الجمعة، 19 أبريل 2013

أشباح الماضي


* لا أكره العنف فيّ، لكني أبحث عن وسائل بناءة للتنفيث عنه، فعلاج العنف فينا لا يكمن في استئصاله بل في ترشيده، مثله كمثل سائر الغرائز.

* لا راحة لضمير إلا في نوم أو موت.

* لن تغادرنا أشباح الماضي طالما بقيت أبوابنا مشرعة له وبقينا نستمد إلهامنا منه.

* من كان حنينه للماضي بقي عبداً له وحليفاً لأشباحه، وحده الحنين للمستقبل يقود إلى الحرية.

* علينا أن نتعلم من الماضي، لا أن نخضع له. بل، علينا أن نتعلم منه كيف لا نخضع له.

* الأحرار أولاد المستقبل، لاسلطة لماضٍ عليهم ولاسلطان. 


الثلاثاء، 16 أبريل 2013

الثورات


* الثورات مصانع الشعوب ومخابر الأمل، تتطلب إدارتها انفتاحاً فكرياً ونفسياً على المجهول بكل احتمالاته. لن نتعلّم شيئاً إذا ما بقينا متمرسين وراء إيديولوجياتنا ومخاوفنا.

* خوف البعض من المجهول والشكوك التي يجلبها معه أكبر من خوفهم من الموت، لذا غالباً ما تراهم يعانقون الموت والتماوت ويهربون من الحياة بتحويلهم إياها إلى مجموعة من الطقوس العقيمة. وحده من يعانق المجهول يفقه الحياة.

* مانزال اليوم منهمكين بتعلم ألفباء الإنتماء، ومعظمنا مايزال بحاجة لهوية جمعية ما ليشعر بالأمان. مايزال الإنسان غير قادر على الإكتفاء بإنسانيته فيما يبدو، لذا، ما يزال الإنسان فقيراً، والإنسانية جدباء. طوبى لمن كانوا استثناءاً لأنهم نور الحياة ومعناها.

* سأبقى مع الثورة حتى مخ العظم وإن جلبت معها ظلماً على ظلم في مراحلها الأولى، لأن العبرة بالنهاية، وهي نهاية لن يكتبها إلا الأحرار.

* الكل مشغول اليوم بمعارضة التقسيم، لكن التقسيم أصبح واقعاً مُعاشاً لا يمكن معالجته بالرفض. نحن بحاجة إلى رؤية واقعية لإعادة التجميع.


الأحد، 14 أبريل 2013

غرباء أكثر منا شركاء


بعيداً عن المثاليات وعن موقفي الشخصي من الأمور، الحقائق التالية باتت بالنسبة لي واضحة:

أثبتت الأيام والشهور الماضيات أننا كسوريين معاصرين، بخلفياتنا المتنوّعة، غرباء أكثر منا شركاء في الوطن، وبالتالي لن تكون المحبة والألفة حلّاً لأزمتنا الراهنة. إذ لن ينسى أحدنا، أو يتناسى، ما حدث، ويحدث، والكثير منا لن يغفر، أو يُعلّم أولاده المغفرة. كما أنّا لن نتفق أبداً على تفسير مشترك لما جرى، ويجري. سيبقى الأسد بطلاً في نظر الكثيرين، وإن رحل، وستبقى الثورة في نظر الكثيرين حصّيلة لمؤامرة ما، وسيكون لهم في ظهور متطرّفين في صفوف الثوّار خير دليل على ذلك، بصرف النظر عن الحقائق التي مهّدت لذلك. أما بالنسبة للثوّار، فالشرذمة ستبقى هي الحال، حتى حين، وسيبقى الإسلامي إسلامياً والعلماني علمانياً واليساري يسارياً والريفي ريفياً والمديني مدينياً والوسطي وسطياً والحائر حائراً، ولن يتفقوا على أرضية مشتركة، حتى حين.

وسيبقى التمترس الطائفي والقومي والفئوي عنواناً للمرحلة القادمة عند كل الأطراف بغض النظر عن المضمون الشكلي لخطابي الثورة والمقاومة.

ومع ذلك، مع كل ذلك، سنبقى، كسوريين، وبحكم الجغرافيا والتاريخ، محكومين بالعيش المشترك، وما من مخرج أمامنا من أزمتنا الراهنة إلّا في إيجاد قواعد ناظمة جديدة لهذا العيش تسمح بتجميع الدولة من جديد، هذا إذا بقي الأمر في إطار الممكن. فالرغبات شيء والمُتاح شيء آخر، وعلى الكل أن يتعلّم فنّ التفاوض والمساومة، لأن السلاح لن يحلّ كل خلاف ولن يفيد إلا في إطالة أمد الصراع وتعقيده فقط.

ولن تُرضي القواعد الجديدة للتعايش أحداً بالمُطلق، ولن ترتقي مباشرة إلى كل أمل أو طموح معلّق عليها، وسيفلت معظم المجرمين من العقاب، ولن نتمكّن من وضع حدّ للفوضى وفرض الأمن والاستقرار بسهولة، وستتطلّب إعادة بناء ما تخرّب من بيوت ونفوس عقوداً عديدة من العمل. وفي الواقع، ماتزال طريقنا نحو مجتمع ديموقراطي عادل طويلة وشاقّة.


ومع ذلك، مع كل ذلك، أقول طوبى للثورة، إذ كنا أمواتاً قبلها فأحيتنا من جديد، وكنّا ضالّين عن أنفسنا فوجدناها من جديد، مهما تعدّدت طرقنا إليها، ومهما شاب هذه النفوس من نواقص وأدران بعد عقود من القمع والخذلان. طوبى للثورة لأنها التجربة التي كنا بأمسّ الحاجة إليها لنعود إلى التاريخ كوجود خلاّق ومشارك في صنع صيروراته وليس كوقود لها فقط.

السبت، 13 أبريل 2013

الحق


* ما فائدة أن تكون على حق ما لم يكن لك تأثير؟

* هناك أشخاص عندما يكون الحق معهم ترى الناس يهرعون لمعانقة الباطل.

* الظهور الإعلامي ليس الطريقة الوحيدة للتأثير، لكنه أكثر إرضاءاً للأنا.

* كونك تعتقد أنك على حق لا يجعل منك وصيّاً على الآخرين. الدعوة شيء والوصاية شيء آخر.

* باطل هو الحق الذي لا  يُفرَض وجوده إلا بالقوة والتلاعب.

* كلنا يرى أنه على حق، لذا لايحق لأحد منا أن يحتكر الدولة.

* من حق الآخر عليك أن ترتضي له ما يرتضيه لنفسه في حياته الخاصة وإن لم ترضاه لنفسك. مع العلم أن الحياة الخاصة لا تقتصر فقط على ما يحدث خلف الجدران بل تشمل كل ما يتعلّق بخيارات المرء في الملبس والمأكل والمشرب والمعشر والمعتقد.

* لا يكفي أن يكون المرء على حق في أقواله، المهم أن يكون على حق في أفعاله. صوابية الأفعال أهم من صوابية الأقوال.

* لايمكن للدولة في مجتمع متعدد القوميات والأديان والطوائف والأحزاب السياسية أن تكون عادلة إذا ما انحازت إلى قومية أو دين أو طائفة أو حزب بعينه تحت أية ذريعة أو مسوغ أو مسمى. العدالة هي الحل.

* ما لم  تقم دولتنا الجديدة في سوريا على العدالة فلن تقوم. 


الأحد، 7 أبريل 2013

"لا تشتم رباً لا تعبده!"


"لا تشتم رباً لا تعبده!" - بات الكثير يستشهد بهذه الموعظة السومرية القديمة وكأنها حكمة منزّلة، لكنّ الواقع أنها قيد ما مثله قيد على حرية التعبير والاعتقاد، ولو تسنّى للإنسانية النجاح في تطبيقها لَما ظهرت الكثير من الأديان والفلسفات إلى حيّز الوجود، ومنها الإسلام. إذ دعونا لا ننسى هنا أن نبي الإسلام نفسه شتم آلهة بات لا يعبدها، بل أنه حطمها بعد ذلك كما فعل الكثير من الأنبياء قبله، وبعده. وإن كان في التحطيم، بحسب السياق التاريخي، تجاوز لحرية التعبير (كما في تحطيم تماثيل البوذا في أفغانستان، وهو الحدث الذي يتّخذه الرهبان البوذيون المتطرّفون في بورما عُذراً اليوم لتطهير الدولة من المسلمين، لكن الأسباب الحقيقية للصراع هناك أعمق من هذا)، فالشتم والتسفيه والنقد يقعا ضمن حدودها التي رسمتها الشُرعة العالمية لحقوق الإنسان وباتت مقوننة في معظم بلدان العالم اليوم. فمن حقّ الإنسان أن ينتقد ما يراه باطلاً وبأقسى العبارات حتى وإن آذى ذلك مشاعر الآخرين، فالقانون يحمي الحقوق لا المشاعر، وآن الأوان للناس أن يبلغوا حداً من النضج يحسنون فيه التعامل مع ما يسيء إلى مشاعرهم بلا عنف أو قمع.

وقد يعترض البعض على موضوع الشتم ويقولون أن المطلوب هو النقد، وفي هذا وجهة نظر. لكن المشكلة أن حتى النقد الموجّه ضد ما يعتبره البعض مقدّسات يشكّل بالنسبة إليهم في معظم الأحيان شتماً. كما أن الشتم بحد ذاته تصرّف انفعالي، ألا يحقّ للمرء أن ينفعل طالما أن انفعاله لفظيّ بحت؟ من ناحية أخرى، يشكّل الشتم في الكثير من الأحيان نوعاً من أنواع الرفض والاعتراض القوي على أمور يرى فيها الشاتم إشكالاً أو مغالطة كبيرة لا يمكنه التعبير عن رفضه لها إلا بالشتم. لقد اعترض الكثير من الناس على استخدام الثوّار في سوريا لعبارة "يلعن روحك يا حافظ" لِما لحافظ من قداسة حقيقية عند بعض العلويين، خاصة الريفيين منهم والذين لجأ إليهم النظام بالذات لتشكيل فرق موته الأكثر ولاءاً، لكن، ولأن حافظاً أصبح رمزاً للنظام، وهو من سعى إلى ذلك عبر السنين مُستخدماً كل مافي الدولة من مؤسّسات رسمية وغير رسمية، كان من الطبيعي لِمَن خرج على نظامه أن يلجأ في مرحلة ما إلى استخدام عبارات من هذا النوع، بل حتى إلى تحطيم أصنامه. إن شتم المقدّسات حقّ، سواء كانت هذه المقدّسات سياسية أو دينية أو هجينة. فما كل مقدّس صائب لكل الناس أو لكل زمان ومكان. لقد ولّى عصر السومريين. لا أرباب بالمُطلق اليوم، والقداسة ستبقى في عين المعتنق فقط، ولايحقّ له فرضها على الآخرين إلا بالحوار، وعليه أن يعرف كيف يتعامل بالحسنى مع رفض الآخرين لها، مهما كان رفضهم مؤذياً لمشاعره. ومن يحاول فرض مقدّساته على الآخر بالقوة، يبرّر للآخر رفضها بالمّطلق. 


السبت، 6 أبريل 2013

ضميرهم مرتاح


يقول البعض أن ضميرهم مرتاح لأنهم وقفوا إلى جانب اللاعنف منذ بداية الثورة، ويقول آخرون أن ضميرهم مرتاح لأنهم من البداية أدركوا أن النظام الأسدي لايُقاوم إلا بالسلاح، فيما يصِرُّ آخرون على أنهم مرتاحو الضمير بالذات لأنهم صدقوا كلام الأسد عن المندسّين وعن المؤامرة الكونية المُحاكة ضد نظامه المُمانع. إنّ راحة الضمير ليست دليلاً على صوابية الموقف، بل ربّما تكون في الكثير من الأحيان مؤشّراً على جهل ما أو رغبة بالتنصّل من تحمُّل مسؤولية مواجهة الواقع وما يصحبها من تبعات نادراً ما تترك مجالاً لراحة البال والضمير. إن العمل الثوري بطبيعته ينضوي على الكثير من المساومات الداخلية والبينية، وعلى إعادة ترتيب مستمرة للأولويات، مما يفتح الأبواب على مصاريعها أمام الحيرة والتخبّط والتشكّيك والقلق والتوجس والخطأ: لا، لا راحة لبال أو ضمير في زمن الثورة. لكن غياب هذه الراحة أيضاً ليس بدليل على صوابية المواقف. من منا على حق إذاً؟ وحده المستقبل يقرّر. أما الآن، فلامناص من الاجتهاد ومن التعايش المستمر مع التوجس والشك


الجمعة، 5 أبريل 2013

لا سلطة لشرع...


لَا سُلْطَةَ لِشَرْعٍ، مَهْمَا كَانِتْ مَصَادِرُهُ مُقَدَّسَةً فِي نَظَرِ الْبَعْضِ، عَلَى فِئَةٍ أَوْ فَرْدٍ إِذَا مَا انْتَقَصَ مِنْ حَقِّهِمَا فِي صِيَاغَتِهِ أَوْ نَقْدِهِ، خَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِسُلْطَتِهِ عَلَى الْفَضَاءِ الْخَاصِّ، أَيْ كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِخَيَارَاتِ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَعْشَرِ وَالْمُعْتَقَدِ. أَوْ، بِاخْتِصَارِ، لَا سُلْطَةَ لِشَرْعٍ عَلَى فِئَةٍ أَوْ فَرْدٍ إَلَّا بِقَدْرِ مَا يُعْطِيهِمَا مِنْ حَقٍّ فِي صِيَاغَتِهِ وَنَقْدِهِ دُونَمَا خَوْفٍ مِنْ قَمْعٍ أَوْ اضْطِهَادٍ. فكُلُّ الشَّرْعِ دُنْيَوِيٌّ بِجَوْهَرِهِ، وَإِنْ أَصَرَّ الْبَعْضُ عَلَى تَقْدِيسِ بَعْضِ مَصَادِرِهِ. وَبِالتَّالِي لَا قَدَاسَةَ لَأَيٍّ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَمَبَادِئِهِ وَمَوَادِّهِ، فَأَحْكَامُ الشَّرْعِ ضَوَابِطٌ لَأَفْعَالِ الْبَشَرِ لَا لِتَصَرُّفَاتِ الشَّيَاطِينَ أَوِ الْمَلَائِكَةِ أَوِ الْآلِهَةِ. وَمَا وُضِعَ لِضَبْطِ سُلُوكِ الْبَشِرِ يَبْقَى خَاضِعَاً لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِهِمْ وَظُرُوفِهِمْ وَآرَائِهِمْ، وَيَبْقَى بِالتَّالِي مُنْفَتِحَاً عَلَى مُسَاهَمَاتِهِمْ وَانْتِقَادَاتِهِمْ. وَمِمَّا لَاشَكَّ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا يَخْضَعُ لِرَأْيِ الْبَشَرِ وَآرَائِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ لَابدَّ وَأَنْ يَتَأَثَّرَ بِمَا فِيهِمْ مِنْ نُقْصَانٍ، فتَزُولُ عَنْهُ بِالتَّالِي صِفَةُ الْقَدَاسَةِ وَالْكَمَالِ.

الخميس، 4 أبريل 2013