الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

عمار عبد الحميد: السلام الداخلي أولاً

مدير مؤسسة "ثروة" يدلي بشهادة جديدة أمام لجنة حقوق الإنسان بالكونغرس


30 أيلول، 2008 /  الناخب السوري

في الرابع والعشرين من أيلول الجاري، استضافت مجموعة حقوق الإنسان بالكونغرس حدثا بعنوان:"سياسات حقوق الإنسان في سورية وتجاه اللبنانيين" تحت إشراف المديرالتنفيذي هانز موغرفي. وقد أدلى بشهادته كل من علي أبو دهن، معتقل سياسي لبناني، وكمال البطل، مدير حقوق الإنسان عن" المجلس العالمي لثورة الأرز،" وعمار عبد الحميد، المدير التنفيذي لمؤسسة "ثروة."

بدأ أبو دهن المناقشة مؤرخا لـ 13  عام من التعذيب وسوء المعاملة، حيث صارت لديه معرفة جيدة بأحوال المعتقلين السياسيين بسورية. أوضح أبودهن أنه كثيرا ما اضطر إلى الإدلاء باعترافات كانت ملفقة تماماً. فعلى سبيل المثال، ومن أجل وقف دورات الاستجواب والتعذيب الشاقة، قال أبو دهن إنه كان عميلارفيع المستوى لإسرائيل، حيث تعامل مع مجموعة من كبار المسؤولين من بينهم عدد من الوزراء والرؤساء الإسرائيليين.

وعقب تدخل أبو دهن، تقدم السيد كمال البطل عضو "المجلس العالمي لثورة الأرز"، بشهادته مشيراً إلى أنه لا يزال مقيما ببيروت ويمكن أن يتعرض للاختطاف في أي وقت جراء مشاركته في الجلسة. وصرح السيد البطل أن قرار مجلس الأمن الدولي 1559 لم يطبق بالكامل بعد، وأنه ما لم ينفذ هذا القرار بالكامل فسيبقى الشعب اللبناني عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان من طرف النظام السوري. ومما يؤسف له أن المخابرات السورية لا تزال تعمل بلبنان، مروّعة كل من يتكلم عن 33 سنة من الاحتلال الأسدي. لقد نجح النظام الأسدي في زرع الخوف في قلوب اللبنانيين تماما كما هو الشأن في جميع أنحاء سورية.

وبالرغم من كل قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة 1559 و 1680 ودعوته للاعتراف الكامل بسيادة لبنان وعلاقاته الدبلوماسية، فإن النظام السوري ينتهك بشكل منهجي استقلال وحرية هذا البلد. ويتابع السيد أحمد حسن البطل أنه تبعا لتقارير العديد من وسائل الإعلام الرئسية فإن حوالي 10000 جندي سوري يرابضون على الحدود اللبنانية الشمالية. تابع قائلا، إن اللبنانيين يتعرضون لعمليات الاختطاف والابتزاز بشكل يومي. ورجح السيدالبطل أن مرتكبي جرائم اغتيالات الشخصيات اللبنانية البارزة هم من فلول النظام السوري.

كما أوضح السيد البطل الآثار السلبية لجماعة "حزب الله" على الساحة السياسية اللبنانية. لكنه أصرّ على أن تجريد "حزب الله" من قذائفه لن يهزمه، لأن لدى الحزب نقط قوة موازية تعتمد على دعاية ناجحة وعلى أجهزة معلومات قوية وهذا مايجب مقاومته لكبح جماح نفوذ هذا الحزب المتسلط.

وكان عمار عبد الحميد مدير مؤسسة "ثروة" آخر من أدلى بشهادته في هذا اللقاء، حيث أزال الغطاء عن الانتهاكات الداخلية للنظام السوري والأوضاع الخطيرة التي تهدد حياة العديد من المنشقين. ونوّه عبد الحميد أنه بعد تولي بشار الأسد الحكم بسورية ساد البلاد جو من التفاؤل والأمل في التغيير الإيجابي، لكن، وخلال أشهر قليلة فقط، اتضح أن بشار ليس إلا نسخة مطابقة لأبيه، حيث اتبع نفس النهج القمعي وبلا هوادة.

وليس صحيحاً ما يقوله مسؤولي النظام وأعوانه أن السياسات القمعية لنظام الأسد تركّز على العناصرالإسلامية المتشددة، بل هي تضطهد على وجه الخصوص العناصر اليبرالية والإصلاحية والإسلامية المعتدلة، العربي منها والكردي على حد سواء. ولقد وجه النظام مؤخراً قدراً كبيراً من الاهتمام لأعضاء المجلس الوطني لإعلان دمشق الذي يمثّل أكبر وأهم تحالف للمعارضة المنظّمة في سورية. وتجلّى اهتمام النظام بشن حملات اعتقال لمجموعة كبيرة من قياداته بسبب اتهامات زائفة ومغرضة.

ومع صعوبة معرفة الإحصاءات بشكل دقيق، نوّه عبد الحميد إلى أن منظمات حقوق الإنسان المهتمة بالشأن السوري تقدر عدد المعتقلين في السجون السورية بالآلاف، في حين يقدر عدد المفقودين منذ أوائل الثمانينيات وحتى اليوم بـ 18000 سجين.

ولم يفت عبد الحميد أن يشير إلى التناقض الغريب والمثير للاستهجان الممثّل بدعوة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لحضور احتفالات يوم الباستيل في فرنسا، في ذات الوقت الذي كانت فيه عناصر أمنه تقوم بشن حملة وحشية ضد معتقلين سجن صيدنايا. إذ لم تلاق هذه الأحداث تغطية إعلامية كافية، بسبب تعمية النظام على الأمر. ولو لم تقم فئة من السجناء بالاتصال خفية ببعض المحطات الإعلامية مثل: الـ "ب. ب. س." و"الجزيرة"والـ "س. إن. إن.،" لبقية فضيحة قتل ما بين 25 و 100 سجين على يد حراس السجن قيد الكتمان.

ويعد ذهاب بشار الأسد ليوم الباستيل وللمشاركة في إطلاق "الاتحاد المتوسطي" تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أكبر دليل على لا مبالاة المجتمع الدولي في هذه المرحلة بقضية حقوق الإنسان وبالديمقراطية.

وأكد عبد الحميد على أن التعامل مع النظام السوري يجب أن يتضمن مجموعة من الشروط، تعد قضية حقوق الإنسان والانفتاح السياسي في صلبها، إذ دون تطبيع داخلي، أصرّ عبد الحميد، لايمكن لسورية أن تطمح حقاً إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل أو لبنان من خلال الحوارات القائمة حالياً في هذا الصدد، وهذا هو الدرس الذي ينبغي على المجتمع الدولي أن يعيه فيما يتعلق بعلاقاته مع النظام السوري.

وتعد هذه المرة الثانية التي يدلي فيها عبد الحميد بشهادة أمام الكونجرس الأميركي، إذ سبق وقدم شهادة أمام اللجنة المختصة بقضايا الشرق الأوسط في الـ 24 من نيسان الماضي.