الاحتراق - لوحة ديجتالية لـِ عمار عبد الحميد من سلسلة "عن الحرية والثورة" حقوق الطبع محفوظة |
خراب
دمشق وغيرها من المناطق التي لم تتعرض لحجم الدمار الذي تعرّضت له المحافظات
والمناطق الأخرى لن يعوّض أحداً من الذين تدمرت مدنهم ونواحيهم وقراهم عما جرى
لهم، ولكنه يعني خراب ما تبقى من سوريا، وخراب ما تبقى من سوريا لا يعني فقط أنها
لن تعود كما كانت، أي دولة مركزية موحّدة ذات سيادة مستقلة، فهذا انتهى ومن بداية
حملة القمع في 2011، لكنه يعني نهاية الشعب السوري عملياً.
والمشكلة
في هذا التطور هو غياب هويات بديلة قادرة على تشكيل أنوية لدول جديدة قادرة على
صون كرامة شعوبها وعلى تحقيق الاستقرار والأمان والرخاء لها. إذ في حين يمكن
للهويات الأخرى في سوريا أن تسمح بتشكيل كانتونات إثنية ما، لا يمكن لها في هذه
الظروف السياسية والاقتصادية والثقافية أن تشكّل دولاً قادرة على الاستمرار، حتى
مع وجود دعم خارجي لها.
وتهدف
مبادرة مؤسسة ثروة إلى إفساح المجال (على الأقل 5 سنوات) أمام طرح مشاريع جديدة
لسوريا المستقبل قد تؤدي مع الوقت وبالتوافق إلى الفدرالية أو الكونفدرالية، أو
حتى التقسيم، ولكن عن طريق عملية سياسية تسمح بالمباشرة بعمليات إعادة البناء على
مختلف الأصعدة من لحظة انطلاقها في الداخل. أما الاستمرار في الاقتتال وفي استكمال
الخراب، رعونة وتعنتاً وتشفياً، فسيقودنا بلا شك إلى الصوملة، ولن تقوم للسوريين
قائمة بعدها إلا من خلال نجاحاتنا في بلاد المنفى والمهجر.
ما
زالت عندنا فرصة متناهية في الضآلة للحيلولة دون ذلك، وأنا أرى أننا كشعب، أو
شعوب، على كل علاتنا وعللنا، ما نزال نستحق ذلك أن نحاول الاستفادة من هذه الفرصة،
لأن ثمن الفشل وثمن الامتناع عن المحاولة هو ذاته: خراب البلد ونهاية شعب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.