الأربعاء، 1 يوليو 2015

أسئلة مذنبة حتى الثمالة ومتورّطة حتى نقيّ العظم في الجريمة

إذا تم "تحرير" دمشق بنفس الطريقة التي ما يزال يتم من خلالها "تحرير" حلب، هل سنعتبر هذا نصراً؟ هل سنحتفل على الأنقاض؟ هل سننظر إلى سقوط مأذنة العروس ودمار الجامع الأموي بنفس العجز التي أنتابنا ونحن نشاهد ما جرى للجامع الكبير في حلب، وعشرات الجوامع الأخرى في البلد؟ هل سيعنينا كثيراً دمار دمشق القديمة: وهي روح المدينة؟ هل بات المطلوب اليوم أن يعمّ الخراب ويطال كل شبر في سوريا لكي نشعر بأننا قد "تحرّرنا" بالفعل، وبأن ما "حدا أحسن من حدا" – نحن الذين نهضنا أساساً لإنقاذ البلد من الخراب المستتر؟ هل ينبغي على الخراب أن يشمل الساحل والحسكة والقامشلي والسلمية وحماة والسويداء ودمشق لكي نتحرّر من عقدة المناطقية؟

أين سيذهب ملايين اللاجئين الذين ما زالوا في الداخل؟ أين سيذهب سكان المدن التي لم يطالها الخراب بعد إن وصل الخراب إليهم؟ وهل سيعودون يوماً إلى البلاد إن إجبروا على مغادرتها؟ ولمن تبقى البلاد إن خلت من أفضل متعلّميها وتجارها وحرفييها؟ وهل يمكن للحرية أن تنمو في الخراب إذا ما أمست النفوس ذاتها خَرِبة (ولنا في ما يجري في أفغانستان والصومال دروساً كثيرة في هذا الصدد، وعِبَر)؟

أسئلة باتت ضرورية لأن تعريف الكثير منا للنصر فيما يبدو أصبح لا يختلف كثيراً، ولايقلّ عدمية أو نرجسية أو تشفّياً عن تعريف النظام له.

خلاصة القول: نعم. إن كان ثمة حل للأزمة السورية، فالأمر يستدعي الانخراط في عملية سياسة ما وإن تطلبت منا تنازلات كثيرة. ومن رأى في التنازلات خسارة، فهذا لأنه بنى توقعات غير منطقية حول الثورة ومكاسبها، فثمار الثورة لا تقطف دفعة واحدة بل على دفعات، ومع مرور الوقت، ومالم نتعلم سياسة المساومات سنخسر كل شيء.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.