مقاتلو داعش في الرقة يحتفلون بإعلان الخلافة |
لا،
لم يأتِ إعلان داعش عن قيام الدولة الإسلامية وعن "تعيين" خليفة جديد
للمسلمين جميعاً كتطور فريد من نوعه في أزمنتنا الحديثة، لكنه مع ذلك ليس بالتطور
العادي، إذ من المتوقع أن يستجيب عدد لابأس به من الحركات الجهادية حول العالم
لدعوة داعش لها لإعلان البيعة للخليفة البغدادي، بل لاشك عندي في أن قادتها
سيسارعون إلى تقديم فروض السمع والطاعة لـ "أمير مؤمنين" عصرنا هذا، فـ
"الانتصارات" التي حققتها الدولة مؤخراً في العراق وسوريا، أو بالأحرى،
تلك التي نُسبت إليها، أعطتها زخماً لايُستهان به، وثروة نقدية طائلة سيتم توظيفها
ولابد في شراء الولاءات، كما جرت العادة. كل هذا، والأحداث تجري تباعاً في منطقة
ذات رمزية تاريخية كبيرة في ذاكرة المسلمين، لا في بقعة نائية من العالم.
لن
يقف العالم، بما فيه الولايات المتحدة، موقف المتفرج طويلاً بعد اليوم، هذا إذا ما
صدقنا أن التفرج كان هو سيد الموقف أساساً، لكن الحرب ستبقى تُقاد وتُسعّر
بالوكالة، جالبة معها المزيد من الدمار، والخراب، والتفكّك... والاحتمالات، تلك
الاحتمالات التي ستصبح فرصاً ثمينة للتكسّب بالنسبة للبعض، ومقابر بالنسبة لآخرين.
وسنبقى وقوداً في عالم يخبو نوره باستمرار. سنبقى وقوداً طالما بقيت أجوبتنا كلها
كامنة في ماضٍ لن تحييه تضحياتنا مهما تكاثرت، وفي تعامٍ مستمر عن طبيعة الواقع
الذي نواجهه، واقع لاتعالجه الأماني ولا الترفّع عن الانخراط في المعمعة،
ولاتعالجه إيديولوجيات وعقائد عقيمة، وتلك الأجوبة المقولبة الجاهزة إياها التي ما
فتئنا نقتات عليها مذ ولدنا، واقع لاينفع معه إلا التجريب المستمر لكل ما هو جديد،
مهما كان غريباً ومؤلماً وخارجاً عن مألوفنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.