لَا
سُلْطَةَ لِشَرْعٍ، مَهْمَا كَانِتْ مَصَادِرُهُ مُقَدَّسَةً فِي نَظَرِ الْبَعْضِ،
عَلَى فِئَةٍ أَوْ فَرْدٍ إِذَا مَا انْتَقَصَ مِنْ حَقِّهِمَا فِي صِيَاغَتِهِ
أَوْ نَقْدِهِ، خَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِسُلْطَتِهِ عَلَى الْفَضَاءِ
الْخَاصِّ، أَيْ كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِخَيَارَاتِ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ
وَالْمَلْبَسِ وَالْمَعْشَرِ وَالْمُعْتَقَدِ. أَوْ، بِاخْتِصَارِ، لَا سُلْطَةَ
لِشَرْعٍ عَلَى فِئَةٍ أَوْ فَرْدٍ إَلَّا بِقَدْرِ مَا يُعْطِيهِمَا مِنْ حَقٍّ
فِي صِيَاغَتِهِ وَنَقْدِهِ دُونَمَا خَوْفٍ مِنْ قَمْعٍ أَوْ اضْطِهَادٍ. فكُلُّ
الشَّرْعِ دُنْيَوِيٌّ بِجَوْهَرِهِ، وَإِنْ أَصَرَّ الْبَعْضُ عَلَى تَقْدِيسِ
بَعْضِ مَصَادِرِهِ. وَبِالتَّالِي لَا قَدَاسَةَ لَأَيٍّ مِنْ أَحْكَامِ
الشَّرْعِ وَمَبَادِئِهِ وَمَوَادِّهِ، فَأَحْكَامُ الشَّرْعِ ضَوَابِطٌ
لَأَفْعَالِ الْبَشَرِ لَا لِتَصَرُّفَاتِ الشَّيَاطِينَ أَوِ الْمَلَائِكَةِ أَوِ
الْآلِهَةِ. وَمَا وُضِعَ لِضَبْطِ سُلُوكِ الْبَشِرِ يَبْقَى خَاضِعَاً
لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِهِمْ وَظُرُوفِهِمْ وَآرَائِهِمْ، وَيَبْقَى بِالتَّالِي
مُنْفَتِحَاً عَلَى مُسَاهَمَاتِهِمْ وَانْتِقَادَاتِهِمْ. وَمِمَّا لَاشَكَّ
فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا يَخْضَعُ لِرَأْيِ الْبَشَرِ وَآرَائِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ
لَابدَّ وَأَنْ يَتَأَثَّرَ بِمَا فِيهِمْ مِنْ نُقْصَانٍ، فتَزُولُ عَنْهُ
بِالتَّالِي صِفَةُ الْقَدَاسَةِ وَالْكَمَالِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.