نقول
"لا للطائفية" ونتكلّم عن ضرورة تقديم ضمانات بل صفقة للأقليات، ليس من
باب الجهل بطائفية ميليشيات الأسد أو بجرائمهم المستمرة بحقّنا، وليس من باب الضعف
والتخاذل، وليس من باب المثاليات الساذجة أو التراجع عن أهداف الثورة، كما يروّج
البعض، بل رغبة في البقاء مخلصين للمبادئ والمُثُل التي طالما ادعينا الإيمان بها،
من تسامح ومحبة واحترام للآخر، وللشعارات الوطنية التي رفعناها منذ بداية الثورة،
من إصرارعلى الوحدة الوطنية واحترام لحقوق جميع مكونات المجتمع والسعي لبناء دولة
القانون. لقد أٌجبرنا إجباراً على تبنّي النضال المسلّح وأدواته، لم يكن هذا
خيارنا الأول كما نعرف جميعاً، لكن هذا لا يعني أن نرتكب المجازر أو ندعو إليها في
لحظة غضب ويأس وألم. إن ضبط النفس في هذه اللحظات بالذات هو ما يميّز الأشخاص الذين
ثاروا لبناء وطن على أُسس العدالة الحقيقية من أولئك الذين وجدوا في الثورة فرصة
للتسلّق إلى السلطة لفرض رؤيتهم الخاصة على الآخرين، كما فعل الأسد وأتباعه.
المطالبة بمعاقبة المجرمين شيء، والتحريض على القتل الطائفي المضاد شيء آخر.
إن
خير انتقام لنا من ميليشيات الأسد يكمن في رفضنا المستمر لتبنّي أخلاقهم ووسائلهم
في وجه كل عنفهم، فنبقى مخلصين للمبادئ والأفكار التي دفعتنا للثورة ضد ظلمهم،
ونعاملهم وفقاً لتلك القوانين والأصول التي طالما نادينا بها، هذا يعني أن نصرّ
على معاقبة المجرمين، لكن وفقاً لقوانين عادلة تحترم إنسانيتنا نحن أولاً، قبل
إنسانية المتهمين. قد يجد البعض أن التذكير بهذه الأمور في هذه اللحظة بالذات
والتي شهدت مجزرة جديدة مروعة لميليشيات الأسد أمر غير لائق أو حصيف، لكن الواقع
أن إصرارنا على التذكير بهذه المبادئ في أوقات كهذه بالذات هو الأمر الذي جنّبنا
حتى الساعة الانجرار وراء الرغبات الانتقامية. فلا تلومونا على تذكيرنا لأنفسنا
بأخلاقيات ومبادئ مانزال كلنا ندّعي الإيمان بها، وبأهداف ما نزال نسعى لتحقيقها،
فهذا واجب لن يغفر لنا أولادنا و أحفادنا إذا ما قصّرنا بأدائه، ولربما كنا
مقصّرون بالفعل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.