الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

الثورة وجبهة النصرة


للتذكير، لم يتهجم أحد على جبهة النصرة حتى قامت الجبهة بالإعلان عن عزمها تأسيس دولة إسلامية في سوريا، وخوّنت مؤسّسي الإئتلاف الوطني واتهمتهم بالتآمر. فمن الذي أعلن المعركة على من؟ ولاننسى هنا أن معظم الشخصيات الفاعلة في الإئتلاف هي ذاتها التي كانت فاعلة في المجلس الوطني وهي بالمناسبة شخصيات إسلامية)، فإذا كان الإئتلاف مؤامرة في نظر الجبهة من الواضح أن المجلس لا يقل تآمراً هو الآخر.

ولاننسى أيضاً أن طرح الدولة المدنية كان هو الطرح الوحيد الذي اتفقت عليه كافة أطياف المعارضة بعلمانييها وإسلامييها في الداخل والخارج، حتى ظهور إعلان الجبهة؟ فمن الذي شقّ الصف إذاً؟ ومن الذي رفض الالتزام بالشيء الوحيد الذي اتفقت غالبيتنا الساحقة  عليه منذ ما قبل الثورة، وهو طرح يعطي الإسلاميين حقوقهم كاملة من خلال السماح بتطبيق الشريعة على كل من آمن بها؟

أخيراً، في عدة لقاءات مع صحفيين دوليين أعلنت شخصيات قيادية في الجبهة أن 80% من الشعب السوري معهم وأنهم لايريدون دولة قائمة على الدساتير المدنية لأنها لاتجلب السعادة! نعم هي وجهة نظر، ولأصحابها حق مضمون في التعبير عنها، لكننا ومن باب التذكير نقول أنها وجهة نظر تخالف الأهداف المعلنة التي قامت عليها الثورة، وجاء بها أشخاص مسلحون تربطهم علاقة تبعية بتنظيم دولي (القاعدة) له أجندة خاصة لم تجلب معها لا السعادة ولا الاستقرار ولا الرخاء و لا السلام في أي مكان حلّت فيه. وفي الواقع الجبهة سبقت أمريكا في تصنيف نفسها كمنظمة إرهابية من خلال ربط نفسها بالقاعدة المصنفة دولياً ومنذ تسعينات القرن الماضي كمنظمة إرهابية. يعني، على نفسها (وعلينا) جنت براقش.

الثورة قامت ضد استبداد وفساد نظام ومن أجل الكرامة لا من أجل تبني عقيدة مقاومة جديدة يتابع أصحابها حرق الأخضر واليابس، وهوالحريق الذي بدأه أصحاب عقيدة المقاومة القديمة. المقاومة الحقيقية تبدأ من التنمية البشرية والاقتصادية، وهذه أمور لايمكن التركيز عليها في ساحات الوغى، لذلك نحن نريد أن ننهي هذه المعركة بأسرع وقت ممكن، لكن أصحاب عقيدة الجهاد العالمي لهم مآرب أخرى. أنا واثق من أن معظم المشاركين في جبهة النصرة من الشباب السوريين لم يدركوا بعد وبشكل عميق المضامين الحقيقية لانتمائهم للجبهة ورفع شعارات ورموز القاعدة، أرجو أن يتمكنوا من ذلك قريباً وقبل فوات الأوان، لأن من يرفض شعار الدولة المدنية ويتهم من خالفه الرأي بالتآمر لايبيّت لنا خيراً.

ومع ذلك، خولة وأنا وغيرنا من "العلمانيين الملحدين الكفرة" اعترضنا وبشدة على وضع الجبهة على لائحة الإرهاب في هذه المرحلة، البعض فعل ذلك من منطلق تكتيكي، لكني وخولة فعلنا ذلك لنترك باب الحوار، مهما بدا مستحيلاً وصعباً في هذه المرحلة، مفتوحاً أمام الجميع لأن أغلب أعضاء الجبهة هم من السوريين ولهم حقوق علينا لم ننساها كما أن لنا حقوقاً عليهم أرجو أن لايكونوا قد نسوها.

من منطلق شخصي، وللتذكير أيضاً، زوجتي خولة من عائلة مناضلة لم تداهن أو تهادن الأسد وعائلته يوماً، أما أنا فبدأ "نضالي" منذ أواخر التسعينات في سوريا، واستمر حتى بعد نفيي مع خولة وأولادنا إلى أمريكا. ولن أتكلّم الآن عما فعلنا ونفعل، لأن هذا ليس هو الوقت المناسب لذلك، لكننا كنا دائماً ندافع، وسنستمر، عن حقوق جميع السوريين على اختلاف مشاربهم السياسية والاجتماعية والمذهبية والقومية، فنحن ليبراليون جداً، مأمركون جداً، علمانيون جداً، سوريون جداً، وفخورون بكل ذلك، وأمثالنا كثيرون في سوريا، ولن نختفي عن وجه الأرض لأن هناك من لا تعجبه آرائنا وطريقتنا في الحياة.

رد على تعليق لأحد القرّاء:

أنا لم أصف رجال الجبهة بالزبالة، هذا كلامك، أنا دعوت إلى حوار معهم، وهذا كان واضح. وبعدين مو هنن الوحيدين هللي عم يخاطرو بحياتون: ما في ثائر على الأرض ما عم يخاطر بحياتو. كمان شبيحة النظام عم يخاطرو بحياتون، فهل صار موقفون صح؟ استعدادك أنو تخاطر بحياتك لا يعني أنو موقفك صح. الجبهة حسب تصريحات قياداتها بدها دولة إسلامية وفرض حكم الشريعة على الكل بغض النظر نحنا شو بدنا. إذا ما اعترضنا هلأ ودخلنا بحوار هلأ، مهما كان صعب، بكره بعد ما يسقط النظام الحوار رح يكون للرشاشات والمدافع، وحنكون رحنا من الدلف لتحت المزراب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.