21 كانون الأول، 2008 / مداخلة على موقع (العرب اليوم)
لا
شك أن هناك الكثير من المبالغة في الكيفية التي تتعاطى معها وسائل الإعلام الغربية
وصناع القرار الغربيون بمسألة طموحات إيران النووية، فالقراءة المتأنية للمعطيات
المتوفرة حالياً تدل على أن البرنامج الإيراني النووي ما يزال على بعد سنين طويلة
من تطوير القدرة على صنع رأس نووي واحد ناهيك عن صنع عدد منها أو عن القدرة على
تحميلها على صواريخ متوسطة أوبعيدة المدى، لتصبح جاهزة للاستخدامات العسكرية.
من
ناحية أخرى، تتسم محاولات التخفيف من خطورة الموقف، من خلال التذكير بالقدرة
النووية الإسرائيلية أو موقف أمريكا الداعم للهند في تطويرها لقدرتها النووية،
العسكرية منها والسلمية، بنوع من السذاجة وقصور النظر، لأن الأمر الأساسي الذي
علينا أن نتنبّه له في المنطقة، هو عدم الانجرار إلى سباق نووي تشترك فيه أنظمتنا
وتهدر من خلاله ما تبقى لنا من ثروات وطنية عوضاً عن استخدامها لمواجهة قضايانا
التنموية المختلفة. لأن نجاح إيران في تطوير برنامحها النووي، حتى السلمي منه في
هذه المرحلة، لا يمكن له في ظل الإجواء المشحونة باطراد لمنطقتنا، الوسطية
جغرافياً فقط والمتطرّفة في كل شيء آخر، إلا وأن يؤدي إلى دفع الدول الأخرى في
المنطقة، من السعودية، إلى مصر، إلى الجزائر والمغرب، بل حتى سورية على شِحّة مواردها،
والسودان بالرغم من القلاقل الدائمة التي يعاني منها، إلى محاولة تطوير برامجها
الخاصة في هذا الصدد، ولن يغيب البعد العسكري طويلاً عن أيّ من هذه المحاولات.
والأنكى
هنا أن سباقاً من هذا النوع سيزيد من حدة التوترات الإقليمية المختلفة وسيضاعف من
حجم التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول المختلفة، وذلك بصرف النظر عن مدى
نجاح أو فشل هذه الدول في تطوير برامجها وقدراتها في هذا الصدد. إن مجرد السعي في
هذا الاتجاه من قبل دولة واحدة يكفي، وهذا بالفعل ما نشهده اليوم، وهذا بالفعل ما
نحن لسنا بحاجة إليه. إن طريقنا نحو كسب مهابة واحترام المجتمع الدولي لن يمر عبر
البرامج النووية، بل عبر التنمية الاجتماعية والاقتصادية، التي تمثل أيضاً الطريقة
المثلى للتعبير عن الفخر القومي ولبناء نفوذ إقليمي وعالمي مشروع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى تجنب خطاب الكراهية والشتائم.