ثورة الياسمين: التغيير الديموقراطي في سوريا ممكن وضروري


أُطلقت مدونة "ثورة الياسمين" في تشرين الأول 2006 واستمرت حتى نيسان 2007. الحوارات التي جرت على المدونة كانت حوارات شكلية هدفها توضيح النقطة، ففي معظم الأحيان كنت أحاور نفسي مستخدماً أسماءاً مختلفة. لكن، في بعض المداخلات قام أحد متابعي المدونة بالتدخل وطرح بعض الأفكار أيضاً، مستخدماً اسماً مستعاراً، فأغنى الحوار مشكوراً، وإن كنت حتى اللحظة لا أعرف من هو. لذلك، لم أنوّه أدناه إلى الأسماء التي استخدمت، واكتفيت بـ "قال" و "قلت." طبعاً كنت أتكلم في المدونة عن ثورة ياسمين أي ثورة لاعنفية، وهو الأمر الذي تحقق في بدايات الثورة السورية التي اندلعت أخيراً في عام 2011. أما المنحى العسكري الذي فرضه النظام على الجميع من خلال أساليب القمع التي استخدمها، وساهم فيه خذلان العالم للثوار السلميين، فجاء بمثابة تحول منطقي للصيرورة الثورية كنت أرجو أن نتحاشاه، لكن جرت الرياح كعادتها في أغلب الأحيان، أي وفقاً لقوانينها الصارمة الخاصة، متجاهلة رغباتنا واحتياجاتنا. لكن، يبقى لِزاماً علينا، ومن منطلق الأمانة التاريخية على الأقل، والصدق مع أجيال المستقبل، أن نبقي ذكرى البداية بروحها ومُثُلها حية في عقولنا وقلوبنا.


ديباجة المدونة: البحث عن ثروة من المعنى، والحرية، والإبداع، والسلام في عالم مليء بالعنف، والرفض، والحقد، والكراهية لكلّ ما نمثّله من قيم ومبادئ إنسانية... لكنها ممكنة، مع ذلك، هذه الثورة التي نرجو، علاوة على كونها ضرورية.

فلتكن ثورة ياسمين!
5 تشرين الأول، 2006 / مدونة "ثورة الياسمين"

قد يكون العنف خطأ بالفعل، لكن، هل الثورة خطأ هي الأخرى؟ هل أصبحت هي الأخرى مفهوماً بائداً؟ ماذا بوسعنا أن نفعل حيال الظلم والاستبداد إذاً؟ فعندما يوجد الظلم، ألا تصبح الثورة حقاً؟ بل، ألا تصبح مسؤولية؟ مسؤولية للمواطن تجاه وطنه؟ وللوالد تجاه ولده؟ وللإنسان تجاه إنسانيته؟

قلت: العنف الثوري هو الذي ينبغي أن يضحى مفهوماً بائداً، لكن الثورة في وجه الظلم الممنهج ما تزال حقاً وواجباً. فلتكن ثورتنا ثورة ياسمين إذاً.


قال: فلتكن ثورتنا مهما كانت، عنفية أو مخملية، المهم أن ننتفض وننفض عنا غبار الموت الكالح الذي يغطينا، نحن بحاجة إلى أن نعود إلى التاريخ من جديد، إلى أن نشارك في إدارة دفته من جديد، كفى بنا وقوداً له.

قلت: بالذات، لكي لا نكون وقوداً للتاريخ علينا أن نختار أساليبنا بعناية بالغة، وأن لا نفقد الصبر. علينا تفادي الوقوع في فخ الاستماع للسلطة وهي تقودنا من مواجهة خارجية إلى أخرى، وعلينا أن نتحاشى الوقوع في فخ التسرّع والعنف والدخول في مواجهات بوسعها أن تقدم الأعذار للسطات للاستمرار في القهر، أو تمهّد الدرب إلى مواجهات فئوية يمكن لها أن تؤدي إلى شرذمة الدولة وتمزيقها.

قال: لا أريد أن أكون سوقياً، لكن هناك حكمة ما صعبة ولكن واقعية في المقولة الشعبية "إذا ما خربت، ما بتعمر." والتغيير بطبيعته يتطلّب قدراً ما من الخراب، بل الخراب المقصود، أي التخريب.

قلت: هل من الضروري للخراب أن يحدث بالمعنى العنفي المادي؟ وهل إذا ما سلمنا أن لا مفرّ من الخراب، بل وشيئ من العنف ونحن في صدد التغيير، يعني تسليمنا هذا أن نسعى إلى الخراب، بل التخريب بأيدينا؟ نحن بحاجة إلى تفادي كل ما يمكن أن يؤدي إلى التخريب المتعمّد لأن الثمن أكبر مما نعتقد. على أساليبنا أن تتوافق مع المبادئ التي ندعو إليها وإلاّ خرجت الأمور عن سيطرة الجميع، وكنا نحن الخاسر الأكبر، الأطراف الأخرى من متشدّدين وأنظمة أقدر منا وأعرق فيما يتعلّق بالتخريب.

قال: أنا طبعاً لا قلت بأن علينا أن نؤيّد العنف ونمارسه، لكني قلت بأن عملية التغيير القادمة ستفرزه، شئنا أم أبينا، وأن خوفنا من هذا وتنبؤنا به، لا يجب أن يمنعانا من المضي قدماً على درب التغيير. فللتغيير ثمن لا بد لنا من دفعه، لأنه، ومهما بدا فادحاً للوهلة الأولى، يبقى أفضل من الوضع الراهن، على المدى الطويل على الأقل. ولاشكّ عندي بأن قوى التطرّف والأنظمة الموجودة هي أقدر منا على ممارسة العنف، ومن أجل هذا، فهذه القوى ستفرض العنف على الساحة من أجل إخافتنا. لهذا، لابد من الاستعداد للعنف، ولا بد من دفع عجلة التغيير حتى في وجه أولئك الذين نعرف يقيناً بأنهم سيلجأون إليه، مع الاصرار طبعاً على أن تبقى وسائلنا نحن بالذات لاعنفية، وأن نمضي على درب الساتياجراها (اللاعنف) التي جاء بها غاندي.


إسأل "كيف؟" لا "متى؟"
8 تشرين الأول، 2006 / مدونة "ثورة الياسمين"

لماذا كلّما طالبنا بالتغيير قيل لنا: "ليس هذا هو الوقت المناسب"؟ متى يأتي الوقت المناسب؟ بل هل هناك وقت مناسب؟

فيما يتعلّق بمن أسّسوا وجودهم على استغلال الوضع الراهن، بكلّ ما فيه من أخطاء بل لما فيه من أخطاء، يبدو من الواضح أن الوقت المناسب لن يأتي أبداً، وأن التغيير الوحيد الذي يمكن أن يهتمّوا به هو التغيير الذي يكرّس لقبضتهم على السلطة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية) ويزيد من مكاسبهم. أما فيما يتعلّق بعامة الشعب، فالرغبة في التغيير تصطدم دائماً بحاجز كبير من الخوف، ليس فقط الخوف من المجهول، بل الخوف من المعلوم أيضاً، ألا وهو القمع الذي لا بدّ وأن يواجه كل محاولة جادة للتغيير ولا بدّ وأن ينال كلّ الناشطين في سبيل التغيير.

السؤال الحقيقي إذاً لا علاقة له بمتى، فمتى هي دائماً الآن، إذ لا بدّ من الاعداد لمواجهة الأخطاء في لحظة العلم بها. السؤال الحقيقي يتعلّق بكيف: كيف نغيّر؟ كيف نرفض؟ كيف نبدأ؟ كيف نكسر حاجز الخوف؟ كيف نتعامل مع القمع؟ كيف نتحاشى الوقوع في فخ ودوامة العنف والعنف المضاد؟  هذه هي الأسئلة التي لا بدّ أن نطرحها هنا.


قال: يخيّل إليّ أن علينا أن نكسر حاجز الجهل أولاً، ومن ثم حاجز الخوف. إذ طالما بقي الناس جاهلين فيما يتعلّق بكيفية تأثير القمع على حياتهم، وكيفية تسهيل صمتهم وتخاذلهم لعملية استعبادهم واستغلالهم، لن تنفع أية محاولة لتحريضهم على الثورة. التوعية أولاً، ثم التحريض، ثم الثورة.

قلت: أعتقد أن الجهل والخوف هما وجهان لعملية واحدة. وأعتقد أن التحريض هو نوع من أنواع التوعية، والعكس بالعكس. ومع ذلك، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار هنا أن الجهلاء يثورون أيضاً، وإن بعد حين. لكنا هنا نتكلّم عن نوع معين من الثورات، ثورات تبني أكثر بكثير مما تهدم، وتحيي أكثر مما تميت. إنها ثورات ياسمين وليست ثورات دم. ولهذه الثورات متطلّبات وآليات تختلف جذرياً عن تلك التي تتطلّبها الثورات الدموية. من هذا المنطلق، علينا أن نشدّد أيّما تشديد على كسر حاجز الخوف والجهل معاً وليس تباعاً، إن أسعفنا الوقت طبعاً، وإلا فالثورات الدموية والحروب هي التي ستفرض نفسها علينا جميعاً، مهما بدا هذا التطور مستبعداً من وجهة نظر البعض.


القادة
11 تشرين الأول، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

علينا أن لا نخاف من نقص الوجوه القيادية المقنعة على الساحة، الحِراك وحده هو القادر على فرز القادة المناسبين مع مرور الزمن. أما البداية، ففي أيدينا نحن، ومن خلال القيام بخطوات صغيرة تعبّر عن رفضنا للواقع الراهن، يمكن أن نمهّد الطريق لظهور القادة واندلاع الثورة.

الخطوات الأولى
14 تشرين الأول، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

يمكن للحركات الثورية أن تبدأ عندما يدرك كلّ امرء خمس أمور أساسية:

أولاً، أن له دوره القيادي في صنع وتفعيل الثورة، مهما بدا له صغيراً.

ثانياً، أن كلّ إجراء يتخذه للتعبير عن فرديته واستقلاليته عن المجموع، وعن رفضه لثقافة الخنوع، هو خطوة هامة على طريق صنع الثورة.

ثالثاً، أن الفردية لا تمنع المرء من الانتماء إلى جماعة معينة ومن الانخراط في العمل الجماعي، بل تمهّد له الطريق.

رابعاً، أن العمل الجماعي لا يعني تبنّي عقيدة بعينها بل هو مجرّد إجماع على ضرورة العمل المشترك من أجل التغيير.

خامساً، أن العمل المشترك يبدأ بتبنّي مظاهر بسيطة مشتركة، مثل الاصرار على طريقة معينة في اللباس، أو الاصرار على لون معين، و ربما، في حالتنا، يمكن لهذا العمل أن يبدأ بتبنّي شعار الياسمين كطريقة للتعبير عن قناعة معينة مشتركة بضرورة التغيير الثوري لكن السلمي.

الأحلام والثورة
25 تشرين الأول، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

الأحلام لا تبدو واقعية حتى تتحقّق. وكذا الثورة. المسافة بين الحلم والحقيقة وبين الثورة والخنوع لا تتعد جرّة قلم، أو شطحة خيال.


قال: أتسائل دائماً، كيف يبقى بوسعك أن تبقى متفائلاً وتتكلّم عن الثورة ونحن محاطون بكلّ هذا القمع وكلّ هذه البشاعة؟ ولكن نعم، أرى بالفعل أن الحكمة تكمن في أن لا نسمح للقمع ليحقّق مبتغاه في صدورنا فيعلّمنا اليأس، فاليأس هو عماد القمع ورديفه الأول. نحن نستحقّ أفضل من أن نعيش في الذلّ، نحن نستحق الحياة الكريمة. والثورة، إن لم تكن بحد ذاتها الحلّ، هي بالفعل بداية ضرورية على الطريق نحو الحلّ، نحو الأفضل.

قلت: أي حديث عن الثورة، وخاصة عندما تكون ثورة ياسمين، هو بالضرورة ضروري، علاوة على كونه منعش في هذا الجو الخانق. نحن بحاجة لنفكّر بالثورة، ولنعمل من أجل الثورة، لأن نستحقّ ما هو أفضل من القمع وما هو أفضل من تلاعب القوى الخارجية بحياتنا، وما هو أفضل من الموتان تحت وطأة الأعراف والتقاليد، نحن بحاجة إلى ثورة تقدمية. نعم، لقد عاد وقت العمل من أجل الثورة.


من أراد الثورة، فليثر!
29 تشرين الأول، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

الثورات لا تقوم على تنظيرات  العباقرة، بل على تضحيات البسطاء، ولا تندلع في مناخ من الحرية بل من صميم القمع. الثورات هي التي تفرز القادة، لا القادة الثورات. فمن أراد الثورة، فليثر، لن يفيده انتظاره شيئاً، فالوحي والهداية يأتيان مع العمل، لا مع الانتظار.

ثورة مُثُل، ثورة ياسمين
30 تشرين الأول، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

العبودية نتاج لصبر لحظة على ضيم، من نام على ضيم فهو عبد، من تبسّم لظالم فهو عبد، من أجّل ثورته خوفاً فهو عبد. اليوم أكثر من أي وقت مضى الحرية تكمن في الثورة. فلتكن ثورة ياسمين إذاً، حتى لا يصطلي بنارها إلاّ الطغاة، أما نحن فكفانا اصطلاءاً بنار الخوف والقمع والاستبداد. فلتكن ثورة ياسمين لتكن ثورة بناء لا دمار، ثورة عمران لا خراب، ثورة حب لا أحقاد، ثورة مُثُل لا ثورة مبرّرات.


قال: علينا أن نثور ضد أنفسنا، ليس قبل بل بالتوازي مع ثورتنا ضد الطغاة، لكي لا تكون ثورتنا ثورة من أجل تبادل المواقع مع الظلاّم فحسب. علينا أن نثور من أجل العدالة فعلاً. التغيير الديموقراطي في سوريا ممكن وضروري.


"لا" الثورة
2 تشرين الثاني، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

الهمّ الوطني والانشغال بالقضايا الوطنية هو العذر الأول والأخير للأنظمة الحاكمة لتأخير القيام بأية عملية إصلاحية، أو أي مكافحة حقيقية للفساد، وهو المبرّر الدائم والأبدي لقمع الحريات، وافتعال المآزق الداخلية والخارجية على حدّ سواء، هذا هو دأب الأنظمة الدائم لتبرير وجودها وشرعنة فسادها ولصرف انتباه "العامة" عن الأسباب الحقيقية لتدهور الأحوال المعيشية وللنكسات الوطنية المختلفة التي تعرّضنا لها على مرّ الأجيال.

إلى متى هذه الحال؟ ألهم البقاء والرفاه ولنا الموت والذلّ؟ هل هذا هو معنى النضال؟ هل هكذا تُخدم الأوطان وتُعمّر؟

قلت "لا" وبها أثور. أجل، بـ "لا" تبدأ ثورتي. أجل، التغيير الثوري في بلادنا "ممكن وضروري."

أما آن لك أن تثور؟
4 تشرين الثاني، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

عندما يعمّ الظلم وينتشر الظلام، تصبح الثورة حقّاً ومسؤولية. عندما يصبح الخوف جزءاً من القوت اليومي، تصبح الثورة ضرورة. وعندما يزدري الظالم شعبه ويستخفّ به، تصبح الثورة ممكنة. فاسأل نفسك: هل بتّ تشعر بازدراء الظالم لك؟ هل تحوّل ظلمه إلى مرارة تلذع الفم وعفن يزكم الأنف وقرحة تحرق المعدة؟ أما آن لك أن تثور؟

أجل، التغيير الثوري في بلادنا "ممكن وضروري."


سأل: من أين يمكن لنا أن نجلب جرعة مناسبة من الأمل لنعادل الميزان قليلاً ونشجع الناس على النظر إلى الأمور من منطلق أقلّ سوداوية وعدمية. فثورات الياسمين بحاجة للاستناد على قاعدة صلبة من الأمل، فثورات الجياع غالباً ما تكون عنفية وعدمية الطابع، إنها ثورات لحرق الأخضر واليابس للانتقام ليس إلا.

قلت: المشكلة تكمن في بقائنا عالقين في متاهات الخيارات المحصورة دائماً بأهون الشرّين، وفي سعينا الدائم لتحديد الخيار الأقلّ سوءاً، والشخصيات الأقلّ إشكالية، والدروب الأقل وعورة. لن يترائى أي أمل في أفقنا طالما بقين مصرّين على تجاهل مسؤوليتنا في إبقاء الأمور على ما هي عليه. نحن لا نريد أن نعترف فيما يبدو بوجود فسحة حقيقية للعمل والأمل لأن هذا يضعنا مباشرة أمام مسئولية التغيير التي تبدو دائماً أكبر من أن نتحملها، لأن نصرّ على التعامل معها كجملة متكاملة، وهذا بوسعه أن يثبط همّة أكثر الناس تفاؤلاً في العالم. لكن التغيير يبدأ بخطوات صغيرة، ولا يمكن لفرد واحد أن يتحمّل أكثر من حصته الصغيرة في صناعة التغيير. أما موضوع غياب القادة المناسبين عن الساحة، فعلي أن أصرّ هنا على أن الحِراك هو الذي يفرز القادة. عندما يتحرّك الشعب، يخلق ويكسب بتحرّكه القادة المناسبين.

الديكتاتوريات بطبيعتها هشّة، وليس بوسعها إلاّ أن تنهار أمام الضغط الشعبي المركّز والدؤوب. حتى النظام الشيوعي في الصين، كان يمكن أن ينهار، لولا الاصرار على مواجهة النظام في المركز (بيجين) فقط. المواجهة في المركز هي المواجهة الأخيرة، وليست الخطوة الأولى. ولا يمكن مواجهة الأنظمة المركزية إلا من خلال انتفاضات شعبية غير مركزية، والتي يتم إدارتها بالتنسيق مع بعضها البعض.

قال: إذاً نحن نتكلّم هنا عن تشكيل خلايا تنظيمية. لكن المشكلة هنا أن ثقافتنا باتت تحتقر وتخاف وترتاب من نشاطات من هذا النوع.

قلت: نحن لسنا بحاجة إلى السعي لتنظيم عدد كبير من الأشخاص، مجموعة صغيرة تبقى أكثر قدرة على التفاعل مع الأحداث وعلى تحريض عدد أكبر من الناس للعمل على قضايا محددة ولفترات محددة.


إسأل "كيف؟" لا "لِمَ؟": الثورة ما بين التحريض والتبرير
12 تشرين الثاني، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

علينا أن لا نضيع الكثير من الوقت في محاولة تبرير الثورة وتفسير أسبابها، على الأقلّ فيما يتعلّق بالجمهور الداخلي، فواقع الظلم الذي نعيشه هو خير وأفصح مبرّر، إن عملية التحريض على الثورة، لا علاقة لها بالتبرير، بل هي عملية نفسية محضة تهدف إلى كسر حاجز الخوف لا لشرح الأسباب.

علينا أن نكثّف جهودنا فيما يتعلّق بهذه العملية، وعلينا أن نفكّ الربط بين مفهومي الثورة والمعارضة السياسية، فالثورة التي ننشد، وإن كانت ياسمينية الطابع، هي ثورة بالأصل إجتماعية، تهدف إلى رفع المظالم ومحاربة الفساد والفاسدين وتحسين أوضاع المعيشة وتبنّي المؤسّسات السياسية والإقتصادية المناسبة لذلك. لذا، علينا أن نكثر أيضاً من الكلام عن كيفية وآليات ووسائل وأهداف الثورة بأكثر ما يمكن من التفصيل حتى تصبح الثورة بالنسبة لنا جميعاً حقيقة واقعة في كل لحظة، ويصبح التنفيذ تحصيل حاصل.

هذه آليات معروفة ومتبعة في كلّ الحركات الثورية الطابع، سواء كانت متنوّرة أو غير متنوّرة، ولا شكّ أبداً في أنها الأساليب المتبعة عند الخلايا الإرهابية، بغض النظر عن العقائد المطروحة. لكن الفرق بين ما نطرحه هنا وما يُطرح هناك هو إصرارنا على مجانبة الطرح العقائدي واليوتوبي. فمن الواضح أننا نأتي من مشارب متنوّعة من الناحية السياسية والإيديولوجية والإثنية، ومن الواضح أننا لا نسعى من خلال ثورتنا إلى بناء مدينة فاضلة، بل إلى انتزاع فرصة ثمينة من مخالب التاريخ لبناء حياة أفضل لنا ولأولادنا من بعدنا.

وبعد الثورة سيعود كلّ منا إلى تياره السياسي المناسب له، هذا بعد أن نتفق على النظام السياسي الأكثر ملائمة لبلدنا. وقد لا تكون هذه الخطوة سهلة بالطبع، ولكنها لن تكون بتلك الصعوبة أيضاً، طالما أننا متفقون على احترام كلّ ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

أجل، التغيير الثوري في بلادنا "ممكن وضروري."


قال: عندما يتعلّق الأمر بالتحريض، لا بد من رسالة ولا بد من رسول. لكن، وفي حين لا يستحيل علينا أن نصوغ الرسالة، لن يكون إيجاد الرسول بالمهمة السهلة على الإطلاق.

قلت: نحن الرسل. كلّ من وصل إلى قناعة تامة بأهمية وضرورة وحتمية الثورة، بات رسولاً. الثوري كان دائماً رسولاً، سواء بشّر بعقيدة تغييرية معينة، أم لا. أما فيما يتعلّق بموضوع الرسالة، فهنا التحدي الحقيقي، خاصة في غياب البعد العقائدي. فنحن لا نهدف إلى التبشير بعقيدة معينة، إلاّ إذا تصوّرنا أن الدعوة إلى الالتزام بحقوق الإنسان الأساسية والمنصوص عليها في الشرائع الدولية يمثل بحد ذاته عقيدة ما.

قال: الثورة تبدأ كفرض نخبوي، على الأقل فيما يتعلّق بساحة الأفكار، ومن ثم تتطوّر إلى خيار شعبي، وذلك بغض النظر عن الرغبات والمبادئ الديموقراطية المتعلّقة بها.

قلت: لا شكّ في أن هناك فترة تحضيرية نخبوية الطابع لأي عملية تغيير شعبية، لكن كسر حاجز الخوف وهزيمة آلية الانكار لا يتحقّقا بالضرورة عن طريق الفرض، ولا عن طريق التحريض المباشر، بل عن طريق العدوى. الناس ترغب في التغيير، وترغب به في العمق، لكن الخطوات الأولى لا يمكن لها أن تتم بشكل شعبي مباشرة، بل تتطلّب دوراً طليعياً وريادياً لمجموعة صغيرة قد لا تشكّل نخبة بالمعنى الفكري بالضرورة. وفي الحقيقة أنا أفضّل الاعتماد هنا على مفهوم المجموعة الصغيرة أو الخلية الريادية عوضاً عن مفهوم النخبة الذي غالباً ما يثير تداعيات ذهنية ونفسية غير مناسبة.

المهم، يمكن لنشاطات هذه المجموعة الصغيرة أو الخلية الريادية أو العينة الثورية، أن تثير رغبة في التقليد عند الناس في حال تحقّقت شروط معينة تتعلّق بالرسالة والنشاطات والشخصيات قيد الاعتبار، وبعوامل أخرى مثل التوقيت أيضاً، إلى آخر ما هنالك.


مفاتيح الثورة
24 تشرين الثاني، 2006  / مدونة "ثورة الياسمين"

إن كنا نؤمن بالحرية فعلاً فعلينا أن نحرّض الشارع على التحرّك حتى وإن جاء حِراكه ضدنا وضد كلّ المبادئ التي نؤمن بها، فحِراك اليوم بِذار الغد، والشعب الحي، الشعب الثائر، هو شعب قابل لتلقّي كلّ أنواع التوجيه، وإن كان هذا التوجيه في بادئ الأمر خلاف ما نريد، إذ يمكننا مع الوقت والتنظيم والتخطيط أن نؤثّر على مجريات الأمور.

إن التغيير الديموقراطي الليبرالي الذي ننشد ونرجو مشروع أجيال، ولا يمكن تحقيقه في فترة قصيرة من الزمن، ولنا في الإسلاميين منافس قوي، كما نعرف، لكن، لنا في رغبة الشعب في بناء حياة كريمة وفي تحقيق نوعاً من الرخاء والرفاهية خير سند لدفع الأمور في اتجاهات أكثر تحرّراً، مع الوقت.

الصبر والتخطيط والرؤية الواعدة هم مفاتيح التغيير، وثورة الياسمين.

أجل، التغيير الثوري في بلادنا "ممكن وضروري."


قال: ان التغيير هو مسؤولية المجتمع بجميع أفراده وفئاته، ويجب التركيز على تحميل كل فرد هذه المسؤولية الصعبة. يجب ايجاد وسيلة وأسلوب للوصول إلى الناس. يجب إظهار الواقع المأساوي وإقناعهم بأن هذا الواقع هو ذروة المأساة، وعندها يمكن ارشادهم إلى السبيل للتخلص منه.

قلت: مشكلة الناس أنهم، وفي السنوات التي تشهد فيها البلاد هدوءاً نسبياً، ينصحون المعارضين بأن لا يثيروا الضجة، لأن الأوضاع في البلد جيدة، أو على الأقلّ مقبولة، ولا يوجد أي داعي لإثارة الشوشرة، والأمور لا شكّ ستتحسّن في المستقبل. وفي الأوقات الحالكة، مثل أيامنا هذه، ترى الناس يتهمون المعارضين ودعاة التغيير بالخيانة والعمالة إن هم انتقدوا الأنظمة الحاكمة، سواء فعلوا ذلك من الداخل أو من الخارج. وهكذا نرى أن دعاة التغيير دائماً ما يجدون أنفسهم موضع اتهام شعوبهم التي تصرّ على مقاومة التغيير بشتّى الوسائل.

هناك مقاومة داخلية أو قوى عطالة ما لا بدّ لنا من أن نجد طريقة مناسبة للتغلّب عليها. ولا شكّ عندي أن لهذه المقاومة علاقة وطيدة بحواجز الخوف والثقة والمعرفة والوعي. لا بدّ لنا من إيجاد الوسائل المناسبة لنشجّع الناس على كسر حاجز الخوف، وهذا يتطلّب منا أن نجد طريقة ما لكسب ثقتهم، وللتغلّب على الحاجز المعرفي وهوّة الوعي التي تفصلنا عنهم. علينا أن نتعلّم كيف نتواصل على نحو أكثر فعّالية مع شعوبنا، وعلينا أن نجد الآليات النفسية المناسبة للولوج إلى أعماقهم للتغلّب على العطالة الكامنة هناك. اصرارنا على المضي قدماً على الدرب الذي اخترناه وتحقيق بعض النجاحات مع الوقت هو الطريقة الأمثل لخرق حاجز الثقة وإلى بناء جسور تصلنا مع الناس.

قال: نعم، علينا بالفعل أن نجد أقنية مناسبة للتواصل مع عامة الناس، ففي الحقيقة، هناك وعي شعبي حقيقي بضرورة التغيير. لكن الوعي وحده لا يكفي لكسر حاجز الخوف، من السلطات ومن المجهول، نحن بحاجة لفرز رؤية واضحة، وخامات شابة وواعدة لاجتذاب تأييد شعبي لقضيتنا، كي لا تتحوّل إلى مجرّد وهم جديد نصبّر من خلاله أنفسنا.

قلت: المشكلة هنا تكمن في أن الرؤى الواضحة غالباً ما تكون عقائدية الطابع، سواء كانت العقيدة هنا دينية أو علمانية. أعتقد أن علينا أن نقدم مجموعة من الأفكار والمبادئ التي تتيح لكلّ منا أن يرسم رؤيته الخاصة بالاستناد عليها، ويشعر أن بوسعه أن يحقّق ما يريد دون أن يؤذي الآخرين، وأن بوسع الآخرين أن يحقّقوا ما يريدون دون أن يؤذوه، وكل هذا بالاستناد إلى هذه الأفكار والمبادئ. علينا أن ننعش الناس من الداخل لكي يبدؤوا بالتفكير بأنفسهم، لا أن نفكّر نيابة عنهم. والسؤال: ماهي الأفكار والمبادئ المطلوبة هنا؟ وكيف نحوّلها إلى شيء محسوس ومغرٍ؟


ثورة "رعاع" أو ثورة مواطن؟
16 كانون الثاني، 2007  / مدونة "ثورة الياسمين"

هل يمكن لثورتنا المرجوة أن تكون ثورة "رعاع؟" أو، هل يمكن لنا أن نستفيد من وقوع ثورة "رعاع" عن طريق توجيهها نحو الأهداف المرجوّة؟

في الواقع لا يمكن لأي تحرّك للرعاع أن يؤدي إلاّ إلى الاضطرابات والفوضى، وسواء كان هذا الأمر محتوماً أم لا، من الواضح أن الوعي الذي نسعى لخلقه لا يمكن أن ينتشر على نطاق واسع في جو من الفوضى، فثورتنا بالدرجة الأولى ثورة معرفة ووعي مدني ومواطنة، وعلينا أن ندفع بعجلتها إلى الأمام في وجه كل تحرّك للأنظمة وللـ"رعاع" وللقوى الخارجية مهما بدى هذا الأمر صعباً أو مستحيلاً. قد يكون للفوضى قسط كبير من مستقبلنا القريب، لكن ثورتنا تحتاج إلى التنظيم لا لتوجيه الفوضى القادمة لكن لاحتواء نتائجها الأسوأ وللتخفيف من وقعها على البنى الاجتماعية من حولنا ولقلب الأمور في أقرب فرصة.

وهناك فرصة بالطبع أن نتمكّن في بعض الحالات من قطع الطريق على الفوضى من خلال تحرّك منظّم وسريع من قبلنا، فهل نحن مستعدّون؟ 


قال: بدا لي مصطلح "الرعاع" فوقياً بعض الشيء، لذا، ربما كان من الأفضل أن نوضح أنا نستخدم المصطلح هنا بشكل موضوعي، وأن موضوع الرعاع يطال، بشكل أو آخر، كل طبقات المجتمع نتيجة انتشار الثقافة الاستهلاكية. وربما كان بوسعنا أن نقول: كلنا رعاع، وكلنا مسؤول عن رعونته أو رعويته. على كل حال، يبدو من الواضح أنه سيكون للرعاع دورهم الهام في ثورتنا المرجوة، ويبدو من الواضح أيضاً أن مكافحة ثقافة "الترعيع" لن تصبح ممكنة إلاّ من خلال الانخراط في العمل الثوري، على الطريقة الياسمينية بالطبع، مسلّحين بالإيمان بأن هذا الأمر ممكن وضروري.

قلت: الأنظمة الدائمة الانشغال بالألعاب السياسية الكبرى، والتي لا تتعامل مع الشؤون اليومية إلاّ من منطلق أمني بحت، والتي تعرف أنها قد نجحت في تحويل القسم الأكبر من شعوبها إلى رعاع قابلين للتجييش وللفرز على أسس إثنية وإيديولوجية، فهي بالتالي ترزح تحت نير الاعتقاد بأنها قد أمنت شرّ الشارع والرأي العام، هي بالذات الأنظمة التي باتت على وشك السقوط. لذا، علينا أن نعمل جاهدين لاحتواء الأزمات المترتبة على سقوطها والذي سيفاجأ الكثيرين من الذي لا يتنبّهون إلى ما يجري تحت سطح الأمور. قد لا نستطيع تحاشي الفوضى، ولكن، ربما كان بوسعنا توجيهها، بل علينا أن نسعى لتوجيهها ونخطّط لذلك، باتت الخيارات في هذا الصدد قليلة، وربما دخلنا إلى حد ما في حيّز المحتوم. لا يمكن لنا أن نأمل كثيراً في قلب الأمور بعد أن وصلت إلى هذا الحد من التأزم. ولكن، وفي حال أصررنا على المحاولة، فعلينا ألاّ نستثمر كل ما لدينا في هذه المحاولة وأن نوفّر جزءاً كبيراً من جهودنا أيضاً لعملية احتواء الأزمة. هذا زمن العمل بالتوازي على مناحي عدة. لأن مقاربتنا في خاتم المطاف تجريبية الطابع، فنحن لا نعمل من منطلق اليقينات المطلقة، بل من منطلق الرغبة في التجريب بناءاً على استقراء معين لمجريات الأمور.

قال: نحتاج إلى تشكيل طبقة متكاملة متعاونة ومنظمة، تستطيع ملء الفراغ السياسي الناجم عن الفوضى، وبالتالي تستطيع احتواء الأزمات وإدارة البلاد. وهذا بتطلب مرة أخرى جهودا مضاعفة في مسألة الاتصالات بين ما تبقى من قوى المواطنة والأفراد المتفهمين للواقع الحالي.

قلت: أن تشكيل هذه الطبقة المنظمّة هو الهمّ الأساسي بالفعل في هذه المرحلة الحرجة، وعلينا أن نحشد لهذه المهمة ما استطعنا من قدرات وموارد. نحن مقبلون على مرحلة صعبة من تاريخنا، وعلينا أن نكون مستعدين.

قال: المشكلة تكمن في غياب خطة واضحة للعمل والتنظيم، وصعوبة خلق روابط الثقة في ظل غياب وسائل الاتصال المناسبة، عدا عن بطء العمل كما أعتقد مقارنة بسرعة التغيرات الحاصلة. ما أريد قوله: في سبيل تكوين طبقة نخبة جديدة يجب تكثيف الجهود والاتصالات، وإيجاد خطط العمل المناسبة التي تركّز على فكرة بناء وطن جديد يتسع للجميع وفق قوانين اقتصادية واجتماعية حديثة، وإيجاد الطرق المناسبة لعرض هذه الخطط على أكبر شريحة ممكنة من المثقفين والقوى المنتجة وحتى القوى الشعبية في الداخل والخارج بأساليب عصرية تحترم جميع الآراء وتأخذ بها وتترك الباب مفتوحاً للنقاش وإمكانية التطوير. فإذا ما تحقق ذلك يمكن إنتاج فوضى شبيهة بالتيار القوي الناجم عن ذوبان ثلوج الجبال بعد سنوات من الجفاف والذي يسير في مجرى النهر الواضح، وحتى لو تعداه قليلا فإن أهم ما يقوم به هو جرف جميع الأوساخ التي تراكمت عبر سني القحط، ليجدد الحياة ويعيد الأمور إلى طبيعتها.


اللحظة الراهنة
24 كانون الثاني، 2007 / مدونة "ثورة الياسمين"

تشهد اللحظة الراهنة تكثفاً واضحاً للأزمة المجتمعية والسياسية في المنطقة. وفي حين يبدو أن الأنظمة الحاكمة وقوى التطرّف هي المستفيد الأكبر من هذا التطوّر، لا يوجد في الحقيقة ما يمنع بقايا المجتمع المدني في المنطقة من الاستفادة من هذا الوضع أيضاً. بل على العكس، الظروف ذاتها التي تستفيد منها الأنظمة وقوى التطرّف حالياً (ولنسمّها هنا بقوى الممانعة) يمكن لها أن تخلق أجواءاً مناسبة للعمل الثوري أيضاً. الكرة إذاً تقع في ملعب القوى التغييرية، والتحدّي الماثل أمامنا يكمن في قدرتنا على تبنّي مقاربات أكثر محاكاة لروح العصر واللحظة الراهنة. لم يعد يجدِ بشيء أن نصرّ على التعلّل بالاستبداد والقمع والانقطاع عن الشارع لتبرّير اصرارنا على اليأس في هذه المرحلة الحرجة، فنحن إن لم نكن قادرين على تطوير أساليبنا ونُهُجنا، لن نصلح أبداً لقيادة العمليات التغييرية والثورية.

المنهج الثوري
28 كانون الثاني، 2007 / مدونة "ثورة الياسمين"

نعم، عاد وقت الثورات. بل هو في الحقيقة لم ينته أبداً، لأن مفهوم الثورة يبقى مرتبطاً بالظلم، والظلم مازال واقعاً محسوساً في مجتمعاتنا. مازال هناك مجال للعمل الثوري في مجتمعاتنا إذاً، لكن، علينا أن نعدّل الكثير من المنطلقات والوسائل التي تمّ اعتمادها سابقاً كجزء لا يتجزّأ من العمل الثوري. مثلاً، لم يعد هناك مجال أو مبرّر لاعتماد العنف الثوري، ولا ينبغي على منطلقاتنا أن تكون عقائدية الطابع، وإلاّ لشكّلت خطوة كبيرة إلى الوراء. بل ينبغي على مناهجنا ومنطلقاتنا ووسائلنا الثورية أن تكون متلائمة مع الأهداف والمبادئ التي ننادي بها إذا ما أردنا لثورتنا أن تتجنّب أخطاء ماضينا الثوري. 

لِمَ نثور؟
9 نيسان، 2007  / مدونة "ثورة الياسمين"

لِمَ نثور؟ لأن رضائنا بالقليل يجعلهم يستكثروه علينا، ولأن صمتنا يشجّعهم على الإمعان في ظلمهم، ولأن خوفنا من قمعهم يجعل منه عادة بالنسبة لهم، ولأن من لا يحسن الرفض لا يكسب الحياة،  ونحن نستحقّ الحياة – وهل يمكن لشعب أن يستمر إذا ما تخلّى عن حقّه في الحياة؟

الحياة والعدالة
15 نيسان، 2007  / مدونة "ثورة الياسمين"

في الاستكانة مهانة، وفي الصبر على الظلم تكريس له، وفي انتظار الفرج دون العمل له استسلام وخنوع. الحياة لا تحابي المظلوم، الحياة لا تعدل من تلقاء نفسها. العدالة مطلب إنساني، من لا يطلبها لن يحصل عليها. والعدالة في أيامنا هذه لن تتحقّق إلاّ بثورة، ثورة من أجل الحق، ثورة ضد الظلم، ثورة من أجل بناء مجتمع حر، مجتمع مزدهر، ثورة ياسمين.

ثورة تطهير
28 نيسان، 2007  / مدونة "ثورة الياسمين"

نعم، هناك مفعول تطهيري للثورة ، ونعم، نحن بحاجة إلى هذا التطهير، بحاجة إلى التكفير عن ذنب صمت أكسبنا بعضاً مما نابنا من الظلم.