رسائل مقتضبة


"رسائل مقتضبة" – مجموعة من التعليقات الموجزة قمت بنشرها على صفحات موقع "الناخب السوري" في الفترة الواقعة ما بين تشرين الأول 2008، وأيلول 2010.


الاستقرار فضيلة؟
22 تشرين الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

في المؤتمر الصحفي الذي أعقب لقاءه مع نظيره الروماني، "ترايان باسيسكو"، أكّد بشار الأسد، رئيس النظام السوري، بأن "استقرار الشرق الأوسط أساسي لاستقرار العالم": المشكلة في هذا الاحتفاء الظاهر بالاستقرار هو تجاهله لواقع الإهمال التنموي والفقر المعاشي والاحباط السياسي الذي يعاني منه معظم مواطني شرقنا الموبوء هذه الأيام. ربما يكون هذا النوع من الاستقرار مناسباً لرؤساء الأنظمة القمعية، ودوائر المستفيدين من حولهم، لكن، ماذا عن الأغلبية الساحقة لسكان شرقنا الأوسط؟ ألم يأن الأوان بعد لتدرك شعوبنا المحرومة أن الاستقرار على الظلم ليس فضيلة؟ وأن الثورة ضد الظلم بما كل ما قد تنضوي عليه من احتمالات غامضة وأخطاء محتملة، إن لم نقل، حتمية، هي السبيل الأفضل، بل الأوحد، لكل من يطمح بما هو أفضل، وأنبل، وأكثر كرامة؟

النموذج الصيني
23 تشرين الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

غالباً ما تتكلم الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط بكثير من الاعتزاز والفخر عن النموذج الصيني في التنمية، داعية إلى، ومدعية في آن، الاقتداء به. يتوارد إلى الذهن في هذا الصدد خاطرتان، الأولى: أن الواقع الديموغرافي للصين يحتم وجود شبكة كبيرة وآلية معقدة لصنع القرار تسمح بوجود تنوع كاف من الآراء والتوجهات لإدارة أكثر فعالة لعملية التنمية، على الرغم من الطبيعة السياسية المغلقة للنظام السياسي الصيني، فلا تتمحور حول مزاجيات أفراد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة؟ من ناحية أخرى، لا يسعنا إلاّ أن نتسائل هنا عن ماهية هذا الإصرار على النموذج الصيني بالذات، وليس النموذج الهندي مثلاً؟ فالنموذج الهندي أيضاً تعامل وبكفاءة عالية نسبياً مع موضوع التنمية ذاته، وهاهم الآن يتنافسون مع الصين في سباق نحو الفضاء. لكن الفرق هنا أن النموذج الهندي يقوم على أسس ديموقراطية فيما يتعلّق بالعملية السياسية. وهنا، كما يقولون، بيت القصيد. فالتنمية ليست ما يهم أنظمتنا الحكيمة هنا، لا، إنه الاستئثار بصنع القرار وغياب المحاسبة الشعبية عن الساحة.

عهد الثورات آت
25 تشرين الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

يخطئ كل من يعتقد أن عهد الثورات في العالم قد انتهى، لمجرد أن شعوب الغرب تبدو وكأنها استقرت على أنظمة تسمح بالتعامل مع مختلف الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بأساليب سلمية ومن خلال مؤسسات وبنى مدنية وديموقراطية الطابع. ويخطئ من يصر على قناعته بأن شعوب الشرق خانعة بطبعها، وبالتالي لا يمكن لها أن تثور. فالمعطيات الراهنة، والتي وصفتها التقارير المختلفة التي أصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السنين الماضية، وإن دلّت على شيء، فعلى اقتراب عصر الثورات في شرقنا. ولن يؤدي تمترس الأنظمة المختلفة وراء أساليبها القمعية المعهودة، واصرارها على المضي نحو الخلف بخطاً حثيثة إلا إلى استفزاز الروح الثورية عند الشعوب وتفعيل مخزونها التغييري. لكن المحرض الأساسي للعملية الثورية لن يأتي إلا من خلال طرح إيجابي لرؤية وأفكار مستقبلية واعدة وواقعية. هذا هو التحدي الحقيقي الذي يتوجب على مفكري المنطقة التعامل معه بفعالية، لكي لا يتركوا الساحة للطروحات المؤسّسة على استغلال جهل شعوبنا وبؤسها الحالي في مسعى لتكريسه، واستبدال الواقع بواقع أسوأ. فالثورات بطبيعتها تبقى منفتحة على كل الاحتمالات.

من المسؤول؟
26 تشرين الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

هل يمثل الانطباع السائد بين طبقات "العامة" لشعوبنا الشرقأوسطية، والذي يبرّأ حاكم البلاد من جريمة المشاركة المباشرة في عمليات الفساد والقمع الممارسة ضد الشعب في كل يوم، وذلك من خلال الاصرار على جهل الحاكم المطبق حيال استشراء هذا الظاهرة بين صفوف حاشيته من كبار المسؤولين وصغارهم، أو على عجزه عن معالجتها بفعالية كونها تمسّ كل من حوله، حتى أفراد عائلته الأقربين... هل يمثل هذا الانطباع قناعة شعبية حقيقية وراسخة؟ أم هل هي مجرد قناعة تكتيكية تسمح لصاحبها بالتعلّق بهدب أمل ما، مهما كان هلامياً، في ظل غياب قيادات ورؤى شعبية حقيقية قادرة على سد فراغ الأمل وتحريض الناس على التفكير الجدي بقدرتهم على تحقيق مستقبل أفضل والحاجة الملحة على العمل والتضحية من أجله؟ هل تقع مسؤولية التقصير هنا على عاتق "عامة الناس" حقاً؟ أم هل كانت مشكلتنا دائماً مشكلة تلك "النخب القائدة،" الحاكمة منها والمعارضة، التي تصر على التكلم باسم الشعوب وهي لا تمثل في الواقع إلا همومها ومصالحها الخاصة؟

النظام أم المعارضة؟
27 تشرين الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

لا، ليس هذا هو الخيار الماثل أمامنا اليوم، الخيار الحقيق هو خيار بين حالة الاحتضار الراهنة وبين الرهان على ضرورة التغيير الجذري وعلى كافة الأصعدة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك بالرغم من ضبابية الرؤى المطروحة وانفتاحها على كل أنواع الاحتمالات. وإذا كانت أذهان الناس اليوم ما زالت مزدحمة بالكثير من علامات الاستفهام فيما يتعلق بالمعارضة، كمفهوم وشخصيات وتنظيمات، فإن علامات التعجب المتطاثرة باضطراد والتي تحيط بطبيعة ونشاطات الأنظمة الحاكمة فيها ما يكفي من إدانة للواقع الراهن، لكي يبدأ الناس بالمراهنة الفعلية على ضرورة التغيير. لكن لا يمكن لهذه المراهنة الفكرية أن تتحول إلى عمل، إلا من خلال طرح تحريضي إيجابي المضمون، طرح يحتوي على تأييد ووصف لواقع جديد ممكن وضروري، وليس مجرد رفض لما هو كائن.

شعوب خاملة أم شعوب مهملة؟
4 تشرين الثاني، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

هناك اعتقاد فيما يتعلق بشعوب الشرق الأوسط ما يزال يجد قبولاً واسعاً في الكثير من الدوائر الأكاديمية في الغرب، هذا إن لم نقل أنه يجد انتعاشاً جديداً هذه الأيام، ذلك علاوة على قبوله المستمر كإحدى المسلّمات النادرة التي يعتنقها معظم مثقفي الشرق الأوسط، ألا هو الاعتقاد بعدم جاهزية الشعوب الشرقأوسطية، ثقافياً وحضارياً، للقيام بثورات شعبية ضد أنظمتها الحاكمة، مهما غالت هذه الأنظمة في ظلمها وفسادها، ومهما تفاقمت أزماتها السياسية والاقتصادية. إن مشكلة هذا الاعتقاد الجوهرية لا تكمن في عنصريته أو فوقيته أو عنجهيته وحسب، بل كذلك في عدم قيامه على أي تحليل علمي حقيقي للظاهرة قيد "البحث." إذ يكتفي معتنقو هذه النظرية بالتنويه إلى غياب الثورات الشعبية عن واقعنا السياسي في العقود الماضية لإثبات نظريتهم، قبل أن ينتقلوا إلى سرد ممجّ لبعض المبررات المتخيلة لها، مثل الدور السلبي لرجال الدين وللفكر الديني في مجتمعاتنا عموماً، والنشاطات التفتيتية للأنظمة الحاكمة، والانتهاك المستمر لحرمات السيادة والكرامة الوطنية من قبل القوى الخارجية، إلى غير ما هنالك.

لكن، الواقع ينبؤنا بأن التجرية الوحيدة التي عملت على أسس منهجية لإحياء ثورة في بقعة معينة من المنطقة، ولم تكتف فقط برفع الشعارات أو ببعض العمليات العسكرية، إن لم نقل الإرهابية، نجحت بالفعل في تحقيق مسعاها وخلال فترة زمنية وجيزة نسبياً. الإشارة هنا بالطبع إلى الثورة الإسلامية في إيران، وذلك بغض النظر عن تقويمنا لصوابيتها، أو صوابية الآراء التي طرحتها والوسائل التي انتهجتها خاصة في المرحلة التي إسقاط نظام الشاه. إذن، ربما كانت المقاربة المنهجية للثورة هي ما ينقصنا هنا، وليس غياب الروح أو القدرة الثورية عند شعوبنا، وربما كان انشغال النخب السياسية الفاعلة في الفترة السابقة بالانقلابات والشعارات عوضاً عن التخطيط الجدي للثورات هو العامل الأساسي المسؤول عن "الظاهرة". وربما كان من الأنسب هنا أن نتسائل أكثر عن أسباب خمول النخب السياسية والثقافية لا عن خمول الشعوب.

هل تعيش نخبنا، على اختلاف ميولها السياسية واختلاف علاقاتها مع السلطة، من تأييد واستفادة، إلى معارضة ورفض، في حالة خوف من شعوبها؟

الشعوب "الجاهلة" ليست مهيئة للديموقراطية
4 تشرين الثاني، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

حقاً؟ وماذا عن الهند مثلاً، بنظامها الطبقي المخيف، وارتفاع معدلات الأمية والفقر فيها؟ بل ماذا عن أميركا ذاتها والتي يشتهر شعبها بجهله بالثقافات الأخرى؟ في الحقيقة، علمتنا التجربة أن الأنظمة الديموقراطية لا تقوم على المعرفة النظرية بقدر ما تقوم على احترام الحقوق وعدالة القوانين والاصرار على التداول السلمي للسلطة ومن خلال الانتخابات الدورية المفتوحة والمراقبة شعبياً. ولا يمكن للشعوب أن تتعلم معنى هذه الأمور إلا من خلال الممارسة العملية، مهما كانت صعبة ومحفوفة بالمخاطر.

صناعة الثورة
8 تشرين الثاني، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الثورات لا تنبت على الأشجار. ولا تندلع تلقائياً أو عفوياً، هناك دائماً فترة تهيئة مقصودة تسبق كل ثورة، تتطلب وجود مراكز تخطيط، وعمليات تحريض، وشبكات تنفيذ. الثورات، سواء كانت مخملية أو عنفية، صناعة متكاملة، ولايمكن للنخب التي تشكّك بقدرات شعبها على الثورة أن تبدع في هذا المجال، كما لايمكن للنخب التي تحتقر شعوبها، أو تتخوف منهم ولا تحسن التواصل معهم أن تنجح في قيادة الثورات.

حكمة الشعوب
14 تشرين الثاني، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

خلافاً للاعتقاد السائد بين الناس، أثبتت التجربة التاريخية مراراً وتكراراً أن الشعوب حكيمة وعقلانية بطبعها، وأن عقلية القطيع التي لا تكفّ بعض النخب من التحذير منها، أو محاولة استغلالها، لا تحرّك الجماهير إلا في لحظات نادرة وتحت ظروف خاصة واستثنائية، والواقع أن الحضارة الإنسانية ككل ما كانت لتقوم لولا الحكمة الكامنة عند الشعوب والتي تحكم حياتها اليومية خاصة. ولا يمكن للشعوب في الحقيقة أن تتبنى الخيارات التي تنطوي على تحدي الواقع الراهن الذي تعيشه، وحالة الاستقرار الموجودة فيه، على مرارتها، إلا بعد فترة محاكمة طويلة وعقلانية للأمور، وبعد مرحلة طويلة من دراسة الخيارات المختلفة المتاحة. وتجري هذه المحاكمة من خلال تراكمات طويلة للأحاديث اليومية المختلفة لملايين البشر المؤلّفة لشعب ما، والتي لن تؤدي بالضرورة إلى تبني الخيارات الثورية، إلا من خلال وجود مؤسسات مخطّطة ومحرّضة عميقة التغلغل في الأوساط الشعبية، تحسن بثّ رسالتها من خلال هذه الأحاديث.

مسألة القيادة – 1
17 تشرين الثاني، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

البحث المستمر عن القادة عند الكثير من شباب منطقتنا المكروبة، أو التذمر المستمر من غياب الكوادر القيادية المناسبة على ساحة العمل السياسي والمدني، هو في جوهره تهرب من مسؤولية القيادة، وبالتالي مسؤولية التغيير. لأنا نحن القادة، نعم كلنا قادة. إن التغيير لن يبدأ إلا عندما يدرك كل منا ذلك، ويعترف كل منا بأن له حصة ونصيب في قيادة عملية التغيير، وليس فقط في قطف جناها. فإذا كانت الخيارات المتاحة على الساحة حالياً، سواء في صفوف النظام أو المعارضة، تبدو غير مناسبة أو مقنعة لنا، فنحن البديل. إن انتظار مجي البدائل من حيث لا ندري تخاذل وتقاعس لن تغفره لنا الأجيال القادمة، ومهما قلنا عن الأجيال الماضية، فهي على الأقل حاولت وفشلت. وبما إن ثمن التخاذل لا يقل فداحة عن ثمن الفشل، لا يوجد عندنا في الحقيقة ما نخسره إن حاولنا.

مسألة القيادة – 2
19 تشرين الثاني، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

سؤال: إذا كانت الشعوب حكيمة بطبعها، لماذا لا تثور في وجه الظلم إذاً؟ ألا تدرك الشعوب خطر الصمت على الظلم؟

 جواب: إن غياب القيادات المقنعة عن الساحة يترك الشعوب أمام خيار صعب: إما الانسياق وراء قيادات تبدو أنها لن تأتي بجديد، أو التسليم بالواقع الراهن، أي القدر. إن النزعة القدرية التي نلاحظها عند الشعوب هي دليل على غياب القيادات والرؤى المقنعة عن الساحة، وليست دليل ضعف، أو رغبة في الخنوع، أو خوف من التغيير.

معضلة التأييد الدولي – 1
25 تشرين الثاني، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

إحدى مشكلاتنا الأساسية في الشرق الأوسط تكمن ليس فقط في أننا لا نعيش في معزلة عن العالم الخارجي، مهما أراد لنا حكامنا بل وبعض مفكرينا ذلك، بل في أن هذا العالم يجد نفسه مضطراً في الكثير من الأحيان للتدخل باستمرار وكثافة في شؤوننا الخاصة، وذلك نتيجة تشابك المصالح الحيوية للقوى المختلفة المشكّلة له مع التطورات المختلفة في منطقتنا، ونتيجة نظرة هذه القوى الخاصة لمكانها ودورها في العالم. لذا، ليس من المستغرب أن يحوذ البحث عن تأييد دولي لقضايا الإصلاح والتغيير في منطقتنا على حيّز كبير من اهتمام وطاقات قوى المعارضة، سواء عملت في داخل الوطن أو خارجه.

لكن المشكلة الأساسية هنا تكمن في الخلط الذي يجري بين ضرورة التواصل مع العالم الخارجي، بغية فهم رؤيته للتطورات في منطقتنا ومصالحه فيها بشكل أفضل، وربما بغية التأثير على هذه الرؤية بما يتناسب مع مشاريعنا الخاصة للمنطقة ككل أو لدول معينة فيها،وبين ضرورة الحصول على تأييد هذا العالم لمشاريعنا التغييرية المزمعة.

فالتأييد ليس دائماً بالضرورة التي نتخيلها، على الأقل فيما يتعلّق بموضوع التأييد المسبّق، والذي يحمل في طياته معنى الموافقة، فنحن لسنا بحاجة إلى موافقة أحد على مشاريعنا التغييرية، لكن من الضروري لنا أن نخلق نقط تلاق وجسور للتواصل تسمح بالحصول على تأييد أو موافقة بعدية، تسمح بشرعنة التغيير المزمع على الصعيد الدولي.

معضلة التأييد الدولي – 2
2 كانون الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

في الوقت الذي يناضل فيه ناشطو الدمقرطة في منطقتنا من أجل إيقاف عملية المماهاة والاختزال المستمرة لكيان الدولة القائمة في كيان النظام الحاكم، إن لم نقل الشخص الحاكم ذاته، نجد أن الكثير منهم يقعون، على غير قصد، في مطب المماهاة والاختزال ذاته فيما يتعلق بالمجتمع الدولي، أولاً، من خلال رفضهم التمييز ما بين المؤسّسات المدنية القائمة فيه وفي كل دولة من دوله، وما بين حكوماته المختلفة والمؤسّسات الممثلة لها، وثانياً، من خلال رفضهم التفرقة ما بين موضوع التعامل مع الحكومات المنتخبة ديموقراطياً وموضوع التعامل مع الأنظمة الدكتاتورية، وثالثاً، من خلال عدم قدرتهم على التمييز ما بين ضرورة التفاعل مع هذه الحكومات المنتخبة وموضوع الموافقة على كل سياساتها بالمطلق.

لكن الواقع أن المؤسسات المدنية العاملة في المجتمعات الديموقراطية تتمتع بحيز كبير للعمل والمناورة يسمح لها في الكثير من الأحيان بمخالفة سياسات دولها وحكوماتها، ويأتي التشكيك المستمر فيما يتعلّق بصحة هذه الملاحظة من قبل الكثير من الناشطين في المنطقة كدليل كبير على انقطاعهم عن الثقافة الديموقراطية كواقع عملي (ولا يمكننا لومهم هنا في الحقيقة، فهم أبناء مجتماعاتهم)، أو على عدم وجود فهم وقبول حقيقيين لواقع الحياة والعمل في دولة ديموقراطية (وهنا ينبغي علينا أن نلوم ونحذر).

من ناحية أخرى، لا يعد التعامل مع الحكومات المنتخبة ديموقراطياً عمالة لها، ولا ينبغي له أن يعد كذلك، ولا يتضمن التعامل مع إدارة أو حكومة ديموقراطية ما موافقة مغفلة أو متضمنة على أي من سياساتها.

العمل في الأجواء الديموقراطية يسمح بـِ بل يتطلب العمل مع الآخر المختلف بل المختلف جداً. وموضوع التمثيل السياسي في الساحة الديموقراطية يتطلب العمل والمثابرة والاصرار على المشاركة حتى في الحالات التي تجري فيها الرياح بما لا تشتهي سفن بعض المشاركين، لأن من يغيب عن الساحة بإرادته يفقد تمثيله عملياً. فالأنظمة الديموقراطية لا تأخذ آراء المستنكفين والكسالى بعين الاعتبار عند صنع القرار، بل تكتفي باحترام حقهم بالاستنكاف ورفض المشاركة. إن الأنظمة الديموقراطية تسمح لكل الآراء أن تطرح نفسها على الساحة، لكن النجاح في التأثير على صنع القرار يتطلب العمل والتنظيم. لذا، فأن رفض العمل مع الأنظمة الديموقراطية، مهما كان العذر المقدم هنا (أنها ليست ديموقراطية فيما يتعلق بالمنطقة، أو أنها رأسمالية، أو عنصرية، إلخ.)، سيترك الساحة الدولية للأنظمة الديكتاتورية لتبقى هي الناطقة الوحيدة باسم شعوبنا، فتبقى تروج لوجهة النظر القائلة بأن شعوبنا ليست جاهزة للديموقراطية وأن البديل عن الأنظمة القائمة هي حكومات تقودها قوى التطرف والجهل في مجتمعاتنا، وأنه، في خاتم المطاف، لا وجود لبدائل مدنية حقيقية على الساحة، لأنها لو كانت موجودة فعلاً للاحظ الجميع وجودها.

وبمقاطعتنا للساحة الدولية نبقى نحن منقطعين عن ألفباء العمل المدني والسياسي، بأبعادهما المتشابكة دائماً، سواء في مجتمعاتنا أو المجتمعات الديموقراطية. لذا، ربما كان خيار المقاطعة تعبيراً عن عجز ويأس وإحباط وخيبة، أكثر منه تعبيراً عن قناعة عقائدية حقيقية.

اللحظة الراهنة
4 كانون الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

تشهد اللحظة الراهنة تكثفاً واضحاً للأزمة المجتمعية والسياسية في المنطقة. وفي حين يبدو أن الأنظمة الحاكمة وقوى التطرّف هي المستفيد الأكبر من هذا التطوّر، لا يوجد في الحقيقة ما يمنع بقايا المجتمع المدني في المنطقة من الاستفادة من هذا الوضع أيضاً. بل على العكس، الظروف ذاتها التي تستفيد منها الأنظمة وقوى التطرّف حالياً (ولنسمّها هنا بقوى الممانعة) يمكن لها أن تخلق أجواءاً مناسبة للعمل الثوري أيضاً. الكرة إذاً تقع في ملعب القوى التغييرية، والتحدي الماثل أمامنا يكمن في قدرتنا على تبنّي مقاربات أكثر محاكاة لروح العصر واللحظة الراهنة. لم يعد يجد بشيء أن نصرّ على التعلّل بالاستبداد والقمع والانقطاع عن الشارع لتبرّير اصرارنا على اليأس في هذه المرحلة الحرجة، فنحن إن لم نكن قادرين على تطوير أساليبنا ونهجنا، لن نصلح أبداً لقيادة العمليات التغييرية والثورية.

شروط الإدارة الناجحة لعمليات التغيير
14 كانون الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

أولاً: احترام الجماهير.
ثانياً: احترام الجماهير.
ثالثاً: احترام الجماهير.

لا يمكن للنخب التي لا تثق بشعوبها أن تحسن قيادة عمليات التغيير التي تهدف إلى تحرير هذه الشعوب، خاصة عندما تكون الحرية من الجهل هي إحدى الأهداف المرجوة لعملية التحرير. بل لا يمكن لهذه النخب أن تنجح في تحريض جماهيرها على المطالبة بالتغيير أساساً، ناهيك عن العمل على إحقاقه، ما لم تحسن مخاطبتها باحترام كبير وحقيقي لعقولها وإرادتها. فالاحترام المنشود هنا ليس مجرد كلمة تقال، بل عملية تنطوي على استعداد لتقبل حكم الجماهير حتى وإن جانبها الصواب، في اعتقادنا، إذ من الأفضل لو أخطأت الجماهير ألف مرة، على أن نخطأ نحن مرة واحدة. ومشكلتنا أنا أخطأنا كثيراً في الماضي بحق جماهيرنا وشعوبنا، أكثر بكثير مما أخطأت هي بحقنا.

هل يحتاج التغيير الثوري إلى قيادات موحّدة؟
18 كانون الأول، 2008 / مدونة "رسائل مقتضبة"

تتكاثر الجهود دائماً في الأوساط المعارضة حول ضرورة توحيد الجهود فيما تعلق بالمساعي الجارية لقيادة عمليات التغيير والحصول على تأييد دولي لها. وتبدو قوى المعارضة في غياب هذه الوحدة، أو في غياب الإطر الائتلافية المناسبة، ضعيفة ومفكّكة وغير قادرة على إقناع أحد بجديتها.

لكن الخطأ الكلاسيكي الذي يقع فيه الكثيرون هنا في محاولتهم لتجاوز هذا الواقع هو الاصرار على محاولة توحيد المعارضة من خلال طروحات ومقاربات أقرب إلى التنظير منها إلى التأسيس الحقيقي لآليات عمل مشترك فعالة، وذلك لتجاهلها للخلافات الشخصية والإيديولوجية والعملاتية الحادة الموجودة بين الأحزاب والحركات المختلفة. وبذا، تضيع الجهود على محاولات لتركيب تحالفات لا تعمر أكثر من أشهر قليلة في الكثير من الأحوال، أو أنها سرعان ما تتحول إلى أجساد مترهلة وعديمة الجدوى: ثقوب سوداء تشفط الجهود والأموال.

ربما كان من الأفضل والأنجع في الحقيقة لو قامت التجمعات المختلفة بتركيز جهودها أكثر على تكوين قواعد دعم شعبية لرؤيتها ونشاطاتها، لأن هذا هو في خاتم المطاف النشاط الأهم والأساس لأي حركة تغيير جديرة بهذه الصفة.

ومع الوقت، ومع العمل، يمكن للحركات التي أثبتت تواجدها على ساحة الفرز الحقيقية، ألا وهي ساحة الرأي العام والعمل الشعبي، أن تجد طرقاً ناجعة للتواصل وتنسيق الجهود.

وجود قيادات موحدة إذاً ليس شرطاً ضرورياً على الإطلاق للإقلاع بالعمل الثوري، فهذه المرحلة تعتمد أكثر على قدرة حركة معينة أو عدد من الحركات والمؤسسات على لعب دور رأس الحربة أو النواة التحريضية القادرة على بث ثقافة وروح ثورية مناسبة لإلهاب المخيلة الشعبية، خاصة في الأوساط الشبابية.

البداية: من الداخل
6 كانون الثاني، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

لا يمكننا أن نتحرر قبل أن ننجح في تمزيق الطبقة الأولى من الظلم التي تواجهنا؟ لا يمكن لنا أن نهرب من استحقاقات المواجهة الداخلية إذا ما أردنا فعلاً أن نكون أحراراً؟ لا يمكن لنا أن نحمي أنفسنا ونصون كرامتنا ضد الاعتداءات الخارجية طالما بقينا عبيداً لطغاة الداخل؟ إن الذين ينذرون أنفسهم للنضال ضد الخارج في الوقت الذي ترزح فيه مجتمعاتهم تحت نير الاستبداد، لا يزيدون عن كونهم أداة تفاوض وتساوم ما بين الأنظمة الحاكمة والقوى الخارجية. إلى متى نبقى مضلّلين؟ 

ديموقراطية الجهل أفضل
10 كانون الثاني، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

يقول مثقفونا بأن شعوبنا جاهلة وبحاجة إلى تثقيف ورعاية، لكن مشكلتنا أن مثقفينا أنفسهم وقفوا بلا حول ولاقوة في معظم الأحيان أمام تسلّط مجموعة من النخب الفاسدة لا تقل جهلاً في الواقع عن شعوبنا، وإن اختلفت عنها، كمياً على الأقل، في تعطّشها للثأر وإثراء الذات. والأنكى هنا أن الكثير من مثقّفينا ومتعلّمينا باعوا ضمائرهم وباتوا شركاء لهذه النخب!

ألم يأن، والحال كما نرى، أوان البحث عن بدائل أخرى تفسح المجال لهذه الشعوب الجاهلة أن تجرب حظها في إدارة شؤونها بنفسها، بلا وصاية من أحد؟ فمن يدري، ربما تثبت لنا الأيام أن ديموقراطية الجهل خير من ديكتاتورية العلم.

حلال على الشاطر
16 كانون الثاني، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

مهما بدت الظروف التي نمر بها اليوم مشابهة لما كانت عليه الأوضاع بالأمس القريب، تبقى العودة إلى الوراء أمراً مستحيلاً، وتبقى محاولة استنساخ الماضي محاولة يائسة لمنع تحولات لم يعد بوسعنا وقفها مهما حاولنا، وللامتناع عن دفع مستحقات طال تأجيلها، وتكاثر المطالبون بها. وهاهو المستقبل الذي طال انتظاره يدق على أبوابنا، بل هو على وشك تحطيمها، والخيار الحقيقي أمامنا، ليس خيار المقاومة والممانعة، بل خيار المشاركة ومحاولة الإمساك بزمام المبادرة ما أمكن.

إن عملية التغيير تخلق أزمة في ذات الوقت الذي توجد فيه فرصة، و "الشاطر" الحقيقي هنا هو الذي يحسن إدارة الأمور بطريقة تسمح له ليس فقط بتقليل وتحجيم الخسائر، بل بتحقيق بعض المكاسب الهامة أيضاً. وإذا ما كانت الأنظمة تبدو وكأنها في موقع يسمح لها باستغلال الفرصة أكثر من معارضيها، بسبب إمساكها بالكثير من مفاتيح اللعبة، وتحكمها بالأموال والمؤسّسات والموارد، تبقى هناك ساحات معينة تنتفي فيها أهمية هذه الأمور، وتتساوى فيها فرص جميع الأطراف، ألا وهي الساحات الفكرية، لأنه فقط من خلال هذه الساحات يمكن لنا رسم الرؤى المناسبة لتحفيز وتحريض الجماهير الأوسع. وحلال على الشاطر.

الرقص على أنغام الشارع
13 شباط، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

تتكاثر الأخبار والإشاعات والتقارير حوال نشاطات الحكومات والأنظمة والأحزاب والحركات، لكن التطورات الحقيقة التي ستغير الأوضاع في سورية والمنطقة ستجري في الشارع عما قريب، وسيقودها الناس. طوبى لـ "الرعاع"، إنهم قادمون.

الأزمة الحقيقية
10 آذار، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الأزمات الحقيقية التي تواجهنا كشعوب لا تتعلّق بما يحدث مع الحكام أو بما يفعله الحكام، لكن بما نفعله نحن، أو لا نفعله، لتحقيق آمالنا وطموحاتنا.

معارضة الأنظمة الشمولية
25 أيار، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

لا يمكن للأنظمة الشمولية أن تُعارض إلا بشكل كامل وقطعي. إذ لا مجال معها للحديث عن الاصلاح، ولا فائدة ترجى من الهُدَن.

التعصب فضيلة
25 أيار، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الحرية غير قابلة للتجزئة، والتعصب في المطالبة بها فضيلة.

الحياة عملية تمايز
8 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الحياة ليس لعبة تصفية وإقصاء، بل عملية تمايز وترتيب مستمرة.

الطغاة بشر
9 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

علينا أن نخلّص أنفسنا من إغراء التصوير الكاريكاتوري للطغاة.، فهم بشر مثلنا يحلمون ويحبون، مشكلتهم تكمن في عدم قدرتهم على توسيع دائرة أحلامهم وعلى استسلامهم الكامل للثقافة المنغلقة المميزة للزمر الضيقة التي ينتمون إليها. شرّهم نابع من إنتمائهم لدوائر مغلقة، هذا الانتماء الذي سرعان ما يصبح خياراً واضحاً ومقبولاً بالنسبة لهم عند بلوغهم بسبب الفوائد الجمة التي يعود بها عليهم، لذا، لا يمكن أبداً تبرئتهم من جرم الفساد والاضطهاد، بصرف النظر عن كونهم من الجيل المؤسس أو الجيل التابع، أو من الصف الأول في السلطة أو الصفوف الأدنى.

الصبر ضرورة
11 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الصبر ضرورة تكتيكية وليس بالضرورة فضيلة. فهناك أحيان كثيرة لا يزيد فيها الصبر عن أن يكون غطاءاً للجبن.

الفقر والصمت
13 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الفقر ليس عيباً، العيب في الصمت.

مع من نتحاور؟
15 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الدعوة للحوار مع الطغاة مبرر في حال واحدة فقط: أن يعتقد المرء أنهم غير مدركين لطبيعة أعمالهم. وحده الأحمق أو الوصولي من يعتقد أن الأنظمة في منطقتنا لا تدرك طبيعة أعمالها.

الخيار الثوري
17 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

لا يمكن معارضة الأنظمة الشمولية إلا بشكل مطلق. لا يوجد أي فرصة لبناء أرضية مشتركة معها، ولا أية فرصة للحوار. الخيار الثوري هو الخيار الوحيد.

الأنظمة والتنمية
19 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

رغبة الأنظمة الشمولية في منطقتنا في البقاء تدفعها نحو تفتيت مجتمعاتها على أسس طبقية وطائفية وقومية وعشائرية، لكي تسهل السيطرة عليها، بل قد تلجأ الأنظمة إلى افتعال صراعات حقيقية تصبح فيها طرفاً "خفياً" في حين تدعي أنها الحكم الأوحد. كيف يمكن لهذه الأنظمة أن تلبي احتياجات مجتمعاتنا التنموية؟ وكيف يمكن الركوس إلى الاعتقاد بأن الأنظمة هي أهون الشرور؟ ما هذا الاعتقاد إلاّ تهرّب من استحقاقات المواجهة.

الحرية والسلام
21 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

واهم كل من يعتقد أنه يمكن للسلام أن يتحقق على حساب الحرية، أو أن السلام يأتي في المصاف الأول، من ثم الحرية. تجربتنا في المنطقة تكذّب هذا الإدعاء، ولن تؤدي مساعي المتمسكّين بهذا الوهم إلاّ إلى تفاقم النزاعات وتكاثرها. الحرية أولاً، وإلاّ لا سلام، لا سلام، لا سلام.

مشروعية التطرف
23 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

يمكن للناس أن تفكر بشكل براجماتي (ذرائعي) أو معتدل عندما يكون لديها ما تخسره، لكن التطرّف يصبح القاعدة السائدة والمشروعة عندما لا يبقى لدينا ما نخسره. والسؤال: هل بقي لدينا ما نخسره ؟

إلى الأمام
25 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

نحن الحصيلة النهائية لمجموع خطواتنا، ويمكن أن نصبح أقل من لاشيء في الحساب التاريخي ما لم نصرّ على المضي إلى الأمام.

التاريخ والخير
27 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

التاريخ لا يرجح كفة الأخيار، بل كفة المنظّمين. التنظيم والاصرار، لا الخير، هو مفتاح النجاح في الحسابات التاريخية. وربما لهذا نجد أن التاريخ أكثر انحيازاً بطبيعته إلى الأنظمة والمؤسسات، بصرف النظر عن طبيعتها سواء كانت ديموقرطية أو ديكتاتورية، منه إلى الأفكار المجردة والأفراد، التغيير لم يكن أبداً بالأمر السهل، وغالباً ما يحدث غصباً عن التاريخ ذاته، أو ما يمكن أن نسميه بالعطالة التاريخية.

الحرية والعدالة
29 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الحرية والعدالة هما نتاج الإرادة الإنسانية لا الصيرورات التاريخية الطبيعية.

أساليب المواجهة
30 حزيران، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

لا يمكن للعمل الوطني الجاد في منطقتنا أن يتم إلاّ بمواجهة الأنظمة. هم الذين فرضوا خيار المواجهة علينا، ولم يعد بوسعنا أن نتجاهل هذا الواقع، بل علينا أن نعمل جاهدين كيلا يفرضوا علينا ايضاً أساليب المواجهة. يجب أن يبقى هذا الخيار لنا. حريتنا تبدأ هنا.

البطل المنتظر
1 تموز، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

علمونا في المدارس وكتب التاريخ أن البطولة حالة نادرة ونخبوية، لكن الحياة تعلمنا أن البطولة هي القاعدة في التاريخ وليست الاستثناء، وأن المواطن العادي في مواجهته الدائمة مع صعوبات الحياة اليومية وقدرته على التغلب عليها، في معظم الأحيان، هو البطل الحقيقي، إن هذا المواطن هو مفتاح التغيير الحقيقي في منطقتنا، وإذا كان ثمة أمل لنا للتخلّص من أنظمتنا الفاسدة والمفسدة والمستبدة، فلا يمكن لهذا الأمل أن يتحقّق إلاًّ على يدي هذا المواطن.

الإشاعات
7 تموز، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

للإشاعات والمبالغات دورها الكبير في أي مواجهة مصيرية، وقد لا تتجلّى الحقائق إلا في اللحظات الأخيرة للمعركة، وبعضها لن يتضح إلا بعد سنين وعقود من انتهاء المواجهة.

ردم الهوة
12 آب، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

نحن بحاجة إلى ردم الهوة التي باتت تفصلنا عن شعوبنا، وهذا يتطلب منا أن نصغي أكثر بكثير من أن نتكلم. لقد سئمت الشعوب كلامنا، ومواعظنا، وسئمت أكثر اتهامنا إياها بالجبن والجهل والتخاذل. الجبناء الحقيقيون هم من لا يثقوا بحكمة شعوبهم وقدرتها على محاكمة الأمور.

الحرية والعدالة
12 آب، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الحرية والعدالة وحكم القانون متطلبات لا يمكن للسلام، لا مع الداخل ولا مع الخارج، أن يقوم بدونها، الأولوية في حياتنا هي للحرية وللمؤسسات التي تصونها.

الحرية حاجة إنسانية وليست ظاهرة طبيعية
12 آب، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الحرية، العدالة، الكرامة، السلام... إنها ليست ظواهر أو خصائص طبيعية قابلة للتحقّق من تلقاء نفسها، بل هي تعابير مختلفة عن احتياجات إنسانية أساسية لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق العمل الدؤوب والمنظم يتم من خلاله فرضها على الحياة فرضاً.

الحياة منحازة
12 آب، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الحياة منحازة بشكل جوهري لما هو منظم ومعقد وقوي. لا اعتبار للعدالة والكرامة الإنسانية هنا. وهذا بالضبط هو ما يجعل الحياة أكثر انحيازاً لأصحاب السلطة والجاه والمال، فهم الأكثر قدرة على التنظيم في معظم الأحيان، لامتلاكهم أو سيطرتهم على الأدوات اللازمة لذلك، حتى في حال اسائتهم لإدارتها في الكثير من الأحيان. لذا لا يمكن معارضتهم، ولا يمكن كسب الحياة إلى جانبنا، إلا من خلال العمل المنظّم. ويشكل الاستعداد للمخاطرة والتضحية هنا المفتاح الأساسي الذي يمكن خلاله التعويض عن نقض الامكانيات المادية في مواجهتنا مع السلطة ومؤسساتها

المستقبل
12 آب، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

هل تعرف كم من الأشياء يتوجب عليك أن تتخلى عنها من أجل ان تحصل على تلك الأشياء التي ما زلت تحلم بها؟ هل تعرف حجم المخاطر التي عليك أن تواجهها والتضحيات التي عليك أن تبذلها من أجل تحقيق أحلامك؟ المستقبل يبدأ من اللحظة التي تصبح فيها قادراً على الإجابة على هذه الأسئلة.

المعنى
12 آب، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

عندما تفقد الحياة معناها في نظرك، فهذا يعني أن الأوان قد آن لتعطيها من معناك؟ هذا هو ثمن النضوج والاستمرار، في لحظة ما عليك أن تبدأ بالعطاء، لكي تتمكن من الانتماء.

مفتاح المعجزات
12 آب، 2009 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الاصرار على الأمل والعمل في وجه كل المحبطات والمثبطات هو مفتاح المعجزات.

الحلقة الأضعف
7 حزيران، 2010 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الواقع أن المواقف العربية حيال أميركا هي أكثر تعقيداً بكثير مما تبديه وسائل الإعلام التقليدية ويتناقله الأكاديميون. لكن حقيقة أن السياسة الخارجية لا تشكل أولوية بالنسبة للعرب لا ينبغي أن يشكل مفاجأة لأحد، فالسياسة الخارجية ليست من أولويات أي شعب، والشعوب أكثر إنشغالاً بقضاياها المعيشية منها بأي شأن آخر. لكن، لو فهم الناس الروابط الوثيقة ما بين السياسات الداخلية والخارجية لربما تغيرّت مواقفهم في هذا الصدد. هناك أسطورة منتشرة في أوساط الكثير من العرب مفادها أن قدرتهم على تسمية عدد كبير من القادة العالميين تجعلهم أكثر معرفة بالقضايا الدولية من الشعب الأميركي مثلاً، والذي بالكاد يعرف أسماء قادته. لكن المعرفة الحقيقية تتطلّب أكثر من القدرة على التعرّف على بعض الشخصيات، وفي الحقيقة لايقلّ جهلنا فيما يتعلّق بالقضايا والتطورات والصيرورات العالمية عن جهل غيرنا، لكننا ندفع ثمناً أكبر في هذا الصدد، لأننا نحن الحلقة الأضعف.

من يملك الأفكار؟
8 حزيران، 2010 / مدونة "رسائل مقتضبة"

الأفكار كونية بطبيعتها وهي ملك للجميع، شاء أصحابها الأوائل أم أبوا، والأفكار التي لاتقبل التجديد والتحديث تموت. البدعة ملح العقيدة. وأولئك الذين يسعون إلى حماية معتقداتهم مما يعتبرونه بدعاً يقتلونها بتحويلهم إياها لعقائد عقيمة غير قادرة على تبرير وتفسير نفسها من خلال الحوار مع كل ماهو رافد ومستجد.

العمل والمجاذفة
9 حزيران، 2010 / مدونة "رسائل مقتضبة"

إن تحويل الأفكار إلى أفعال والانطلاق من النظرية إلى الممارسة هو مفتاح التأثير على الصيرورات التاريخية، وهو أيضاً مفتاح عمل الشيطان. الأفكار والمبادئ بحد ذاتها فارغة من المعنى. لكن وضعها على المحك هو ما يفتح المجال أمام الفشل والخطأ، بل الخطيئة.

المناضلون
13 حزيران ، 2010 / مدونة "رسائل مقتضبة"

منا من يحترق، ومنا من يموت، ومنا من يعاند ويكابد، ومنا من يذوب شوقاً ولوعة، وحيرة وغضباً، كي تبقى جذوة للأمل حيّة مشتعلة في الصدور... بوركتم أيها المناضلون!

عن النقاب والعنف وخيارات المرأة
20 تموز، 2010 / مدونة "رسائل مقتضبة"

ما كل المنقّبات والمحجّبات معنّفات وضحايا، فللمرأة خيارات فيما يتعلّق بالحرية الشخصية لاتقلّ تعقيداً عن خيارات الرجل، ولعلّ في إصرارا مسلمات الغرب على ارتداء الحجاب أو النقاب بالرغم من الانطباعات السلبية المتعلّقة به هناك ووجود فرص كافية لهنّ للتمرّد لو شئن دليل واضح على تعقيد هذه المسألة، فكفّوا عن تبسيط الأمور وفرض الوصاية على المرأة باسم تحريرها. منع الحجاب أو النقاب لايقلّ امتهاناً وانتهاكاً للمرأة من فرضه عليها.

لا يوجد أي مبرّر مشروع للظلم
3 أيلول، 2010 / مدونة "رسائل مقتضبة"

ظلم حكّامنا لنا خيار وليس حادثاً عَرَضياً وهو بمثابة إعلان حرب من قبلهم علينا كأفراد وجماعات، وهو أيضاَ بمثابة خروج على المجتمع ورفض لكل القواعد والأعراف الناظمة للعلاقة ما بين الحاكم والمحكوم، وخيانة للوطن، لذلك، لايمكن النظر إلى المعارضة في دولنا من منطلق المفاهيم السياسية التقليدية، والمعارضة الوطنية الحقيقية في ربوعنا هي تلك التي تنظر إلى نفسها كحركة تحرير ومقاومة شعبية وتعمل على هذا الأساس وتتبنّى الآليات المناسبة لذلك. معركة التحرّر في مجتمعاتنا لم تنتهِ بعد، وما الاستقرار الحالي فيها إلا هدنة أو هدوء ما قبل الثورة... وهي لاشكّ قادمة، لأن هناك من يريدها ويخطّط لها.