الخميس، 31 أكتوبر 2013

الفوضى


* بعد عصر التفاؤل والصلف والفرص الضائعة، يأتي عصر الفوضى، هذه الفوضى التي يريدها البعض خلّاقة لتحقيق بعض المصالح، في حين لا فرق عند البعض الآخر أي نوع من الفوضى تكون طالما لم يكن لهم منها نصيب. لكن، وعلى الرغم من كل آلامه، يجلب عصر الفوضى معه أيضاً فرصاً حقيقية للزرع والبِذار، إنه عصر الكادحين بحقّ، وإن تكاثر الانتهازيون فيه كالجراد.

* يثبت التاريخ أن البشر اقتدوا بيهوذا وبلاطيوس وقابيل أكثر مما اقتدوا بالأنبياء والمخلّصين المزعومين، وذلك لأن المواقف المسندة لهؤلاء هي أقرب لما يمكن أن ينبع من إنسانيتنا المشتركة من تلك المسندة إلى الأنبياء والقديسين. إذ لا يمكننا كبشر الاقتداء فعلياً بمن هم منزّهين عن الخطأ ومعصومين عنه. لذا، على من أراد الاقتداء بأي من الأنبياء أو الشخصيات أن يحدّد أولاً زلّاته وعثراته ويتقبّل أنه كان خطّاءاً، عندها فقط سيكون بوسعه أن يتعلّم من صوابه، ويقتدي به.


الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

القدر


لا يمكن للقدر أن يهزم امرءاً عرف قدر نفسه وحقيقتها، وما جاء إصراره على تحدّي حدودها إلّا إخلاصاً لها ولإنسانيته المتوقّدة فيه والتي ترفض أن توأد تحت هياكل الخوف والوهم. يحمل هذا المرء نصره في داخله ويمضي حتى الموت، ذلك اللقاء الذي سيمثل أمامه يوماً كتتويج لا كهزيمة.


السبت، 26 أكتوبر 2013

السلام


* السلام الداخلي، كما الحكمة، بحث وصيرورة أكثر منه غاية أو وسيلة.

* لتجد سلامك الداخلي كن ضالته ولا تجعله ضالتك. واجه خوفك، انبذ وهمك، وصاحب شكّك، هكذا تجد نفسك وتفتح روحك للسلام.

* من جعل سلامه الداخلي ضالته فلن يجده، فضالة المرء نفسه، فإن وجدها، أدركه السلام.



الجمعة، 25 أكتوبر 2013

عقل وجسد


* لا تكاد هذه الأجساد البالية تفقه من نحن ومع ذلك فهي تقف لنا بالمرصاد: تشيخ وتهرم قبل أوانها فتحرمنا من الاستفادة من الخبرة الحياتية التي تراكمت فينا ومن سبر أغوار قدراتنا الكامنة التي يتطلّب اكتشافها أعماراً وليس عمراً واحداً فقط. نحن دائماً بحاجة إلى المزيد من الوقت للتواصل مع ذواتنا الحقيقية التي لا ندرك وجودها ومعناه إلّا متأخّرين، بحيث تصبح حياتنا ضياعاً في ضياع، لا نكاد ندرك ثراها حتى تفلت من بين أصابعنا. ومع ذلك كله، مازالت مسيرتنا التاريخية مسيرة تصاعدية، ربما لحكمة ما كامنة في لاوعينا المشترك.

* يقرّر العقل للوهلة الأولى أن ما من شيء يحدث قبل أوانه، لكنه سرعان ما يتدارك نفسه ويقرّ أن كلّ شيء تقريباً يحدث قبل أوانه، وإلّا ما معنى لاجهوزيتنا الدائمة للتعامل مع المتغيّرات فينا ومن حولنا؟ نعم، كلّ شيء يحدث قبل أوانه ما خلا إدراكنا العميق لجسامة المسؤوليات المناطة بنا في هذه الحياة، فهذا الإدراك لا يأتي إلا متأخّراً وغالباً بعد فوات الأوان. ولذا، تجدنا مقصّرين دائماً بحقّ أنفسنا وبحقّ العالم من حولنا: هذا هو الانعكاس الحقيقي للنقصان فينا.


الخميس، 24 أكتوبر 2013

الظروف


* الحلول الأمنية لا تعالج أية من المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمعات، ولا تحصّنها من تلاعب القوى الخارجية، ولا تحافظ على الاستقرار إلى ما لا نهاية، ولا تعيد فرضه بعدانهياره، ولا تمهّد الطريق إلى الحرية، بل إلى الكارثة وحسب، ولا تحقّق التنمية، ولا تزيد الوعي. ولا يراهن على الحلول الأمنية إلّا كلّ مفلس ومجرم وجبان.

* ما يجري اليوم في سوريا هو نتاج ظروف موضوعية وعضوية، وإن كان ثمّة تدّخلات ومؤامرات خارجية فما كان يمكن لها أن تحدث لولا هذه الظروف. ولا يمكن التوصّل إلى حلّ لمأزقنا إلّا بمواجهة هذه الظروف.

* المجتمعات غير الواعية هي بالذات المجتمعات التي تثور لأن الثورة فيها تشكّل الطريق الوحيد لتحريك الأوضاع وكسر حاجز الجمود، أما المجتمعات الواعية فلاحاجة لها للثورة لأنها تعلّمت من عصور الثورات التي مرّت بها كيف تحلّ مشاكلها وتواجه تحدّياتها من خلال العملية السياسية والحراك الشعبي السلمي.


الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

المحبة


* أنبل الغايات لا تدرك إلا بالمحبة.

* المعرفة أداة، والمحبة طريق.

* تفقد المعرفة قيمتها الحقيقية عندما لا تصحبها المحبة، وتصبح أداة للجفاء وللموت.


الفتنة


ما يعتصر الروح في زمن الفتنة هذا اصرار كل طرف على التآمر على نفسه ظاناً أنّه يكيد للطرف للآخر، فيقع ضحية لأكاذيبه ذاتها ولحقده وسوء تدبيره. وأسوأ ما في الأمر انسياق الجموع في كل طرف وراء ذات النخب والشخصيات المفلسة التي مهّدت الطريق للفتنة والتي لا تتوقّف لحظة عن استغلالها وتجييرها لخدمة مصالحها الخاصة التي لا تنسجم بأية حال مع المصلحة العامة للطرف الذي تدّعي تمثيله. لحظة واحدة من الصدق مع النفس قد تقلب المعادلة، لكن الصدق مع النفس كان ويبقى عملة نادرة في صفوفنا. المخاوف والأحقاد تبقى أقوى وأعمق من أي لحظة عابرة من الصدق. لكن الحلّ لأزمتنا يبقى مرتهناً بقدرة كلّ طرف على قلب الموائد ضد المؤجّجين الحقيقيين لهذه الأحقاد والمسعّرين الحقيقيين لهذه النيران، فهم من يجب أن يدفع الثمن، فما لم يتكفّل كل طرف بالتصدّي لشياطينه لن يتحقّق السلام وستبقى الشياطين جاثمة على صدورنا تقتات على دمائنا وتتندّر وتقهقه.


الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

أمل


* نعم، كل شيء من حولنا اليوم يوحي باليأس، ولهذا بالذات تروني مصرّاً على التفاؤل والعمل، فالاصرار في ظروف كهذه هو جوهر الإيمان الحقيقي بالنسبة لي، إنّه إيمان بإرادة الحياة الكامنة فينا وقدرتها على تحقيق المعجزات.

* إذا كان ما يزال للإيمان دور في حياتنا فهو ليعطينا العزيمة والأمل في الوقت الذي لا تلهمنا فيه الظروف الموضوعية إلّا اليأس والإحباط. ما لم يحقّق إيمانك لك ذلك لا إيمان لك ولا قضية.

* من السهل نسبياً تحمّل تبعات الهزيمة لأنّها في جوهرها استسلام للمحتوم، لكنّ التعامل مع النصر أعقد بكثير،لأنّ العمل الحقيقي لا يبدأ إلّا بعده، فتحديات ما بعد النصر تمثّل الأهداف الحقيقية للحرب أو الثورة. حقاً، لا راحة لمنتصر فعلى عاتقه تقع كلّ المسؤوليات. لذا نرى البعض يتصرّفون وكأنّهم يفضّلون الهزيمة على النصر، لأنهم ببساطة لا يحسنون إلا الاستسلام للقدر وركوب أمواجه. أما الأخذ بزمام المبادرة والعمل الخلّاق فهي نشاطات تتجاوز إمكانياتهم النفسية والفكرية.


الجمعة، 18 أكتوبر 2013

الوعي


ما بوسع المرء أن يختار أن يكون أوعى، لكن بوسعه أن يختار تحرير نفسه من سطوة الأوهام والمخاوف، وأن يواجه الحياة كما هي، وكما هو، فمن أحداث هذه المواجهة وتفاصيلها ينبثق الوعي: الوعي خبرة، وليس خياراً. ولأنه خبرة، لا يمكن استعجاله.


الاثنين، 14 أكتوبر 2013

أبناء المستقبل


* بات بعضنا أحراراً إلى درجة لم يعد بوسعهم معها التأثير بشكل مباشر في محيطهم، مهما قالوا أو فعلوا، إذ لم يعد يربطهم به شيء ما خلا بعض الاحتياجات والرغبات العابرة. لا الموروث بات يعنيهم، ولا الأعراف، ولا التقاليد. لقد أصبح الماضي بالنسبة لهم ماضياً بالفعل، ولم تعد أحقاده وتحزّباته تعنيهم بشيء، ولم يعد له أية سلطة عليهم، ولم يعد انتمائهم إلى أي شيء غير إنسانيتهم مقبولاً أو ممكناً بالنسبة لهم. لقد كسروا كل القيود، وحرّروا أنفسهم حتى من أنفسهم، ولم يعد بوسعهم العودة إلى الوراء أو حتى إلقاء نظرة عابرة على العالم الذي نبذوه وراء ظهورهم، فنبذهم. وكيف لا ينبذوه بعدما عرفوا حقيقته وخبِروا زيفه؟ وكيف لا ينبذهم وهم يتراؤن له كأشباح: مخلوقات من هيبة وألق خرجوا من نسيجه دون أن يصيبهم هلع أو برد، في وقت مايزال غيرهم فيه غرقى في مستنقعات الخوف والفاقة؟ أما هم، فحتى الحاضر بالنسبة لهم أصبح عبثاً لأن قيود الماضي فيه ما تزال ظاهرة وقوية. ولا يأتي إصرارهم على العمل في هذه المرحلة إلا من باب البِذار والتحضير لمستقبل قد لا يرونه بأعينهم لكنهم أصبحوا يعيشونه بتفاصيله اليوم. إنهم بيننا، لكنّهم لم يعودوا منّا، وإن كانوا ما يزالون بشراً فهم بالتأكيد لم يعودوا بشراً مثلنا، لأنهم أحرار بالفعل والقول والروح. إنهم في آن أبناء المستقبل وآبائه المؤسّسون. ومابوسع أحدنا أن يختار الانضمام إليهم، فالانخراط في صفوفهم ليس خياراً، بل صيرورة، وليس تفضيلاً وتشريفاً، بل تكليفاً مرهقاً، ومحنة، وعزلة. نحن نزرع ونجني، والأقدار تغربل وتجتبي. 

* لابد أن تبقى الأسئلة المتعلّقة بوجودنا مفتوحة لكي لا تتحوّل إلى قضبان لسجن جديد.

* لا أسعى من خلال كتاباتي إلى تأسيس يقين جديد بل هدم يقين قديم مازالت سطوته تخنقنا. 

* كل كلماتي أسئلة، لا أجوبة لدي. 


الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

العبثية


* تنجم عبثية الحياة أساساً عن عدم قدرتنا على تمثّل المبادئ التي ندّعي الإيمان بها عندما تتعارض مع مصالحنا ورغباتنا، وهي لذلك تمثّل القدر الذي نصنعه لأنفسنا جرّاء فشلنا المستمر في تنمية إحساس حقيقي بوحدتنا وبكوننا روح وجسد واحد في مواجهة الكون، بمجهوله ومعلومه. ويبدو واضحاً أنّا لا زلنا لا نحسن بعد كيفية التعامل مع الخوف والمجهول بشكل ينمّي فينا جميعاً الرغبة في البناء والحياة، ومازلنا نرتكس لذلك إلى غريزة البقاء التي تقف في وجههما عاجزة إلا عن العنف. هذا، فيما يبدو، سرّ إحساسنا المستمرّ بالقهر ومصدر نزيفنا الروحي الذي لا يكاد يتوقّف.

* لست أدري من أنا، أو من كنتُ، أو من سأكون، لست أنا من ينبغي عليه الإجابة على هذا السؤال، لأني أنا السؤال، أما الإجابة فتصوغها الأقدار ويتلقفها الكون.

* غريزة البقاء تحثّ بطبيعتها على تجنّب المخاطر وتفضيل الاستقرار والقبول بالواقع القائم كما هو، أما إرادة الحياة فتدفع المرء إلى المغامرة بمواجهة المخاطر رغبة فيما هو أفضل، أو حتى لمجرّد الفضول.

* البعض منا يختزل الحياة كلّها، بمعلومها ومجهولها، ببضع كلمات مقدّسة، ومن ثم يتلهّى بالموت.


الأحد، 6 أكتوبر 2013

أنا الإنسان


* أنا الإنسان، أنا السؤال الذي طرحه الكون، سهواً، على نفسه.

* لا أحبّ زراعة الشكّ، فالشكّ مرّ، لكني لم أعهد سمّاً أخطر على الإنسان وأحلى مذاقاً من اليقين. ففي مرارة الشكّ حياة، وفي حلاوة اليقين موت، فكيف لا أزرع الشكّ وأكابد مرارته؟

* أريد ذاكرة تحميني من الحقد ولا تسعّره فيَّ، ويقيناً يستقوي بيَّ لا عليَّ.

* الفرق شاسع ما بين غريزة البقاء وإرادة الحياة، فالأولى تنمّ عن الخوف وتفرز العنف والكراهية، أم الثانية فتنبع من المحبة ومن الرغبة في المعرفة وعدم الاكتفاء بالعيش في أمان الجحور، مع كل ما يمكن أن يجلبه هذا التوجّه من مخاطر. إذ تمثّل إرادة الحياة محاولة مستمرّة لتحقيق ما هو أفضل انطلاقاً من الإيمان العميق بضرورته وبإمكانية تحقيقه. ولقد أثبت التاريخ أن إرادة الحياة هي الأقوى وإلا لما تركنا العيش في الأدغال والكهوف.

* من يسعى إلى تحقيق الاستقرار وإن على حساب الحرية يخسرهما معاً، لإن الاستقرار في البيئة الظالمة صراع مؤجّل وعبودية مقنّعة.

* الشكَ أسّ الفكر، إذ لا ينبع فكر عن يقين، وكل ما كتب في اليقين وعنه ما كان إلا محاولة ملغومة بالشكّ للتهرّب من الشكّ.